Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 154-155)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ } ثم للترتيب بدليل تصريحه بالبعدية بعد ذلك بقوله : { مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ } ، قوله : ( أمنا ) أشار بذلك إلى أن الأمنة والأمن بمعنى واحد وهو الطمأنينة ، زال سبب الخوف أولاً ، وقيل إن الأمن هو الطمأنينة مع زوال سبب الخوف ، والأمنة الطمأنينة مع وجود اسبابه . قوله : ( بدل ) أي بدل كل من كل وهو ظاهر ، لأن الأمنة هي النعاس بعينها ، وقيل بدل اشتمال لأن الأمنة لها اشتمال بالنعاس وهو له اشتمال بها ، لأنه لا يحصل النعاس إلا لآمن ، قوله : ( بالياء والتاء ) أي فهما قراءتان سبعيتان فعلى الياء الضمير عائد على النعاس ، وعلى التاء الضمير عائد على الأمنة ، قوله : ( يميدون ) أي يميلون ، وقوله : ( تحت الجحف ) بفتحتين وتقديم الحاء جمع حجفة كقصبة ، وقصب اسم للترس والدرقة كما في المصباح . قوله : ( وتسقط السيوف منهم ) أي المرة بعد المرة وكلما سقطت أخذوها . قوله : { وَطَآئِفَةٌ } أي من غيركم وهم المنافقون ، قوله : { قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ } أهم فعل ماض والتاء علامة التأنيث وأنفسهم فاعل ، والمعنى أنهم يحرصون على نجاة أنفسهم من الموت لا تشييداً للدين . قوله : ( ظناً ) { غَيْرَ } ( الظن ) { ٱلْحَقِّ } أشار بذلك إلى أن قوله : { غَيْرَ ٱلْحَقِّ } صفة لموصوف محذوف مفعول ليظنون ، وقوله : { ٱلْحَقِّ } صفة لمصدر محذوف مضاف لغير ، وقوله : { ظَنَّ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ } صفة ثانية وهو منصوب بنزع الخافض ، والمعنى أن هذه الطائفة حملتهم أنفسهم على الهزيمة لنجاتها ، ومن أوصافهم أنهم يظنون في ربهم ظناً باطلاً مثل ظن الجاهلية بمعنى أهل الجهل والكفر حيث ظنوا أن النبي قتل وأن دينه قد بطل ، قال تعالى : { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ } [ فصلت : 23 ] وقال تعالى : { وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ ٱلضَّآلُّونَ } [ الحجر : 56 ] فحسن الظن بالله من علامات الإيمان ، قال تعالى في الحديث القدسي : " أنا عند ظن عبدي بي ما شاء " وبالجملة فمن أراد أن يعلم عاقبة ربه فلينظر إلى ظنه بربه . قوله : { يَقُولُونَ } أي اعتراضاً على رسول الله وتكذيباً له . قوله : { هَل لَّنَا } استفهام انكاري بمعنى النفي أي ما ثبت لنا من النصر شيء ، قلنا خبر مقدم وشيء ومبتدأ مؤخر ، ومن زائدة فيه ، ومن الأمر حال من شيء ، قوله : ( بالنصب ) توكيد أي للأمر ، وخبر إن قوله لله ، قوله : ( أو بالرفع مبتدأ إلخ ) أي والجملة خبر إن والقراءتان سبعيتان ، قوله : ( أي القضاء له ) تفسير والمعنى أن النصر بيد الله والله هو الفاعل المختار ، وليس النصر بكثرة العدد والعدد . قوله : ( بيان لما قبله ) أي استئناف بياني واقع في جواب سؤال مقدر كأنه قيل ما الذي يخفونه . قوله : { لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ } أي الإختيار والرأي . قوله : ( لكن أخرجنا كرهاً ) أي فحصل القتل فينا . قوله : { قُل } ( لهم ) أي رداً لمقالتهم واعتقادهم دفع قضاء الله المبرم . قوله : { لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ } أي لو لم تخرجوا إلى أحد ومكثتم في بيوتكم وقوله : { لَبَرَزَ } جواب قوله : { لَّوْ } والمعنى لخرج من قضي عليه بالموت إلى المحل الذي مات به لسبب من الأسباب ونفذ حكم الله فيه ، مما اتفق أن سليمان بن داود عليهما السلام كان جالساً ، وإذا بملك الموت أقبل عليه ونظر إلى رجل في مجلسه ، فارتعدت فرائص الرجل ، فلما ذهب ملك الموت قال الرجل : يا نبي الله إني خفت من نظرة هذا الرجل ، فقال : هو ملك الموت ، قال الرجل : مر الرياح لتذهب بي إلى اقصى البلاد ففعل ، فبعد لحظة وإذا بملك الموت قد أقبل على سليمان فقال له : إن الله أمرني أن أقبض روح ذلك الرجل بتلك الأرض ، فلما وجدته في مجلسك تحيرت ، فكان منه ما كان ، فهو قد خرج هارباً وفي الواقع خرج لمصرعه . قوله : { وَ } ( فعل ما فعل ) أشار بذلك إلى أن قوله : { لِيَبْتَلِيَ } لمحذوف والواو عاطفة لذلك المحذوف على أنزل . قوله : { وَلِيُمَحِّصَ } عطف على ( ليبتلي ) من عطف المسبب على السبب . قوله : ( ليظهر للناس ) أي المؤمن الخالص من غيره . قوله : ( إلا اثنا عشر ) منهم أبو بكر وعلي وطلحة وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ، وتقدم في رواية أن من بقي ثمانية عشر ، وقيل لم يبق إلا طلحة ، وتقدم الجمع بين هذه الروايات . قوله : ( وهو مخالفة أمر النبي ) أي حيث قسمهم خمسة أقسام وأقام كلاً في مركز وقال لهم لا تبرحوا عن مكانكم غلبنا أو نصرنا ، فبعضهم تفرق للغنيمة ، والبعض فرقه الأعداء . قوله : { وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ } أي عن الجماعة الذين تفرقوا للغنيمة وعصوا أمر النبي . قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } هذه الجملة تأكيد وعلة لما قبلها ، أي إنما عفا عنهم لأنه كثير المغفرة للذنوب واسع الحلم ، فلا يعجل بالعقوبة على العاصي لأن الكل في قبضته ، ولا يعجل بالعقوبة إلا من يخاف الفوات .