Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 84-86)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ } تقدم أنه إن أريد { بِٱلْحَسَنَةِ } لا إله إلا الله ، فالمراد بالخير الجنة ، و { مَن } للتعليل ، وليس في الصيغة تفضيل ، وإن إريد بها مطلق طاعة ، فالمراد بالخير منها عشر أمثالها ، كما جاء مفسراً به في الآية الأخرى : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } [ الأنعام : 160 ] فقول المفسر ( ثواب بسببها ) الخ ، إشارة للمعنى الثاني . قوله : ( وهو عشر أمثالها ) هذا أقل المضاعفة ، وتضاعف لسبعين ولسبعمائة ، والله يضاعف لمن يشاء ، وهذا في الحسنة التي فعلها بنفسه أو فعلت من أجله ، كالقراءة والذكر ، إذا فعل وأهدى ثوابه للميت مثلاً ، وأما الحسنة التي تؤخذ في نظير الظلامة فلا تضاعف ، بل تؤخذ الحسنة للمظلوم ، وأما المضاعفة فتكتب للظالم ، لأنها محض فضل من الله تعالى ، ليس للعبد فيه فعل ، والمضاعفة مخصوصة بهذه الأمة ، وأما غيرهم فلا مضاعفة له . قوله : { فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ } الخ ، أظهر في مقام الإضمار تسجيلاً وتقبيحاً على فاعل السيئات ، لينزجر عن فعلها . قوله : ( أي مثله ) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف . قوله : ( أنزله ) أي أو فرضه ، بمعنى أوجب عليك تبليغه للعباد والتمسك به . قوله : ( إلى مكة وكان قد اشتاقها ) تقدم " أن سبب نزول هذه الآية ، أنه صلى الله عليه وسلم لما أذن له في الهجرة إلى المدينة ، وخرج من الغار مع أبي بكر ليلاً ، سار في غير الطريق ، فلما نزل بالجحفة بين مكة والمدينة ، وعرف طريق مكة ، اشتاق إليها ، وذكر مولده ومولد أبيه ، فنزل عليه جبريل وقال له : أتشتاق إلى بلدك ومولدك ، فقال عليه السلام : نعم ، فقال جبريل : إن الله تعالى يقول : { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } يعني إلى مكة ظاهراً عليهم ، وسميت البلد معاداً " لأن شأن الإنسان أن ينصرف من بلده ويعود إليها ، وتقدم أن هذه الأية ينبغي قراءتها للمسافر ، تفاؤلاً بعوده لوطنه ، ولا يقال : إن الآية قيلت للنبي صلى الله عليه وسلم فكيف تقال لغيره ؟ لأنه لا يقال : إن القرآن نزل للتعبد والاقتداء به ، فكأنه قال : كما صدقت وعد نبيك فاصدق وعدي . قوله : ( جواباً لقول كفار مكة ) الخ ، أي كما قالت بنو إسرائيل لموسى مثل ذلك ، فرد الله عليهم بقوله : { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ } [ القصص : 37 ] . قوله : ( وأعلم بمعنى عالم ) إنما احتج إلى تحويله لتعديته للمفعول بنفسه ، وإلا فكان مقتضى الظاهر تعديته بمن . قوله : { وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ } أي قبل مجيء الرسالة إليك . قوله : { أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابُ } أي فإنزاله عليك ليس عن ميعاد ، ولا بطلب منك ، ومن هنا قال العلماء : إن النبوة ليست مكتسبة لأحد ، قال في الجوهرة : { _ _ ولم تَكُنْ نبوّة مكتسبة _ _ ولو رقى في الخير أعلى عقبه . الخ _ _ } قوله : ( لكن ألقي إليك ) أشار بذلك إلى أن الاستثناء منقطع . قوله : { فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ } الخطاب له ، والمراد غيره ، لاستحالة ذلك عليه . قوله : ( حذفت نون الرفع للجازم ) أي وهو لا النافية . قوله : ( لالتقائها مع النون الساكنة ) أي ووجود دليل يدل عليها وهو الضمة ، وما مشى عليه المفسر في تصريف الفعل ، وإنما يأتي على ندور ، وهو تأكيد الفعل الخالي عن الطلب ، فالأولى أن يقول : وأصله يصدونك ، دخل الجازم فحذف النون ثم أكد فالتقى ساكنان ، حذفت الواو لالتقائهما ، ووجود الضمة دليلاً عليها .