Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 5-8)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ } مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما ذكر من يجادل في قدرة الله بغير علم ، وكان جدالهم في البعث ، ذكر دليلين على ذلك ، الأول في نفس الإنسان وابتداء خلقه ، والثاني في الأرض وما يخرج منها ، فإذا تأمل الإنسان فيهما ، ثبت عنده البعث ، وأنه واقع لا محالة . قوله : { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } أي بأن تصير النطفة دماً جامداً ، وهكذا يقال فيما بعده ، بدليل قوله تعالى في سورة المؤمنين { ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً } [ المؤمنون : 14 ] لما ورد : أن النطفة إذا وقعت في الرحم ، وأراد الله أن يخلق منها بشراً ، طارت في بشرة المرأة تحت كل ظفر وشعرة ، ثم تمكث أربعين يوماً ثم تصير دماً في الرحم ، فذلك جمعها ، وهو وقت جعلها علقة ، واتفقوا على أن نفخ الروح فيه ، يكون بعد مائة وعشرين يوماً ، وذلك أربعة أشهر . قوله : ( تامة الخلق ) أي تامة التصوير ، بأن خلق الرأس واليدان والرجلان . قوله : ( أي غير تامة الخلق ) أي غير تامة التصوير ، بأن لم يخلق فيها شيء من ذلك . قوله : ( كمال قدرتنا ) قدره إشارة إلى أن مفعول نبين محذوف . قوله : { وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ } أي فلا تسقطه الرحم . قوله : { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي معين لإخراجه ، فتارة يخرج لستة أشهر ، وتارة لأكثر . قوله : { طِفْلاً } حال مفعوله { نُخْرِجُكُمْ } وأفرده لأنه مصدر في الأصل ، أو لأنه يراد به الجنس ، أو لأن المعنى نخرج كل واحد منكم طفلاً ، كقولك : القوم يشبعهم رغيف ، أي كل واحد منهم ، والطفل يطلق على الولد من حين الانفصال إلى البلوغ . قوله : { إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ } قيل هو خمس وسبعون سنة ، وقيل ثمانون ، وقيل تسعون ، قوله : ( والخوف ) بفتحتين ، هو فساد العقل من الكبر . قوله : { لِكَيْلاَ يَعْلَمَ } متعلق بيرد ، أي لكيلا يعقل من بعد عقله الأول شيئاً ، ليعود كهيئته الأولى في أوان الطفولية ، من سخافة العقل وقلة الفهم ، فينسى ما علمه ، وينكر ما عرفه . قوله : ( قال عكرمة : من قرأ القرآن ) الخ ، أي فهو مخصوص بغير من قرأ القرآن والعلماء ، وأما هم فلا يردون إلى الأرذل ، بل يزداد عقلهم كلما طال عمرهم ، كما هو مشاهد . قوله : { وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً } هذا هو الدليل الثاني على تمام قدرته تعالى . قوله : ( تحركت ) أي في رأي العين بسبب حركة النبات ، قوله : { بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ } أي هذا الصنع ، بسبب أنه تعالى هو الثابت الذي لا يقبل الزوال أزلاً ولا أبداً ، الموجد للأشياء على طبق علمه وإرادته . قوله : { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ } توكيد لقوله : { وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } ، وكذا قوله : { وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ } . قوله : ( ونزل في أبي جهل ) واسمه عمرو بن هشام ، وأبو جهل كنيته ، ويكنى أيضاً بأبي الحكم . قوله : { ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } عطف على قوله : { ومِنَ ٱلنَّاسِ } الأول ، والمعنى أن الكفار تنوعوا في كفرهم ، فبعضهم كان يقلد غيره في الكفر ، وقد دلت الآية الأولى على هذا القسم ، وبعضهم كان قدوة يقتدي به غيره في الضلال والكفر ، وقد دلت هذه الآية عليه ، وبعضهم كان يدخل الإسلام باللسان ، وفي قلبه الريب والشك ، وهو الآتي في قوله : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ } [ الحج : 11 ] وحينئذ فليس في الآية تكرار . قوله : { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي معرفة ، وقوله : { وَلاَ هُدًى } أي استدلال ، وقوله : { وَلاَ كِتَابٍ } أي وحي . والمعنى أنه يجادل من غير مستند أصلاً .