Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 31-37)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ } أي الأشراف ، سموا بذلك لأنهم يملؤون العين بمهابتهم ، وكانوا ثلاثمائة واثني عشر ، لكل واحد منهم عشرة آلاف من الأتباع . قوله : { مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً } إي إن عادتي معكم لا أفعل أمراً حتى أشاوركم . قوله : { أُوْلُو قُوَّةٍ } الخ ، استفيد من ذلك أنهم أشاروا عليها بالقتال أولاً ، ثم ردوا الأمر إليها . قوله : ( نطعك ) مجزوم في جواب الأمر . قوله : { قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ } الخ ، أي فلم ترض بالحرب الذي أشاروا عليها به ، بل اختارت الصلح وبينت سببه . قوله : { إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً } أي عنوة . قوله : { بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ } أي منتظرة رجوع الرسل وعودهم إلي . قوله : ( إن كان ملكاً قبلها ) أي وقاتلناه . قوله : ( أو نبياً لم يقبلها ) أي واتبعناه ، لأنها كانت لبيبة عاقلة تعرف سياسة الأمور . قوله : ( ألفاً بالسوية ) أي خمسمائة ذكر ، وخمسمائة أنثى . قوله : ( فأمر أن تضرب لبنات الذهب والفضة ) أي كما يضرب الطين . قوله : ( وأن تبسط من موضعه ) أي توضع في الأرض كالبلاط . قوله : ( إلى تسعة فراسخ ) أي وهو مسيرة يوم وثمن يوم . قوله : ( وأن يبنوا ) أي الجن : قوله : ( عن يمين الميدان وشماله ) أي وقصد بذلك إظهار البأس والشدة . وحاصل تفصيل تلك القصة : أن بلقيس عمدت إلى خمسمائة غلام وخمسمائة جارية ، فألبست الجواري لباس الغلمان الأقبية والمناطق ، وألبست الغلمان لباس الجواري ، وجعلت في أيديهم أساور الذهب ، وفي أعناقهم أطواق الذهب ، وفي آذانهم أقرطة وشنوفاً ، مرصعات بأنواع الجواهر ، وحملت الجواري على خمسمائة فرس ، والغلمان على خمسمائة برذون ، على كل فرس سرج من ذهب مرصع بالجواهر وأغشية الديباج ، بعثت إليه لبنات من فضة ، وتاجاً مكللاً بالدر والياقوت ، وأرسلت بالمسك والعنبر والعود ، وعمدت إلى حقة ، جعلت فيها درة ثمينة غير مثقوبة ، وخرزة جزع معوجة الثقب ، ودعت رجلاً من أشراف قومها يقال له المنذر بن عمرو ، وضمت إليه رجلاً من قومها أصحاب عقل ورأي ، وكتبت مع المنذر كتاباً تذكر فيه الهدية وقالت : إن كنت نبياً فميز الوصفاء والوصائف ، وأخبرنا بما في الحقة قبل أن تفتحها ، واثقب الدرة ثقباً مستوياً ، وأدخل في الخرزة خيطاً من غير علاج أنس أو جن ، وأمرت بلقيس الغلمان فقالت ، إذا كلمكم سليمان ، فكلموه بكلام فيه تأنيث وتخنيث يشبه كلام النساء ، وأمر الجواري أن يكلموه بكلام في غلظة شبه كلام الرجال ، ثم قالت للرسول : انظر إلى الرجل إذا دخلت عليه ، فإن نظر إليك نظراً فيه غضب ، فاعلم أنه ملك لا يهولنك منظره فأنا أعز منه ، وإن رأيت الرجل بشاشاً لطيفاً فاعلم أنه نبي ، فتفهم قوله ورد الجواب ، فانطلق الرسول بالهدايا ، وأقبل الهدهد مسرعاً إلى سليمان فأخبره الخبر ، فأمر سليمان الجن أن يضربوا لبناً من الذهب والفضة ففعلوا ، وأمره بعمل ميدان مقدار تسع فراسخ ، وأن يفرش فيه لبن الذهب والفضة ، وأن يخلوا قدر تك اللبنات التي معهم ، وأن يعملوا حول الميدان حائطاً مشرفاً من الذهب والفضة ففعلوا ، ثم قال سليمان : أي دواب البر والبحر أحسن ؟ فقالو : يا نبي الله رأينا في بحر كذا دواب مختلفة ألوانها ، لها أجنحة وأعراف ونواص ، قال : عليّ بها ، فأتوه بها ، قال : شدوها عن يمين الميدان وشماله ، وقال للجن : عليّ بأولادكم ، فاجتمع منهم خلق كثير ، فأقامهم على يمين الميدان وشماله ، ثم قعد سليمان في مجلسه على سريره ، ووضع أربعة آلاف كرسي على يمينه وعلى شماله ، وأمر الجن والإنس والشياطين والوحوش والسباع الطير ، فاصطفوا فراسخ عن يمينه وشماله ، فلما دنا القوم من الميدان ونظروا ملك سليمان ، رأوا الدواب التي لم يروا مثلها تورث على لبن الذهب والفضة تقاصرت إليهم أنفسهم ، وضعوا مامعهم من الهدايا ، وقيل إن سليمان لما فرش الميدان بلبنات الذهب والفضة ، ترك من طريقهم موضعاً على قدر ما معهم من اللبنات ، فلما رأى الرسل موضع اللبنات خالياً ، خافوا أن يتهموا بذلك ، فوضعوا ما معهم من اللبن في ذلك الموضع ، ولما نظروا إلى الشياطين هالهم ما رأوا وفزعوا ، فقالت لهم الشياطين : جوزوا لا بأس عليكم ، وكانوا يمرون على كراديس الإن والجن الوحش والطير ، حتى وقفوا بين يدي سليمان ، فأقبل عليهم بوجه طلق ، وتلقاهم ملقى حسناً وسألهم عن حالهم ، فأخبره رئيس القوم بما جاءوا به وأعطاه كتاب الملكة ، فنظر فيه وقال : أين الحقة ؟ فأتى بها وحركها ، فجاء جبريل عليه السلام فأخبره بما فيها ، فقال لهم : إن فيها درة ثمينة غير مثقوبة وجزعة ، فقال الرسول ، صدقت ، فأثقب الدرة وادخل الخيط في الجزعة ، فقال سليمان : من لي بثقبها ؟ وسأل الإنس والجن فلم يكن عندهم علم ذلك ، ثم سأل الشياطين فقالوا : ترسل إلى الأرضة ، فلما جاءت الأرضة أخذت شعرة في فمها ودخلت فيها حتى خرجت من الجانب الآخر ، فقال لها سليمان : ما حاجتك ؟ قالت : تصيّر رزقي في الشجر ، فقال لها : ذلك لك ، ثم قال : من لهذه الخرزة ؟ فقالت دودة بيضاء : أنا لها يا نبي الله ، فأخذت الدودة خيطاً في فمها ودخلت حتى الثقب حتى خرجت من الجانب الآخر ، فقال لها سليمان : ما حاجتك ؟ قالت : يكون رزقي في الفواكه ، فقال : لك ذلك . ثم ميز بين الغلمان والجواري بأن أمرهم أن يغسلوا وجوههم وأيديهم ، فجعلت الجارية تأخذ الماء بيدها وتضرب بها الأخرى وتغسل وجهها ، والغلام يأخذ الماء بيديه ويضر به وجهه ، وكانت الجارية تصب الماء على باطن ساعدها ، والغلام يصبه على ظاهره ، فميّز بين الغلمان والجواري ، ثم رد سليمان الهدية كما أخبر الله عنه بقوله : { فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ } الخ . قوله : { قَالَ أَتُمِدُّونَنِ } الخ ، استفهام إنكاري وتوبيخ ، أي لا ينبغي لكم ذلك . قوله : { وَهُمْ صَاغِرُونَ } حال ثانية مؤكدة للأولى . قوله : ( أي إن لم يأتوني مسلمين ) أفاد بذلك أن يمين سليمان معلق على عدم إتيانهم مسلمين . قوله : ( داخل سبعة أبواب ) صوابه أبيات ، وقد تقدم أنه داخل سبعة أبيات ، فيكون حينئذ في داخل أربعة عشر نبياً . قوله : ( حرساً ) بفتحتين جمع حارس . قوله : ( قيل ) بفتح القاف أي ملك ، سمي بذلك لأنه ينفذ ما يقول . قوله : ( إلى أن قربت منه ) أي من سليمان . قوله : ( شعر بها ) أي علم ، وذلك أنه خرج يوماً فجلس على سريره فسمع وهجا قريباً منه فقال : ما هذا ؟ قالوا : بلقيس قد نزلت هنا بهذا المكان ، وكانت على مسيرة فرسخ من سليمان .