Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 27-29)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ } الخ ، لما ذكر الله أحكام العفاف ، وكان من جملة العفاف ، عدم دخول منازل الغير إلا بإذن أهلها ذكر الاستئذان عقب ذلك . وسبب نزولها أن امرأة من الأنصار قالت : يا رسول الله إني أكون في بيتي على حال لا أحب أن يراني عليها أحد ، لا والد ولا ولد ، فيأتي الأب فيدخل علي ، وإنه لا يزال يدخل عليّ رجل من أهلي وأنا على تلك الحالة ، فنزلت . قوله : { غَيْرَ بُيُوتِكُمْ } أي غير محل سكنكم ، وحينئذ فقد خرج مالك ذات الدار إذا دخل على مكتريها ، فيجب عليه الاستئذان ، لأنه قد صدق عليه أنه غير بيته . قوله : { حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } من الاستئناس وهو ضد الاستيحاش ، سمي بذلك لأن المستأذن مستوحش ، فإذا أذن له فقد زال الاستيحاش . قوله : ( فيقول الواحد السلام عليكم أأدخل ) أشار بذلك إلى أن السلام مقدم على الاستئذان ، وهو قول الأكثر والحق التفصيل ، فإن وقع بصره على أحد في البيت قدم السلام ، وإلا قدم الاستئذان ثم يسلم ، ويكون كل من السلام والاستئذان ثلاث مرات ، يفصل بين كل مرتين بسكوت يسير ، الأول إعلام ، والثاني للتهيؤ ، والثالث استئذان في الدخول أو الرجوع ، وإذا أتى الباب ، لا يستقبله من تلقاء وجهه ، بل يجيء من جهة ركنه الأيمن أو الأيسر ، وإذا طلب منه التعيين فليعين نفسه بصفة تميزه ، ولا يكتف بقوله أنا مثلاً ، لما روي عن جابر بن عبد الله قال : استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من هذا ؟ فقلت : أنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنا أنا ، كأنه كره ذلك لعدم إفادته ، فالواجب أن يفعل الشخص كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أراد الدخول على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مشربة فقال : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليكم ، أيدخل عمر ؟ قوله : ( من الدخول بغير استئذان ) أي ومن تحية الجاهلية ، حيث كان الرجل منهم إذا أراد أن يدخل بيتاً غير بيته يقول : حييتكم صباحاً ، حييتكم مساء ، فربما أصاب الرجل مع امرأته في الحاف . قوله : ( بإدغام التاء الثانية في الذال ) أي بعد قلبها دالاً فذالاً . قوله : { أَحَداً } ( يأذن لكم ) السالبة تصدق بنفي الموضوع ، فهو صادق بأن لا يكون فيها أحد أصلاً ، أو فيها من لا يصلح للإذن ، أو فيها من يصلح ، لكن لم يأذن . قوله : { حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ } أي حتى يأتيكم الإذن ، ولو مع خادم يوثق به . قوله : { هُوَ أَزْكَىٰ } أي أطهر للأمن من الرذائل والدناءات . قوله : { لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ } هذا كالاستثناء من قوله : { لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ } وسبب نزولها : أن أبا بكر رضي الله عنه لما نزلت آية الاستئذان قال : يا رسول الله كيف بالبيوت التي بين مكة والشام على ظهر الطريق والخانات ، أفلا ندخلها إلا بإذن ؟ فنزلت . قوله : { غَيْرَ مَسْكُونَةٍ } أي غير معدة لسكنى طائفة مخصصة ، كالربط والخانات والحمامات والحوانيت ونحوها . قوله : ( باستكنان ) أي طلب كن يستتر فيه من الحر والبرد ، وقوله : ( وغيره ) كالبيع والشراء . قوله : ( المسبلة ) اقتصر عليها ، لأن مورد سؤال أبي بكر في الخانات المسبلة التي بين مكة والشام . قوله : ( وسيأتي ) أي في آخر السورة في قوله : { فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } [ النور : 61 ] أي قولوا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإن الملائكة ترد عليكم ، أي وإن كان بها أهل فسلموا عليهم .