Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 25-27)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَيَصُدُّونَ } معطوف على { كَفَرُواْ } ففيه عطف المستبقل على الماضي ، وحينئذ فإما أن يراد بالماضي المضارع ، أو يجرد المضارع عن معناه ، بأن يراد به الثبوت والاستمرار لتناسب العطف ، وهذا هو الأحسن ، ولا يصح جعل { وَيَصُدُّونَ } حالاً ، لأن الجملة المضارعية المثبتة إذا وقعت حالاً لا تقرن بالواو ، قال ابن مالك : @ وذات بدء بمضارع ثبت حوت ضميراً ومن الواو خلت @@ ولا جعل الواو زائدة ، لأن الأصل عدمها ، وخبر { إِنَّ } محذوف يقدر بعد قوله : { وَٱلْبَادِ } لدلالة قوله : { نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } والتقدير ( نذيقهم من عذاب أليم ) كما سيأتي للمفسر . قوله : ( منسكاً ) قدره إشارة إلى أن مفعول جعلنا الثاني محذوف ، وقوله : ( ومتعبداً ) عطف تفسير . قوله : { لِلنَّاسِ } ظرف لغو ، إما متعلق بمنسكاً الذي قدره المفسر أو يجعلنا ، وهذا التقدير إنما هو لإيضاح المعنى ، وإلا فيصح جعل جملة { سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ } مفعولاً ثانياً ، وعلى ما قدره المفسر تكون حالية . قوله : { سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ } { سَوَآءً } بالرفع خبر مقدم ، و { ٱلْعَاكِفُ } وما عطف عليه مبتدأ مؤخر ، وقرأ حفص بالنصب فيعرب حالاً ، والعاكف مرفوع على الفاعلية لسواء ، لأنه مصدر وصف به ، فهو في قوة اسم الفاعل المشتق تقريره : جعلناه مستوياً فيه العاكف ، الخ . والمعنى أن المقيم في المسجد والطارئ سواء في النزول به ، فمن سبق إلى مكان فيه فهو حقه ، لا يقيمه منه غيره ، وليس المراد أن دور مكة غير مملوكة لأربابها ؛ فالغريب وأهل البلد سواء فيها ، بل هي مملوكة لأربابها ، ويجوز بيعها وإجارتها . قوله : { وَٱلْبَادِ } بإثبات الياء وصلاً ووقفاً ، أو حذفها فيهما ، أو حذفها وقفاً وإثباتها وصلاً ، ثلاث قراءات سبعيات ، وقوله : ( الطارئ ) دفع به ما يتوهم من قوله البادي ، أن المراد به ساكن البادية ، بل المراد به الطارئ كان من البادية أو لا ، وإنما سمي الطارئ بادياً ، لأنه لا يأتي إليها إلا من البادية . قوله : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ } أي يقصد في المسجد الحرام . قوله : { بِإِلْحَادٍ } أي عدول عن الاعتدال قوله : ( الباء زائدة ) أي في المفعول . قوله : { نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } أي في الآخرة إلا أن يتوب . وأخذ منه أن السيئة في مكة أعظم من السيئة في غيرها ، ومن هنا كره مالك المجاورة في مكة لغير أهلها وندبها بالمدينة . قوله : ( ومن هذا ) أي جواب الشرط . قوله : ( يؤخذ خبر إن ) أي ويكون مقدراً بعد قوله : { وَ } ( اذكر ) قدره إشارة إلى أن قوله : { بَوَّأْنَا } ظرف لمحذوف . قوله : ( بينا ) { لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ } أي أرينا أصله ليبنيه حين أسكن ولده إسماعيل وأمه هاجر في تلك الأرض ، وأنعم الله عليهما بزمزم ، فدعا الله بعمارة هذا البيت ، فبعث الله له ريحاً هفافة ، فكشفت عن أساس آدم ، فرتب قواعده عليه ، لأن أساسه في الأرض كما قيل ثلاثون ذراعاً بذراع آدم ، وقيل بعث الله تعالى سبحانه بقدر البيت ، فقامت بحذاء البيت وفيه رأس يتكلم يا إبراهيم ابن علي دوري فبنى عليه ، وجعل طوله في السماء سبعة أذرع بذراعه ، وأدخل الحجر في البيت ، ولم يجعل له سقفاً ، وجعل له باباً ، وحفر له بئراً يلقى فيه ما يهدى للبيت ، وبناه قبله شيث ، وقبل شيث آدم ، وقبل آدم الملائكة ، ثم بعد إبراهيم بناه العمالقة ، ثم جرهم ، ثم قصي ، ثم قريش ، ثم الزبير ، ثم الحجاج ، وهي باقية الآن على بنائه ، ثم يهدمها في آخر الزمان ذو السويقتين ، فيجددها عسى ابن مريم عليه السلام . قوله : ( وأمرناه ) قدره إشارة إلى أن قوله : { أَن لاَّ تُشْرِكْ } معمول لمحذوف ، وذلك المحذوف معطوف على { بَوَّأْنَا } . قوله : ( من الأوثان ) قيل المراد بها الأصنام ، لأن جرهماً والعمالقة ، كانت لهم أصنام في محل البيت قبل أن يبنيه إبراهيم عليه السلام ، وقيل المراد نزهه عن أن يعبد فيه غيره تعالى ، فهو كناية عن إظهار التوحيد ، ويصح أن يكون المراد طهره من الأقذار والأنجاس والدماء ، وجميع ما تنفر منه النفوس . قوله : { وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ } أي بالدعاء إليه والأمر به . قوله : ( على جبل أبي قبيس ) أي فلما صعد للنداء ، خفضت الجبال رؤوسها ورفعت له القرى ، فنادى في الناس بالحج ، فأول من أجابه أهل اليمن ، فليس حاج يومئذ إلى يوم تقوم الساعة ، إلا من أجاب إبراهيم عليه السلام يومئذ ، فمن لبى مرة حج مرة ، ومن لبى مرتين حج مرتين ، ومن لبى أكثر حج بقدر تلبيته . قوله : ( لبيك اللهم لبيك ) أي أجبتك إجابة بعد إجابة . قوله : { يَأْتُوكَ } أي يأتوا مكانك ، لأن المقصود إتيان البيت لا إتيان إبراهيم ، وقوله : { رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ } ليس في دليل على أن راكب البحر لا يجب عليه الحج ، لأن مكة ليست على البحر ، وإنما يتوصل إليها على إحدى هاتين الحالتين . قوله : { وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ } التضمير في الأصل أن تعلف الفرس حتى يسمن ، ثم تقلل عنه الأكل شيئاً فشيئاً ، حتى يصل إلى حد القوت ، وحينئذ فيكون سريع الجري ، وقدم الراجل لما ورد : أن له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات المحرم ، كل حسنة مائة ألف حسنة ، وللراكب بكل خطوة سبعون حسنة ، وأخذ الشافعي من هذا الحديث ، أن المشي أفضل من الركوب ، وقال مالك : الركوب أفضل لأنه أقرب للشكر ، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج راكباً ، ولو كان المشي أفضل لفعله رسول الله ، أجاب عن الحديث بأنه مزية ، وهي لا تقتضي الأفضلية . قوله : ( حملاً على المعنى ) أي حيث ألحق الفعل العلامة ، ولو راعى اللفظ لقال يأتي . قوله : ( بالتجارة ) أي لأنها جائزة للحاج من غير كراهة ، إذا لم تكن مقصودة بالسفر .