Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 23-26)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَأَجَآءَهَا ٱلْمَخَاضُ } أي ألجأها . قوله : ( لتعتمد عليه ) أي فاعتمدت عليه ، وقيل حضنته وكان يابساً فاخضر وأثمر لوقته . قوله : ( فولدت ) أي ببيت لحم ، فخافت عليه ، فجاءت به إلى بيت المقدس ، فوضعته على صخرة ، فانخضت الصخرة له وصارت كالهمد ، وهي الآن موجودة تزار بحرم بيت المقدس ، ثم بعد أيام توجهت به إلى بحر الأردن فغمسته فيه ، وهو اليوم الذي يتخذه النصارى عيداً ويسمونه يوم الغطاس ، وهم يظنون أن المياه في ذلك اليوم تقدست ، فلذلك يغطسون في كل ماء . قوله : ( في ساعة ) هو الصحيح ، وقيل حملته في ساعة ، وصور في ساعة ، ووضعته في ساعة ، وقيل كان مدة حملها تسعة أشهر ، وقيل ثمانية أشهر ، وقيل ستة أشهر ، وسنها إذ ذاك عشر سنين ، وقيل ثلاث عشرة سنة ، وقيل ست عشرة سنة . قوله : { يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا } إنما تمنت الموت لئلا تقع المصيبة بمن تتكلم في شأنها بسوء ، وإلا فهي راضية بما بشرت به . قوله : { وَكُنتُ نَسْياً } بكسر النون وفتحها قراءتان سبعيتان ، وقوله : { مَّنسِيّاً } تأكيد لنسياً . قوله : { فَنَادَاهَا } أي لما شق عليها الأمر وعلمت أنها تتهم ، ولا بعد لعدم وجود بينة ظاهرة تشهد لها ، قيل أول من علم بها يوسف النجار ، وكان رفيقاً لها يخدمان المسجد ، ولا يعلم من أهل زمانهما أحد أشد عبادة واجتهاداً منهما ، فبقي متحيراً في أمرها ، ثم قال لها : قد وقع في نفسي من أمرك شيء ، وقد حرصت على كتمانه ، فغلبني ذلك ، فرأيت أن أتكلم به أشفي صدري ، فقالت : قل قولاً جميلاً ، قال : أخبريني يا مريم ، هل ينبت زرع بغير بذر ؟ فقالت : نعم ، ألم تعلم أن الله أنبت الشجرة بالقدرة من غير بذر ولا غيث ؟ أو تقول : إن الله تعالى لا يقدر أن ينبت الشجرة حتى استعان بالماء ، ولولا ذلك لم يقدر على إنباتها ؟ قال يوسف : لا أقول هذا ، ولكني أقول : إن الله يقدر على ما يشاء ، يقول له كن فيكون ، قالت مريم : ألم تعلم أن الله تعالى خلق آدم وامرأته من غير ذكر ولا أنثى ، فعند ذلك زال ما في نفسه من التهمة ، كان ينوب عنها في خدمة المسجد مدة نفاسها . قوله : { مِن تَحْتِهَآ } بفتح الميم وكسرها قراءتان سبعيتان ، فعلى الأولى الفاعل هو الموصول وتحتها صلته ، وعلى الثانية الفاعل ضمير مستتر ، والجار والمجرور متعلق بنادي . قوله : ( أي جبريل ) تفسير لمن على الفتح ، والضمير المستتر في نادى على الكسر ، وقيل المنادي لها عيسى ، ومعنى كونه تحتها أسفل ثيابها ، وحينئذ فيكون قوله : { أَلاَّ تَحْزَنِي } إلى قوله : { فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً } أول كلام عيسى . قوله : ( وكان أسفل منها ) أي كان جبريل في مكان أسفل من مريم . قوله : { أَلاَّ تَحْزَنِي } يحتمل أن تكون { أَنْ } مفسرة وقد وجد شرطها ، وهو تقدم ما هو بمعنى القول ، و { لاَ } ناهية وحذفت النون للجازم ، أو ناصبة ولا نافية ، وحذفت النون للناصب . قوله : ( نهر ماء ) أي وجمعه سريان كرغيف ورغفان ، ويطلق السري على الشريف الرئيس ، وأصله سريو ، اجمتعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء كسيد ، ويكون المراد به عيسى ، وما مسى عليه المفسر ، أظهر لمناسبة قوله : { فَكُلِي وَٱشْرَبِي } . قوله : ( كان انقطع ) أي ثم جرى واملأ ماء ببركة عيسى وأمه . قوله : ( والباء زائدة ) أي ويصح أن تكون أصلية ، والمفعول محذوف ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لرطباً ، والتقدير وهزي إليك رطباً كائناً بجذع النخلة . قوله : ( وفي قراءة بتركها ) أي التاء مع تخفيف السين وفتح القاف وبقي قراءة سبعية أيضاً وهي ضم التاء مع كسر القاف بمعنى تسقط فرطباً مفعول به . قوله : ( تمييز ) أي على القراءتين اللتي ذكرهما المفسر على الثالثة . قوله : { جَنِيّاً } أي تاماً نضجه صالحاً للاجتناء . قوله : { وَقَرِّي عَيْناً } العامة على فتح القاف من قر يقر ، بكسر العين في الماضي ، وفتحها في المضارع من باب تعب ، وقرئ شذوذاً بكسر القاف ، وهي لغة نجد فتح العين في الماضي وكسرها في المضارع من باب ضرب . قوله : ( أي تسكن ) أي فهو من القرار بمعنى عدم الحركة ، ويصح أن يكون من القر وهو البرد ، لأن العين إذا فرح صاحبها ، كان دمعها بارداً ، وإذا حزن كان دمعها حاراً ، كأنه قال : اتركي الحزن وافرحي بما أعطاك ربك . قوله : ( حذفت منه لام الفعل ) أي وأصله ترأيين ، بمهزه عين الكلمة وياء مكسورة ، هي لامها ، وأخرى ساكنة هي ياء الضمير ، والنون علامة الرفع ، نقلت حركة الهمزة إلى الراء فسقطت الهمزة ، فتحركت الياء وانفتح ما قبلها ، قلبت ألفاً فالتقى ساكنان حذفت لالتقائهما ، ثم أكد بالنون وحرك بالكسر ، ففيه ست إعمالات ، نقل الحركة وسكون الهمزة وقلب الياء ألفاً وحذفها وتأكيد بالنون وتحريكه بالكسر ، وإن نظرت لحذف نون الرفع للجازم كانت سبعة ، أفاد المفسر منها خمساً ، ولم يرتبها كما يعلم بالتأمل . قوله : ( فسألك عن ولدك ) جواب عما يقال إن قولها { فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً } كلام فقد حصل التناقض ، فأجاب : بأن المراد : إذا رأيت أحداً من البشر ، وسألك عن أمرك فقولي الخ ، ويكون إنشاء النذر من حين قولها للسائل تلك المقالة . قوله : { صَوْماً } قيل كان في بني إسرائيل من أراد أن يجتهد ، صام عن الكلام كما يصوم عن الطعام ، فلا يتكلم حتى يمسي ، وفي هذا دلالة على ترك مجادلة السفهاء والتكلم معهم فإنه أغيظ لهم . قوله : ( مع الأناسي ) أي لا مع الله كالذكر ولا مع الملائكة ، لما ورد أنها كانت تكلم الملائكة ، ولا تكلم الإنس ، والأناسي بفتح الهمزة جمع إنسي أو إنسان ، وأصله على هذا أناسين ، قلبت النون ياء وأدغمت في الياء . قوله : ( أي بعد ذلك ) أي بعد قولها : { إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً } .