Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 67-68)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ } خبر مقدم ، والمبتدأ محذوف قدره المفسر بقوله : ( ثمر ) ، قوله : { تَتَّخِذُونَ } نعت لذلك المحذوف ، والضمير في { مِنْهُ } عائد على ذلك المحذوف . قوله : ( خمراً ) أي وقيل إنه اسم للخل بلغة الحبشة ، وقيل اسم للعصير ما دام حلواً ، وتسميته سكراً باعتبار ما يؤول إليه ، وعلى هذين التفسيرين ، فالامتنان به باق لم ينسخ . قوله : ( سميت بالمصدر ) أي فالسكر مصدر سكر من باب فرح . قوله : ( وهذا قبل تحريمها ) أي لأن هذه السورة مكية ، وتحريم الخمر كان بالمدينة ، نزلت به سورة المائدة وهي مدنية . قوله : ( والدبس ) هو عسل الرطب ويطلق على عسل العنب . قوله : ( المذكور ) أي من إخراج اللبن على هذه الكيفية ، واتخاذ السكر والرزق من الثمرات . قوله : { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ } لما ذكر سبحانه وتعالى ، ما يدل على باهر قدرته وعظيم حكمته ، من إخراج اللبن من بين فرث ودم ، وإخراج السكر والرزق الحسن من ثمرات النخيل والأعناب ، ذكر إخراج العسل الذي جعله شفاء للناس من النحل ، وهي دابة ضعيفة ، لما فيه من العجائب البديعة والأمور الغريبة ، وكل هذا يدل على وحدانية الصانع ، وقدرته وعظمته . قوله : { إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ } هو اسم جنس جمعي ، يفرق بينه وبين واحده بالتاء ، كنمل ونملة ، وشجر وشجرة ، ويذكر ويؤنث ، فمن التأنيث قوله هنا { أَنِ ٱتَّخِذِي } ويجوز في غير القرآن تذكيره فيقال أن اتخذ . قوله : ( وحي إلهام ) أي هداية ورشد ، لا وحي نبوة ، إذ هي مستحيلة على غير المختصين من بني آدم ، فمن أثبتها لغير النوع الإنساني فقد كفر . قوله : ( مفسرة ) أي لتقدم جملة فيها معنى القول دون حروفه وهو قوله : { وَأَوْحَىٰ } . قوله : ( أو مصدرية ) أي فهي وما دخلت عليه ، في تأويل مصدر مجرور بالباء ، والتقدير أوحى ربك إلى النحل باتخاذها . قوله : { مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً } أي أماكن و { مِنَ } بمعنى في ، أي اتخذي في الجبال أماكن تأوين إليها الخ . ومن عجيب قدرته تعالى ، أن ألهمها اتخاذ بيوت على شكل مسدس ، من أضلاع متساوية ، لا يزيد بعضها على بعض ، وليس فيه فرج خالية ولا خلل ، وألهمها الله تعالى ، أن تجعل عليها أميراً كبيراً نافذاً حكمه فيها وهي تطيعه ، وهذا الأمير أكبرها جثة وأعظمها خلقة ، يسمى يعسوب ، وألهمها سبحانه وتعالى ، أن تجعل على كل باب خلية بواباً ، لا يمكن غير أهلها من الدخول إليها ، وألهمها أن تخرج من بيوتها فتدور وترعى ، ثم ترجع إلى بيوتها ولا تضل عنها . قوله : { وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } أي وفيما ( يبنون لك ) أي فالنحل تارة تبني بيوتها التي هي من الشمع والماء ، تارة في الجبال ، وتارة في الأشجار ، وذلك في النحل الوحشي ، وتارة تبنيه في الخلايا ، وهذا في النحل الأهلي . قوله : ( وإلا لم تأو إليها ) أي وإلا بأن لم يلهمها الله اتخاذ البيوت في الأماكن الثلاثة لم تأو إليها ، فيضيع عسلها ولا ينتفع به .