Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 126-128)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ } أي أردتم المعاقبة . قوله : { وَلَئِن صَبَرْتُمْ } أي عفوتم وتركتم القصاص . قوله : { لَهُوَ } بضم الهاء وسكونها ، قراءتان سبعيتان . قوله : ( فكف ) أي عن التمثيل بهم . قوله : { وَٱصْبِرْ } الخطاب للنبي ، والمراد به العموم ، تعليماً للأمة حسن الأدب . قوله : { وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِٱللَّهِ } أي بإقداره لك عليه لا بنفسك ، فإن الصبر كالحب والبغض قائم بالقلب ، والقلب بيد الله يقلبه كيف يشاء ، فمن خلق الله فيه الصبر صبر ، ومن لا فلا ، فليس للعبد مدخل فيه . قوله : { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } أي لا تتأسف على إعراضهم عن الهدى . قوله : { وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ } بفتح الضاد وكسرها ، قراءتان سبعيتان ، أي لا يكن فيه ضيق ، فالكلام على القلب ، وإنما أتى به مقلوباً ، إشارة إلى أن الضيق إذا اشتد ، كان كالشيء المحيط ، وأتى هنا بحذف نون تك ، وفي النمل بإثباتها تفنناً ، لأن حذفها للتخفيف ، وهو حذف غير لازم ، قال ابن مالك : @ ومن مضارع لكان منجزم تحذف نون وهو حذف ما التزم @@ لأن أصل يك يكون ، دخل الجازم فسكن النون فالتقى ساكنان ، حذفت الواو لالتقائهما ، حذفت النون تخفيفاً . قوله : ( أي لا تهتم بمكرهم ) أشار بذلك إلى أن ما مصدرية ، تسبك مع ما بعدها بمصدر . قوله : ( بالعون والنصر ) أشار بذلك إلى أن المعية مع المتقين ، والمحسنين معية معنوية خاصة ، وهذا لا ينافي قوله تعالى { وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ } [ المجادلة : 7 ] لأن المعية خاصة وعامة ، فالعامة بالتصريف والتدبير لكل مخلوق ، والخاصة بالإعانة والنصر والرضا ، للمتقين والمحسنين ، أحياء وأمواتاً ، فرضا الله على المتقين والمحسنين دائم مستمر لا ينقطع ، فإذا كان كذلك ، فينبغي زيارة الصالحين وخدمتهم ، لكونهم في حضرة الرضا أحياء وأمواتاً ، لا ينقطع عنهم مدد ربهم ؛ وقوله في الحديث " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ، علم ينتفع به " الخ ، المراد ثواب أعمالهم المتجدد ، فلا يتجدد لهم ثواب عمل ، وأما ما ثبت لهم في نظير العمل السابق ، فهو دائم مستمر ، وإنما يتجدد لهم ثواب علم خلفوه ، أو ولد صالح ، إلى آخر ما في الحديث . ومن هنا زيارة الصالح الحي ، أفضل من زيارة الصالح الميت ، لأن الحي أعماله كلها مستمرة الصعود ما دام حياً ، ويتجدد له ثوابها ، ولذلك تضن روح المؤمن الصالح بالحياة ، فلا تحب الموت ، لأن فيه عزلها عن خدمة ربها ، التي هي أشرف الأشياء وأفضلها .