Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 38-44)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قَالَ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ } الخطاب لكل من عنده من الجن والإنس وغيرهما . قوله : ( ما تقدم ) أي من التحقيق أو قلب الثانية واواً . قوله : { أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } أي وكان سليمان إذ ذاك في بيت المقدس ، وعرشها في سبإ ، وبينها وبين بيت المقدس مسيرة شهرين . قوله : ( فلي أخذه قبل ذلك ) أي قبل إتيانهم مسلمين ، لأنهم حربيون حينئذ . قوله : ( لا بعده ) أي لأن إسلامهم يعصم ما لهم ، وهذا بحسب الظاهر ، وأما باطن الأمر فقصده أن يبهر عقلها بالأمور المستغربة لتزيد إيماناً . قوله : { عِفْرِيتٌ } بكسر العين وقرئ شذوذاً بفتحها . قوله : ( وهو القوي ) أي وكان مثل الجبل ، يضع قدمه عند منتهى طرفه ، وكان اسمه ذكوان وقيل صخر . قوله : { أَنَاْ آتِيكَ بِهِ } يحتمل أنه فعل مضارع ، أصله أأتى بهمزتين أبدلت الثانية ألفاً ، ويحتمل أنه إسم فاعل كضارب وقائم . قوله : { مِن مَّقَامِكَ } أي مجلسك . قوله : ( أسرع من ذلك ) أي لأن المقصود الإتيان به قبل أن تقدم هي ، والحال أن بين قدومها مسيرة ساعة ونصف ، ومجلسه من الغداة إلى نصف النهار . قوله : { عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَابِ } أي وهو التوراة . قوله : ( وهو آصف بن برخيا ) بالمد والقصر ، وكان وزير سليمان وقيل كاتبه ، وكان من أولياء الله تعالى ، وقيل الذي عنده علم من الكتاب هو جبريل ، وقيل الخضر ، وقيل ملك آخر ، وقيل سليمان نفسه ، وعلى هذا فالخطاب في قوله أنا آتيك للعفريت ، وما مشى عليه المفسر هو المشهور . قوله : ( كان صديقاً ) أي مبالغاً في الصدق مع الله ومع عباده . قوله : { طَرْفُكَ } هو بالسكون البصر . قوله : ( قال ) أي آصف ، وقوله أي لسليمان . قوله : ( دعا بالاسم الأعظم ) قيل كان الدعاء الذي دعا به : يا ذا الجلال والإكرام ، وقيل يا حي يا قيوم ، وقيل يا إلهنا وإله كل شيء ، إلهاً واحداً ، لا إله إلا أنت ائتني بعرشها . قوله : ( بأن جرى تحت الأرض ) أي بحمل الملائكة له لأمر الله لهم بذلك . قوله : ( أي ساكناً ) أي غير متحرك ، كأنه وضع من قبل بزمن متسع ، وليس المراد مطلق الاستقرار والحصول ، وإلا كان واجب الحذف ، لأن الظرف يكون مستقراً ، وعلى ما ذكره المفسر فالظرف لغو عامله خاص مذكور فتدبر . قوله : { مِن فَضْلِ رَبِّي } أي إحسانه إليّ . قوله : ( وإدخال ألف ) الخ ، أي فالقراءات أربع سبيعات ، وبقيت خامسة وهي إدخال ألف بين المحققين . قوله : ( لأن ثواب شكره له ) أي لأن الشكر سبب في زيادة النعم ، قال تعالى : { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } [ إبراهيم : 7 ] . قوله : ( بالإفضال على من يكفرها ) أي فلا يقطع نعمه بسبب إعراضه عن الشكر وكفران النعمة . قوله : { قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا } معطوف في المعنى على قوله : { قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي } وكلاهما مرتب على قوله : { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ } . قوله : ( إلى حالة تنكره إذا رأته ) أي فالتنكير إبهام الشيء ، بحيث لا يعرف ضد التعريف ، ومنه النكرة والمعرفة في اصطلاح النحويين . قوله : { نَنظُرْ } هو بجواب الأمر . قوله : ( قصد بذلك ) الخ ، أشار بذلك إلى حكمة التغيير . قوله : ( لما قيل إن فيه شيئاً ) أي نقصاً ، والقائل له : ما ذكر الجن ، وقالوا له : إن رجليها كرجلي حمار ، وقالوا له أيضاً : إن في ساقيها شعراً لأنهم ظنوا أنه يتزوجها ، فكرهوا ذلك لئلا تفشي له أسرار الجن ، ولئلا يأتي منها أولاً فيخلفوه في استخدام الجن فيدوم عليهم الذل . قوله : { قِيلَ } ( لها ) القائل سليمان أو مأموره . قوله : { أَهَكَذَا عَرْشُكِ } الهمزة للاستفهام ، والهاء للتنبيه ، والكاف حرف جر ، وذا اسم إشارة مجرور بها والجار والمجرور خبر مقدم ، و { عَرْشُكِ } مبتدأ مؤخر ، وفصل بين ها للتنبيه واسم الإشارة بحرف الجر وهو الكاف اعتناء بالتنبيه ، وكان مقتضاه أن يقال : أكهذا عرشك . قوله : ( أي أمثل هذا ) أشار بذلك إلى أن الكاف اسم بمعنى مثل ، وقولهم لا يفصل بين ها للتنبيه واسم الإشارة بشيء من حروف الجر إلا بالكاف معناه ولو صورة ، وإن كانت في المعنى اسماً بمعنى مثل . قوله : ( وشبهت عليهم ) الخ ، أي فأتت بهذه العبارة مشاكلة لكلام سليمان ، والمشاكلة الإتيان بمثل الكلام السابق وإن لم يتحد الكلامان كقوله تعالى : { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ } [ آل عمران : 54 ] . قوله : ( قال سليمان ) أي تحدثاً بنعمة الله . قوله : { وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا } أي العلم بالله وصفاته من قبل أن تؤتى هي العلم بما ذكر ، وكنا مسلمين من قبل أن تسلم ، فنحن أسبق منها علماً وإسلاماً . قوله : { وَصَدَّهَا } أي منعها ، وقوله : { مَا كَانَت } فاعل صد ، والمعنى منعها عن عبادة الله الذي كانت تعبد من دون الله وهو الشمس . قوله : { إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ } بكسر إن في قراءة العامة استئناف ، وقرئ شذوذاً بفتحها على إسقاط حرف التعليل . قوله : { قِيلَ لَهَا } ( أيضاً ) أي كما قيل نكروا لها عرشها . قوله : ( هو سطح ) وقيل الصرح القصر أو صحن الدار . قوله : ( من زجاج أبيض ) أي وهو المسمى بالبلور . قوله : ( اصطنعه سليمان ) أي أمر الشياطين به ، فحفروا حفيرة كالصهريج ، وأجروا فيها الماء ، ووضعوا فيها سمكاً وضفدعاً وغيرهما من حيوانات البحر ، وجعلوا سقفها زجاجاً شفافاً ، فصار الماء و ما فيه يرى من هذا الزجاج ، فمن لم يكن عالماً به ، يظن أنه ماء مكشوف يخاض فيه مع أنه ليس كذلك . قوله : ( لما قيل له ) القائل ذلك الجن . قوله : { فَلَمَّا رَأَتْهُ } أي أبصرته . قوله : { وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا } أي على عادة من أراد خوض الماء ، قيل لما رأت اللجة فزعت وظنت أنه قصد بها الغرق ، فلما لم يكن لها بد من امتثال الأمر ، سلمت وكشفت عن ساقيها . قوله : ( لتخوضه ) أي لأجل أن تصل إلى سليمان . قوله : ( فرأى ساقيها ) إلخ ، أي فلما علم ذلك صرف بصره عنها . قوله : { مُّمَرَّدٌ } صفة أولى لصرح ، وقوله : { مِّن قَوارِيرَ } صفة ثانية جمع قارورة . قوله : ( مملس ) ومنه الأمرد لملاسة وجهه أي نعومته الشعر به . قوله : ( بعبادة غيرك ) أي وهو الشمس . قوله : { مَعَ سُلَيْمَانَ } حال من التاء في { أَسْلَمْتُ } كما أشار لذلك بقوله : ( كائنة ) والمعنى أسلمت حالة كوني مصاحبة له في الدين ، ولا يصح أن يكون متعلقاً بأسلمت ، لأنه يوهم أنها متحدة معه في الإسلام في زمن واحد . قوله : ( فعملت له الشياطين النورة ) أي بعد أن سأل الإنس عما يزيل الشعر ، فقالوا له : يحلق بالموسى ، فقالت : لم يمس الحديد جسمي ، فكره سليمان الموسى وقال إنها تقطع ساقيها ، فسأل الجن فقالوا لا ندري ، فسأل الشياطين فقالوا : نحتال لك حتى يكون جسدها كالفضة البيضاء ، فاتخذوا النورة والحمام ، فكانت النورة والحمام من يومئذ . قوله : ( فتزوجها ) أي وولدت منه ولداً وسمته داود ، ومات في حياة أبيه ، وبقيت معه إلى أن مات وهذا أحد قولين ، وقيل إنها لما أسلمت قال لها سليمان : اختاري رجلاً من قومك حتى أزوجك إياه ، فقالت : ومثلي يا نبي الله ينكح الرجال ، وقد كان لي من قومي الملك والسلطان ؟ قال : نعم إنه لا يكون في الإسلام إلا ذلك ، ولا ينبغي لك أن تحرمي ما أحل الله ، قالت : إن كان ولا بد ، فزوجني ذا تبع ملك همدان ، فزوجها إياه وذهب بها إلى اليمن ، وملك زوجها ذا تبع على اليمن ، ودعا سليمان زوبعة ملك الجن وقال له : اعمل لذي تبع ما استعملك فيه ، فلم يزل يعمل له ما أراد ، إلى أن مات سليمان ، وحال الحول ولم يعلم الجن موته ، فأقبل رجل منهم حتى بلغ جوف اليمن وقال بأعلى صوته : يا معشر الجن ، إن سليمان قد مات فارفعوا أيديكم ، فرفعوا أيديهم وتفرقوا . قوله : ( وأقرها على ملكها ) أي وأمر الجن فبنوا لها بأرض اليمن ثلاثة حصون لم يرَ الناس مثلها في الارتفاع والحسن . قوله : ( ويقيم عندها ثلاثة أيام ) أي وكان يبكر من الشام إلى اليمن ، ومن اليمن إلى الشام . قوله : ( روي أنه ملك ) أي أعطي الملك . قوله : ( فسبحان من لا انقضاء لدوام ملكه ) أي فما سواه يفنى ، وهو الباقي بلا زوال ، قال العارف : @ ما آدم في الكون وما إبليس ما مالك سليمان وما بلقيس الكل إشارة وأنت المعنى يا من هو للقلوب مغناطيس @@ فالأكوان جميعها إشارات دالة على المقصود بالذات وهو الواحد القهار .