Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 58-60)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ } رد بذلك على الكفار ، وبيَّن لهم أن العبارة بالعكس ، وأن خوف التخطف يكون بالكفر لا بالإيمان ، وأنهم ما داموا مصرين على كفرهم ، يحل بهم وبال بطرهم كما حصل لمن قبلهم . قوله : { بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا } أي كفرت نعمة ربها في زمن معيشتها أي حياتها . قوله : { فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ } أي خربة بسبب ظلمهم ، والإشارة إلى قوم لوط وصالح وشعيب وهود ، فإن السفار تمر على تلك المساكن ، وتنزل بها في بعض الأوقات . قوله : ( للمارة يوماً أو بعضه ) أي لأن المار في الطريق ، إذا نزل للاستراحة ، إنما يستمر في الغالب يوماً أو بعضه . قوله : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ } الخ ، بيان للحكمة الإلهية التي سبقت بها مشيئته تعالى ، والمعنى ما ثبت في حكمه أن يهلك قرية قبل الإنذار . قوله : ( أي أعظمها ) أي وهي المدن بالنسبة لما حواليها ، فجرت عادة الله أن يبعث الرسول من أهل المدائن ، لأنهم أعقل وأفطن ، ويتبعهم غيرهم ، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم مبعوثاً لجميع الخلق ، كانت بلده أفضل البلاد على الإطلاق ، وقبيلته أشرف القبائل على الإطلاق . قوله : { يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } أي لقطع الحجج والمعاذير . قوله : { إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } استثناء من عموم الأحوال ، كأنه قال : ما كنا نهلكهم في حال من الأحوال ، إلا في حال كونهم ظالمين . قوله : { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ } الخ { مَآ } اسم موصول مبتدأ ، و { أُوتِيتُم } صلته ، و { مِّن شَيْءٍ } بيان لما ، وقوله : { فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } خبره ، وقرن بالفاء لما في المبتدإ من معنى العموم ، ويصح أن تكون { مَآ } شرطية ، وقوله : { فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } خبرنا مبتدأ محذوف ، والجملة جواب الشرط . قوله : ( ثم يفنى ) أي يذهب بفنائكم ، فجميع ما في الدنيا عرض زائل ، يذهب بذهاب أهله ، ولا يبقى إلا جزاؤه ، فحلال الدنيا حساب ، وحرامها عقاب . قوله : ( وهو ثوابه ) أي ثواب الأعمال التي قصد بها وجهه سبحانه وتعالى . قوله : { خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } أي دائم بدوام الله . قوله : { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف ، والتقدير أتركتم التدبر في أحوالكم فلا تعقلون ، فمن آثر الفاني على الباقي ، فلا عقل عنده ، لما في الحديث : " الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا ما له ، ولها يجمع من لا عقل له " ولله در الشافعي حيث قال : @ إن لِلَّهِ عباداً فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا نظروا فيها فلما علموا أنها ليست لحي وطنا جعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا @@ وليس المراد من ذلك ترك الدنيا رأساً والخروج عنها بالمرة ، بل المراد لا يجعلها أكبر همه ولا مبلغ علمه ، وإنما يطلب الدنيا ليستعين بها على خدمة ربه ، لتكون مزرعة لآخرته ، لما في الحديث : " نعم المال الصالح في يد الرجل الصالح " فالمضر شغل القلب والنية السوء . قوله : ( بالتاء والياء ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : ( أن الباقي خير من الفاني ) قدره إشارة إلى أن مفعول يفعلون محذوف ، وأستفيد منه أن عقل الناس المشتغلون بطاعة الله ، الذين اختاروا الباقي على الفاني ، ومن هنا قال الإمام الشافعي رضي الله عنه : من أوصى بثلث ماله لا عْقَلُ الناس ، صرف إلى المشتغلين بطاعة الله تعالى .