Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 222-223)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ } السائل أبو الدحداح وجماعة من الصحابة ، وسبب ذلك أن اليهود كانوا يعتزلون النساء في المحيض بالمرة ، حتى إنه لا يبيت في مكان فيه حائض ، ولا تصنع له حاجة أبداً ، ثم اقتدت بهم الجاهلية ، وأما النصارى فبخلاف ذلك فإنهم كانوا لا يفرقون بين كونها حائضاً أو لا ، فبين الله أن شرعنا بين ذلك قواماً . قوله : ( أي الحيض أو مكانه ) أعلم أن المحيض مصدر ميمي يصلح للزمان والمكان ، فقوله أو مكانه أي أو زمانه ، والحيض لغة السيلان يقال حاض الوادي إذا سال ، واصطلاحاً دم أو صفرة أو كدرة خرج من قبل من تحمل عادة حالة الصحة والاعتياد ، فخرج بقولنا دم الخ القصة البيضاء فإنها علامة الطهر من الحيض لا نفس الحيض ، وبقولنا من قبل من تحمل عادة أي وهو ما بين الاثنتي عشرة والخمسين سنة ، وأما ما فوق الخسمين إلى الستين من التسعة إلى الاثني عشر يسأل النساء العارفات ، فإن قلن إنه حيض كان حيضاً . وإلا فلا خرج به من لا تحمل عادة لصغر أو يأس كبنت ست أو سبعين فليس بحيض ، وقولنا حالة الصحة والاعتياد خرج بذلك ما نزل على وجه المرض كالسلس فليس بحيض إلا أن تميزه بعد طهر تام وأكثره للمبتدأة نصف شهر فإن زاد كان استحاضة ، وللمعتادة عادتها فإن زاد استظهرت عليها بثلاث أيام ما لم تجاوز نصف شهر وتصير هي مع الاستظهار عادة لها ، وأحكام الحيض مفصلة في الفروع . قوله : ( ماذا يفعل النساء ) هذا هو صورة السؤال . قوله : { قُلْ هُوَ } أي المحيض بمعنى الدم السائل لا بالمعنى المصدري الذي هو السيلان ففيه استخدام . قوله : ( قذر أو محله ) لف ونشر مرتب فإن قوله قذر راجع لتفسيره بالمصدر ، وقوله أو محله راجع لتفسيره بالمكان . قوله : { فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ } مفرع على قوله { قُلْ هُوَ أَذًى } ولما نزلت هذه الآية فهم بعض الصاحبة أن الاعتزال مطلق حتى في المسكن ، فقال ناس من الأعراب : يا رسول الله البرد شديد والثياب قليلة ، فان آثرناهن هلك سائر أهل البيت ، وإن استأثرنا بها هلكت الحيض ، فقال إنما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهن ولم تؤمروا باخراجهن من البيوت كفعل الأعاجم ، ثم أعلم أنه يحرم وطء الحائض في الفرج باجماع ، وأما التلذذ بما بين السرة والركبة فان كان من الأزار ففيه خلاف ، وأما ما عدا ذلك من سائر الجسد فهو جا ئز باجماع لما في الحديث : " الحائض تشد إزارها وشأنك بأعلاها " . قوله : ( أي وقته أو مكانه ) تفسير له بالزمان أو المكان . قوله : ( بالجماع ) أي فالمراد قرب خاص . قوله : ( وفي إدغام التاء في الأصل ) أي فأصله يتطهرن قلبت التاء طاء ثم أدغمت في الطاء . قوله : ( أي يغتسلن بعد انقطاعه ) أي الماء إن كان موجوداً وقدرن على استعماله وإلا فالتيمم يقوم مقامه ، ولا يجوز فربانها بعد الانقطاع وقبل الطهر عند الأئمة الثلاثة ، وجوزه أبو حنيفة حيث انقطع بعد مضي أكثره وهو عشرة أيام عنده ، وأما ان انقطع قبل مضي أكثره فلا يجوز قربانها إلا بالغسل أو بمضي وقت الصلاة . قوله : { مِنْ حَيْثُ } أي في المكان الذي أمركم الله بتجنبه في زمن المحيض . قوله : ( ولا تعدوه ) بسكون العين وضم الدال ، ويصح فتح العين وتشديد الدال . قوله : ( إلى غيره ) أي وهو الدبر فلا يجوز الايلاج فيه مطلقاً زمن الحيض أو لا . قوله : { ٱلتَّوَّابِينَ } أي وهم الذين كلما أذنبوا تابوا . قوله : ( من الأقذار ) أي الحسية والمعنوية ، وقدم التوابين لئلا يقنطوا وأخر المتطهرين لئلا يعجبوا وان كانوا اعلى منهم . قوله : { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ } أي كالأرض تحرث ليوضع فيها البذر ، فشبه النساء بالأرض التي تحرث وشبه النطفة بالبذر الذي يوضع في تلك الأرض ، وشبه الولد بالزرع الذي ينبت من الأرض ، والمراد من تلك الآية بيان الآية المتقدمة وهي قوله : { مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } فبين أن المراد به موضع الزرع وهو القبل لا غيره . قوله : ( وهو القبل ) أخذ بعضهم من الآية أنه يحرم وطء النساء في ادبارهن لأنه ليس محل الزرع ، وحكمه النكاح وجود النسل ، وإنما جعلت الشهوة وسيلة لذلك ، وجعلت شهوة النساء أعظم ، لأن مشقة النسل عليهن أعظم من الرجال ، فتتسلى النساء عن المشقة بعظم الشهوة . قوله : { أَنَّىٰ شِئْتُمْ } أنى بمعنى كيف فهي لتعميم الأحوال . قوله : ( وأدبار ) أي فيجامعها من جهة دبرها لكن في الفرج ، والوارد في السنة عن رسول الله في صفة إتيانه لنسائه أنه كان يجلس بين شعبها الاربع وهي مستلقية على ظهرها ، وقال الحكماء ادامة الجماع وهو مضطجع على جنبه يورث وجب الجنب . وقله : ( جاء الولد أحول ) أي بياض عينه مكان سوادها . قوله : ( كالتسمية عند الجماع ) أي بأن يقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقنا ، فإنه إذا فعل ذلك حفظ الولد من الشيطان ، وكتب له بعدد انفاسه وانفاس اولاده حسنات إلى يوم القيامة . قوله : ( في أمر ) أي بالأتيان في القبل والتسمية وقوله ونهيه عن الأتيان في الدبر ، وإنما طلبت التسمية في ذلك الموضع لأنها ذكر في وقت غفلة فيكتب من الذاكرين الله في الغافلين ، وأهل الله في ذلك لهم تجليات ومشاهدات تجل عن الحصر والكيف ، وإلى ذلك الإشارة بقوله عليه الصلاة والسلام : " حبب إليّ من دنياكم ثلاث النساء والطيب وجلعت قرة عيني في الصلاة " حيث قدم النساء ، ولا يقال إن الاشتغال بمشاهدة المنعم يحجب عن اللذة ، لأنه يقال إنه مقام جمال وبسط لا جلال وقبض ، فعند ذلك تزداد القوة لما ورد أن رسول الله اعطي قوة أربعة آلاف رجل من أهل الدنيا في الجماع ، ويقرب ذلك إذا اضافك ملك عظيم وصنع لك طعاماً عظيماً وجلس معك يباسطك بأنواع المباسطات ، فان شهودك له ومسامرته تزيد لذتك في طعامه وشرابه أكثر من تمتعك بذلك في حال غيبتك عنه ، فسبحان المعطي المانع . قوله : { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ مُّلاَقُوهُ } أي ملاقوا جزائه .