Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 28-28)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ } في هذه الآية أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بمراعاة فقراء المسلمين والجلوس معهم ، وهي أبلغ من آية الأنعام ، لأن تلك إنما نهي فيها عن طردهم ؛ وهذه أمر بحبس نفسه على الجلوس معهم ، وكأن الله يقول له : احبس نفسك على ما يكرهه غيرك ، من رثاثة ثياب الفقراء ورائحتهم الكريهة ، ولا تلتفت لجمال الأغنياء وحسن ثيابهم ، فإن حسن الظاهر مع فساد الباطن غير نافع . قال الشاعر : @ جَمَالُ الْوَجْهِ مَع قُبْحِ النُّفُوسِ كَقنْدِيلٍ عَلَى قَبْرِ المَجُوسِ @@ قوله : { مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم } أي يعبدونه . قوله : { بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } المراد بالغداة : أوائل النهار وآواخر الليل ، وبالعشي : أوائل الليل وآواخر النهار ، وحينئذ فقد استغرقوا أوقاتهم في العبادة . قوله : { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } أي يقصدون بعبادتهم ذات ربهم ورضاه عليهم . قوله : ( لا شيئاً من أعراض الدنيا ) ولا شيئاً من نعيم الجنة ، وهذا مقام الكمل ، والصحابة به أحرى . قوله : ( تنصرف ) { عَيْنَاكَ عَنْهُمْ } هو كناية عن الإعراض عنهم ، أي لا تعرض عنهم ، بل أقبل عليهم ، وهو جواب عما يقال كان مقتضى الظاهر ، ولا تعد عينيك بالنصب ، لأنه فعل متعد ، مع أن التلاوة بالرفع لا غير ، فأجاب المفسر بأنها وإن كانت بالرفع ، إلا أنها ترجع لمعنى النصب ، لأن الفعل مسند للعينين ، وهو في الحقيقة مسند لصاحبهما ، ولذلك عبر بتنصرف ، لتصحيح رفع العينين دون تصرف . قوله : { تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } الجملة حال من الكاف في { عَيْنَاكَ } والشرط موجود ، وهو كون المضاف جزءاً من المضاف إليه ، والمعنى لا تنصرف عيناك عنهم ، حال كونك طالباً زينة الدنيا ، بمجالسة الأغنياء ، وصحبة أهل الدنيا ، والخطاب للنبي ، والمراد هو وغيره ، وإنما خوطب النبي وإن كان معصوماً من ذلك ، تسلية للفقراء وتطميناً لقلوبهم . قوله : ( وهو عيينة بن حصن ) أي الفزاري أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم ، وعنده جماعة من الفقراء ، منهم سلمان وعليه شملة صوف قد عرق فها ، وبيده خوص يشقه وينسجه ، فقال عيينة للنبي : أما يؤذيك ريح هؤلاء ؟ ونحن سادات مضر وأشرافها ، إن أسلمنا تسلم الناس ، وما يمنعنا من اتباعك إلا هؤلاء ، فنحهم عنك حتى نتبعك ، أو اجعل لنا مجلساً ولهم مجلساً ، وقد أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه ، وكان في حنين من المؤلفة قلوبهم ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم منها مائة بعير ، وكذا أعطى الأقرع بن جابس ، وأعطى العباس بن مرداس أربعين بعيراً . وقيل : نزلت في أصحاب الصفة ، وكانوا سبعمائة رجل فقراء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يخرجون إلى تجارة ولا زرع ولا ضرع ، يصلون صلاة وينتظرون أخرى ، فلما نزلت قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم " . قوله : { فُرُطاً } مصدر فرط سماعي ، أي متجاوزاً فيه الحد .