Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 249-251)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَلَمَّا فَصَلَ } أي انفصل وهو مرتب على محذوف تقديره فجمعهم . قوله : ( وهو بين الأردن ) بفتح الهمزة وسكون الراء وضم الدال وتشديد النون ، موضع قريب من بيت المقدس ، وقوله : ( وفلسطين ) بفتح الفاء وكسرها وفتح اللام لا غير ، قال بعضهم إنه قرية ، وقال بعضهم إنه عدة قرى قرب بيت المقدس . قوله : { فَمَن شَرِبَ مِنْهُ } أي بكثرة بدليل ما بعده ، وهذا النهر باق يجري إلى الآن بين الخليل وغزة . قوله : ( يذقه ) أشار بذلك إلى أن الطعم بمعنى الذوقان ، يطلق على المأكول والمشروب . قوله : ( بالفتح والضم ) قراءتان سبعيتان بمعنى الشيء المغروف ، وقيل بالفتح اسم للاغتراف وبالضم اسم للشيء المغروف ، وقيل بالفتح والضم بمعنى المصدر أشهرها أوسطها . قوله : { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ } استثناء من قوله فشربوا منه المقيد بالكثرة ، فالمعنى إلا قليلا شربوا منه بقلة ، فيؤخذ منه أن الجميع شربوا لكن أكثرهم شرب بكثرة ، وأقلهم شرب منه بقلة . قوله : ( وبضعة عشر ) البضعة من ثلاثة عشر إلى تسعة عشر ، لكن المراد هنا ثلاثة عشر كما في أكثر الروايات وهم عدة غزوة بدر . قوله : { فَلَمَّا جَاوَزَهُ } أي تعداه . قوله : { وَجُنودِهِ } قيل عدتهم مائة ألف شاكي السلاح وقيل أكثر ، وكان طول جالوت ميلاً وخوذته التي على رأسه ثلثمائة رطل . قوله : { قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُواْ ٱللَّهِ } استشكل بأن من شرب كثيراً مؤمنون أيضاً ، وأجيب بأنهم صلب إيمانهم بكثرة شربهم ، وأجيب أيضاً بان المراد يظنون أنهم ملاقوا الله أي بالموت في تلك الواقعة فلا أمل لهم في الحياة . قوله : { وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } قيل من كلامهم من كلام الله بشارة لهم ، والمراد معية معنوية خاصة . قوله : ( أي ظهروا لقتالهم ) أي فلم يبق بينهم حجاب أبداً ، بل خرجوا في البراز الذي هو صحراء الأرض . قوله : ( اصبب ) { عَلَيْنَا صَبْراً } أي كصب الماء على الأرض الجرز . قوله : { وَقَتَلَ دَاوُدُ } أي ابن أيشا من جملة عسكر طالوت ، وكان أولاده ثلاثة عشر معه أصغرهم داود وكان يرعى الغنم ، فلما خرجوا للقتال مر داود بحجر فناداه يا داود احملني فإني حجر هارون ، فحمله ثم مر بآخر فقال له احملني فإني حجر موسى فحمله ، ثم مر بآخر فقال له احملني فإني حجرك الذي تقتل به جالوت فحمله ، ووضع الثلاثة في مخلاته ، فلما تصافوا للقتال نادى طالوت كل من يقتل جالوت أزوجه ابنتي وأناصفه في ملكي ، فلم يتقدم أحد ، فسأل طالوت شمويل فدعا ربه فأتى بقرن فيه دهو وقيل له إن الذي يقتل جالوت هو الذي إذا وضع الدهن على رأسه لا يسيل على وجهه ، فدعا طالوت القوم فصار يدهن رؤوسهم فلم تصادف تلك الصفة أحداً ، إلى أن وصل لداود فصادف ، فقال له أنت تبرز له ؟ فقال نعم ، فأتى بالمقلاع وأخرج حجراً من مخلاته وقالت باسم رب إبراهيم ، وأخرج حجراً آخر وقال باسم رب إسحاق ، وأخرج حجراً آخر وقال باسم رب يعقوب ، ثم وضعها في مقلاعه فصارت الثلاثة حجراً واحداً ، فرمى به جالوت فأصابه في خوذته وخرج من دماغه فقتل ثلاثين رجلاً ، فأخذ داود جالوت حتى ألقاه بين يدي طالوت ففرح هو ومن معه من بني إسرائيل وزوجه ابنته وأعطاه نصف الملك ، فمكث كذلك أربعين سنة ، فلما مات طالوت وشمويل انفرد فعاش نبياً ملكاً سبع سنين ، ثم خلفه سليمان ولده في النبوة والملك . قوله : { وَآتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ } أي استقلالاً سبع سنين . قوله : ( كصنعة الدروع ) أي وكان يلين في يده من غير نار وينسجه كالغزل . قوله : ( ومنطق الطير ) أي فهم أصواتها بل وجميع الحيوانات . قوله : { وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ } أي لولا أن الله دفع الناس وهم أهل الكفر والمعاصي ، ببعض الناس وهم أهل الإيمان والطاعة ، لغلب المشركون على الأرض فقتلوا المؤمنين وخرجوا المساجد والبلاد ، وقيل معناه لولا دفع الله بالمؤمنين والأبرار على الكفار والفجار لفسدت الأرض أي هلكت ومن فيها ، ولكن الله يدفع بالمؤمن عن الكافر ، وبالصالح عن الفاجر ، وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة من أهل بيت من جيرانه البلاء " ثم قرأ { وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } الآية . قوله : { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } يعني دفع الفساد على هذا الوجه بطريق إنعام الله وتفضله فعم الناس كلهم ، ومن المعلوم أن لولا حرف امتناع لوجود فالمعنى امتنع فساد الأرض لأجل وجود دفع الناس بعضهم عن بعضهم ، وهذه الآية كالدليل لما ذكر في القصة من مشروعية القتال ، ونصر داود على جالوت .