Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 17-18)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مَثَلُهُمْ } لما بين قبائحهم وعقابة أمرهم شرع يضرب أمثالهم ويبين فيه وصفهم وما هم عليه . قوله : ( صفتهم ) أشار بذلك إلى أن المثل بالتحريك هنا معناه الصفة ، وليس المراد به المثل السائر وهو كلام شبه مضربه بمورده لغرابته كقولهم الصيف ضيعت اللبن . وقوله تعالى : { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً } [ النحل : 75 ] الآية ، وإنما فسره بالصفة ولم يفسره بالمثل بمعنى الشبه ، لئلا يلزم عليه زيادة الكاف ، والأصل عدم الزيادة ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مثل التقدير صفتهم كائنة مثل صفة ( الذي استوقد ناراً ) ، ويصح في هذه الكاف أن تكون اسماً وهي نفسها هي الخبر ، وإنما جربها لأنها على صورة الحرف وأن تكون حرفاً متعلقة بمحذوف وعلى كل معناها مثل . قوله : { ٱسْتَوْقَدَ } راعى في الإفراد لفظ الذي . وفي قوله : { ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ } معناه . قوله : ( أوقد ) أشار بذلك إلى أن السين والتاء زائدتان لا للطلب ، لأنه لا يلزم من الطلب الإيقاد بالفعل . قوله : ( في ظلمة ) أي شديدة وهي ظلمة الليل والسحاب والريح مع المطر . قوله : { فَلَمَّآ أَضَآءَتْ } الإضاءة النور القوي . قال تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُوراً } [ يونس : 5 ] فقوله : ( أنارت ) أي نوراً قوياً والفاء للترتيب والتعقيب لأن الإضاءة تعقب الإيقاد . قوله : { مَا حَوْلَهُ } يحتمل أن ما نكرة موصوفة وحوله صفة والضمير عائد على الموقد للنار ، وفاعل أضاءت ضمير يعود على النار ، ويحتمل أن ما اسم موصول وحوله صلة وهو صفة لموصوف محذوف تقديره المكان الذي حوله . قوله ( واستدفأ ) أي امتنع عنه ألم البرد . قوله : ( وأمن مما يخافه ) أي من عدو وسباع وحيات وغير ذلك مما يضر ، وحينئذ فقد تم له النفع بالنار . قوله : { بِنُورِهِمْ } الضمير عائد على ما تقدم ضمناً في قوله : { فَلَمَّآ أَضَآءَتْ } إذ المعنى أنارت على حد ( اعدلوا هو أقرب للتقوى ) ولم يقل بضوئهم إشارة إلى انعدام النور بالكلية ، بخلاف ما لو عبر بالضوء لأنه لا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم ، والباء للتعدية كالهمزة فلذلك دخلت على المفعول ، ولا تستلزم الباء المصاحبة كالهمزة فذهبت بزيد مثل أذهبت زيداً خلافاً للمبرد حيث جعلها تفيد المصاحبة ، ورد بهذه الآية لإستحالة المصاحبة فيها . قوله : { وَتَرَكَهُمْ } عطف على ذهب . قوله : { فِي ظُلُمَٰتٍ } أي ثلاث : ظلمة الليل والسحاب والريح مع المطر . قوله : ( ما حولهم ) هذا هو مفعول يبصرون . وقوله : ( متحيرين ) حال من الضمير في تركهم . قوله : ( فكذلك ) أشار بذلك إلى حال المشبه وهم المنافقون . وقوله : ( أمنوا ) بالقصر ضد الخوف ، أي حيث أسلموا بألسنتهم ، ولم تؤمن قلوبهم ، فقد أمنوا من القتل والسبي وانتفعوا بأخذ الغنائم والزكاة ، فإذا ماتوا فقد ذهب الله بنورهم فلم يأمنوا من النار ولم ينتفعوا بالجنة ، وتركهم في ظلمات ثلاث : ظلمة الكفر ، والنفاق والقبر ، والجامع بينهما أن الإنتفاع ودفع المضار في كل شيء قليل ثم يذهب . قوله : { صُمٌّ } خبر لمحذوف قدره المفسر بقوله هم . قوله : { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } أي لفقد هذه الإدراكات الثلاثة من قلوبهم .