Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 14-17)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ } هذه الآية مسوقة لبيان حقارة الدنيا وتزهيد المسلمين فيها ، ففي الحديث " ظاهرها وباطنها عبرة " وقال الشاعر : @ هي الدنيا تقول بملء فيها حذار حذار من بطشي وفتكي فلا يغرركمو مني ابتسام فقولي مضحك والفعل مبكي @@ والفعل مبني للمفعول ، والمزين حقيقة هو الله ، ويصح أن يكون الشيطان باعتبار وسوسته ، ولذا نوع فيه المفسر . قوله : { حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ } جمع شهوة وهي ميل النفس لمحبوبها ، ولما كان ذلك المعنى ليس مراداً فسرها بالذي تشتهيه النفس ففيه إشارة إلى أنه أطلق المصدر ، وأريد اسم المفعول إن قلت إنه يدخل في الناس الأنبياء مع أنهم معصومون من ذلك . أجيب بأنه عام مخصوص بما عدا الأنبياء ، وأما هم فهم معصومون من الميل إلى ما سوى الله لما في الحديث " حبب إليّ من دنياكم ثلاث " ولم يقل من دنيانا ، وفي الحديث أيضاً " ليست من الدنيا ولا الدنيا مني " . قوله : ( زنيها الله ) أي أوجد فيها الزينة . قوله : ( أبتلاء ) أي اختبارً ، قال تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } [ الكهف : 7 ] . قوله ( أو الشيطان ) أي بالوسوسة . قوله : { مِنَ ٱلنِّسَاءِ } متعلق بمحذوف حال من الشهوات وهو تفصيل لما أجمل فيها ، وقدم النساء لأنهن أعظم زينة الدنيا ، فإنهن حبالة الشيطان ، ويحملن الإنسان على قطع الرحم واكتساب المال من الحرام وارتكاب المحرمات ، وقال عليه الصلاة والسلام : " ما تركت فتنة أضر الرجال من النساء ، ما رأيت ناقصات عقل ودين أسلب للب الرجل الحكيم منكن " . قوله : { وَٱلْبَنِينَ } قدمهم على الأموال لأنهم فرع النساء وأكبر فتنة من الأموال ، لأن الإنسان يفدي بنيه بالمال ولم يقل والبنات لأن الشأن أن الفخر في الذكور دون الإناث . قوله : { وَٱلْقَنَاطِيرِ } جمع قنطار قيل المراد به المال الكثير ، وقيل ألف أوقية ومائتا أوقية ، وقيل اثنا عشر ألف أوقية ، وقيل غير ذلك ، ودرج المفسر على الأول . قوله : { ٱلْمُقَنْطَرَةِ } قيل وزنها مفعللة فتكون النون أصلية ، وقيل وزنها مفنعلة فالنون زائدة ، ويترتب على ذلك النون في قنطار هل هي أصلية فوزنه فعلال ، أو زائدة فوزنه فنعال ، وأقل القناطير المقنطرة تسعة ، لأن المراد تعددت جميع القناطير عنده ثلاثة ففوق . قوله : { وَٱلْفِضَّةِ } الواو بمعنى أو المانعة الخلو فتجوز الجمع ، وقدم الذهب والفضة على ما عداهما لأن فخر صابحهما أعظم . قوله : { وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ } قدمها على الأنعام لأن فخرها أعظم . قوله : ( الزرع ) أي مطلقاً حسبت أو غيرها . قوله : ( ثم يفنى ) أي يزول هو وصاحبه ، قال تعالى : { إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ } [ يونس : 24 ] الآية . قوله : ( فينبغي الرغبة فيه ) أي في ذلك المآب ، وفي الآية اكتفاء أي وعنده سوء المآب ، فحسن المآب لمن لم يغتر بالدنيا وجعلها مزرعة للآخرة ، وسوء المآب لمن اغتر بها وآثرها على الآخرة . قوله : { أَؤُنَبِّئُكُمْ } قرئ في السبع بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية مع زيادة مد بينهما وبدون زيادة ، فالقراءات أربع ، وليس في القرآن همزة مضمومة بعد مفتوحة إلا ما هنا ، وما في ص أأنزل عليه الذكر ، وما في اقتربت الساعة أألقي عليه الذكر . قوله : ( من الشهوات ) أي المشتهيات . قوله : ( استفهام تقرير ) أي تثبيت . قوله : { لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا } ( الشرك ) أي الإيمان ، وإنما اقتصر عليه لأن أصل دخول الجنة إنما يتوقف عليه فقط . قوله : { عِندَ رَبِّهِمْ } في محل نصب على الحال من جنات . قوله : { جَنَّاتٌ } أي سبع : جنة المأوى وجنة الخلد وجنة النعيم وجنة عدن وجنة الفردوس ودار السلام ودار الجلال ، وأبوابها ثمانية وأعظمها جنة الفردوس . قوله : أي ( مقدرين الخلود ) أشار بذلك إلى أن قوله خالدين حال منتظرة أي منتظرين الخلود فيها إذا دخلوها ، لأنه ينادي المنادي حين استقرار أهل الدارين فيهما يا أهل الجنة خلود بلا موت ، ويا أهل النار خلود بلا موت ، فيقع الفرح الدائم في قلوب أهل الجنة ، والحزن الدائم في قلوب أهل النار . قوله : { وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ } أي من الحور وغيرهن من نساء الدنيا . قوله : ( لغتان ) أي وقرئ بهما في السبع في جميع لفظ رضوان الواقع في القرآن إلا الثاني في المائدة فإنه بالكسر بإتفاق السبعة ، وهو قوله من اتبع رضوانه سبل السلام ، والمكسور قياسي والمضموم سماعي ومعناهما واحد ، وقول المفسر كثير أخذ اكثرة من التنوين . قوله : ( أي رضا كثير ) أي عظيم لا سخط بعده أبداً . قوله : ( فيجازي كلا منهم بعمله ) أي فيدخل المتقين الجنة والعاصين النار . قوله : ( نعت ) أي للذين اتقوا . قوله : ( على الطاعة ) أي على فعلها ، وقوله : ( وعن المعصية ) أي نهاهم الله عنها فأمسكوا عنها وانتهوا . قوله : { وَٱلصَّادِقِينَ } إن قيل كيف دخلت الواو على هذه الصفات مع أن الموصوف فيها واحد ؟ أجيب بجوابين : أحدهما أن الصفات إذا تكررت جاز أن يعطف بعضها على بعض بالواو وإن كان الموصوف بها واحداً ، ودخول الواو في مثل هذا للتفخيم لأنه يؤذن بأن كل صفة مستقلة بمدح الموصوف بها ، ثانيهما لا نسلم أن الموصوف بها واحد بل هو متعدد ، والصفات موزعة عليهم ، فبعضهم صابر وبعضهم صادق ، ففيه إشارة إلى أن بعضها كاف في المدح . قوله : ( في الإيمان ) أي صدقوا بقلوبهم وانقادوا بظواهرهم . قوله : ( المطيعين لله ) أي بأي نوع من أنواع الطاعة . قوله : ( بأن يقولوا اللهم اغفر لنا ) أي أو غير ذلك من أنواع الطاعات ، فالمراد بالمستغفرين المتعرضون للمغفرة إما بسؤال المغفرة أو غيرها من الطاعات . قوله : ( وآخر الليل ) ويدخل بالنصف الأخير منه ، وقيل الأسحار ما بعد الفجر إلى طلوع الشمس ، فينبغي اغتنام هذين الوقتين فإن لم يمكن الأول فالثاني .