Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 28-29)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } قيل نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول ، كان منافقاً يخفي الكفر ويحب أهله ويواليهم باطناً ، وكان بصحبته على هذه الخلصة ثلثمائة ، كانوا يحبون ظفر الأعداء برسول الله وأصحابه ، وإنما كانوا يظهرون الإسلام فقط ، فمعنى الآية أن من علامة الإيمان عدم موالاة أهل الكفر ، قال تعالى : { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } [ المجادلة : 22 ] الآية ، وقال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ } [ الممتحنة : 1 ] قوله : { أَوْلِيَآءَ } أي أصدقا وقوله : ( يوالونهم ) أي يحبونهم ويميلون إليهم . قوله : { مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } في محل الحل من الفاعل ، أي حال كون المؤمنين متجاوزين بموالاتهم المؤمنين أي تاركين قصر الولاية عليهم ، وذلك الترك يصدق بصورتين ، كونها مشتركة بين الكفار والمؤمنين ، أو مختصة بالكفار ، فالصورتان داخلتان في منطوق النهي ، وإنما الواجب على المؤمنين قصر الموالاة والمحبة على بعضهم . قوله : { فَلَيْسَ مِنَ } الكلام على حذف مضاف ، قدره المفسر بقوله دين وفيه حذف مضاف أيضاً أي من أهل دين الله ، فالمعنى أنه كافر ، وإذا اطلعنا عليه فلا نبقيه بل نقتله ، ويسمى زنديقاً ومنافقاً ، واسم ليس ضمير يعود على من الشرطية . قوله : { إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ } هذا استثناء مفرغ من عموم الأحوال ، أي لا يتخذ المؤمن الكافر ولياً لشيء من الأشياء ، ولا لغرض من الأغراض إلا للتقية ظاهراً بحيث يكون مواليه في الظاهر ومعاديه في الباطن . ومحصله أن الله نهى المؤمنين عن موالاة الكفار ومداهنتهم ، إلا أن يكون الكفار غالبين ظاهرين ، أو يكون المؤمن في قوم كفار فيداهنهم بلسانه مطمئناً قلبه بالإيمان ، فالتقية لا تكون إلا مع الخوف على النفس أو العرض . قوله : { تُقَـٰةً } وزنه فعله ويجمع على تقى كرطبة ورطب ، وأصله وفيه لأنه من الوقاية ، فأبدلت الواو تاء والياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وقوله : ( من تقيته ) بفتح القاف بوزن رميته وهو بمعنى اتقيته . قوله : ( دون القلب ) أي فالموالاة به حرام إجماعاً . قوله : ( وهذا ) أي قوله إلا أن تتقوا . قوله : ( ليس قوياً فيها ) أي الإسلام ليس قوياً في تلك البلد ، كأن يجعل أمراء تلك البلدة الحكام من أهل الكفر ، فالواجب مداراتهم ظاهراً حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً ، كما وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم " أنه كان في داره يوماً ، إذ أقبل عليه رجل فطرق الباب فقال من ؟ فقال فلان فقال سراً : بئس أخو العشيرة ، ثم لما خرج إليه أطلق له وجهه وصار يلاطفه بالقول ، فلما انصرف قالت له عائشة : رأيت منك عجباً ، سمعتك تقول قولاً ثم فعلت خلافه ، فقال : يا عائشة إنا لنبش في وجوه قوم وقلوبنا تلعنهم " . قوله : { وَيُحَذِّرُكُمُ } الكاف مفعول أول ، ونفسه مفعول ثان ، وهو على حذف مضاف أشار له المفسر بقوله أن يغضب عليكم ، والأصل غضبت نفسه ، أي فإن واليتموهم غضب الله بجلاله عليكم . قوله : ( فيجازيكم ) أي إما بالثواب إن لم توالوهم أو بالعقاب إن واليتموهم . قوله : { يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ } أي فيرتب الجزاء على ذلك .