Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 63-69)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } كلام مستأنف واقع في جواب سؤال مقدر تقديره ماذا قالوا ؟ وجواب هذا السؤال : أنه حصل التنازع والتخاصم بين الرؤساء والأتباع فقال الأتباع : إنهم أضلونا ، وقال الرؤساء { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ } الخ ، فهو بمعنى قوله تعالى : { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعاً } [ ابراهيم : 21 ] الخ ، وبمعنى { وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ } [ غافر : 47 ] الخ . قوله : { حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } أي ثبت وتحقق وهو قوله { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ هود : 119 ] . قوله : ( وهم رؤساء الضلال ) أي الذين أطاعوهم في كل ما أمروهم به ونهوهم عنه . قوله : { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ } الخ ، اسم الإشارة مبتدأ ، والموصول نعته ، و { أَغْوَيْنَآ } صلته ، والعائد محذوف قدره المفسر ، و { أَغْوَيْنَاهُمْ } خبره ، وصح الإخبار به لتقييده بقوله : { كَمَا غَوَيْنَا } ففيه زيادة فائدة على الصلة ، والمعنى تسببنا لهم في الغي ، فقلبوا منا ولم يتبعوا الرسل وما أنزل عليهم من الكتب التي فيها المواعظ والأوامر والنواهي ، فلم نخيرهم عن أنفسنا ، بل اخترنا لهم ما اخترناه لأنفسنا ، فاتبعونا بهواهم . قوله : { تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ } ( منهم ) هذا تقرير لما قبله . قوله : ( وقدم المفعول ) أي وهو قوله : { إِيَّانَا } . قوله : { وَقِيلَ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ } أي استغيثوا بآلهتكم متى عبدتموها لتنصركم وتدفع عنك ما نزل بكم ، وهذا القول للتهكم والتبكيت لهم . قوله : { وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } أي نازلاً بهم . قوله : ( ما رأوه ) هو جواب { لَوْ } . قوله : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ } معطوف على ما قبله فتحصل أنهم يسألون عن إشراكهم وجوابهم للرسل . قوله : { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ } أي خفيت عليهم فلم يهتدوا لجواب فيه راحة لهم ، أو الكلام على القلب ، والأصل فعموا عن الأنباء ، أي ضلوا وتحيروا في ذلك ، فلم يهتدوا إلى جواب به نجاتهم . قوله : { فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ } ( عنه ) أي عن الخبر المنجي لحصول الدهشة لهم ولقنوطهم من رحمة الله حينئذ . قوله : { فَأَمَّا مَن تَابَ } الخ ، أي رجع عن كفره في حال الحياة . قوله : { فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلْمُفْلِحِينَ } الترجي في القرآن بمنزلة التحقق لأنه وعد كريم ، ومن شأنه لا يخلف وعده . قوله : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ } سبب نزولها أن الوليد بن المغيرة ، استعظم النبوة ونزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ، فنزلت هذه الآية رداً عليه ، واختلف المفسرون في تفسير هذه الآية على أقوال كثيرة ، فقيل يخلق ما يشاء من خلقه ويختار ما يشاء منهم لطاعته ، وقيل يخلق ما يشاء من خلقه ، ويختار ما يشاء لنبوته ، وقيل يخلق ما يشاء محمداً ، ويختار الأنصار لدينه ، وقيل يخلق ما يشاء محمداً ، ويختار ما يشاء أصحابه وأمته لما روي : " إن الله اختار أصحابي على العالمين ، سوى النبيين والمرسلين ، واختار من أصحابي أربعة يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً ، فجعلهم أصحابي ، وفي أصحابي كلهم ، خير ، واختار أمتي على سائر الأمم ، واختار لي من أمتي أربعة قرون " اهـ ، فقد اختار محمداً على سائر المخلوقات ، واختار أمته على سائر الأمم ، فكما هو أفضل الخلق على الإطلاق ، أمته أفضل الأمم على الإطلاق . قوله : { مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ } بالتحريك والإسكان معناهما واحد وهو الاختيار ، و { مَا } نافية ، و { كَانَ } فعل ناقص ، والجار والمجرور خبرها مقدم ، و { ٱلْخِيَرَةُ } اسمها مؤخر ، والجملة مستأنفة ، فالوقف على يختار ، والمعنى ليس للخلق جميعاً الاختيار في شيء ، لا ظاهراً ولا باطناً ، بل الخيرة لله تعالى في أفعاله ، لما في الحديث القدسي : " يا عبادي أنت تريد ، وأنا أريد ، ولا يكون إلا ما أريد ، فإن سلمت لي ما أريد أعطيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لي ما أريد أتعبتك فيما تريد ، ولا يكون إلا ما أريد " وإنما خص المفسر المشركين بذلك مراعاة لسبب النزول ، ويصح أن تكون { مَا } مصدرية ، وما بعدها مؤول بمصدر ، والمعنى يختار اختيارهم فيه ، ويصح أن تكون موصولة والعائد محذوف ، والتقدير ويختار الذي لهم فيه الاختيار ، وحينئذ فلا يصح الوقف على يختار ، والأول أظهر ، فالواجب على الإنسان ، أن يعتقد أنه لا تأثير لشيء من الكائنات في شيء أبداً ، وإنما يظهر على أيدي الخلق أسباب عادية يمكن تخلفها . قوله : { سُبْحَانَ ٱللَّهِ } أي تنزيهاً له عما لا يليق به . قوله : ( من الكفر وغيره ) أي كالإيمان ، فيجازي الكافر بالخلود في الجنة .