Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 40-42)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { أَنَّىٰ يَكُونُ } تستعمل أني شرطية كقول الشاعر : @ فأصبحت أنى تأتها تستجر بها تجد حطباً جزلاً وناراً تأججا @@ وتستعمل اسم استفهام كما هنا فلذا فسرها بكيف ويكون ناقصة وغلام اسمها وخبرها أنى ، التقدير رب يكون لي غلام علي أي حالة ، فالاستفهام من أحوال الغلام لا عن ذاته . قوله : { وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ } هذا أسند البلوغ للكبر ، وفيما يأتي في سورة مريم أسنده لنفسه ، وكلاهما صحيح لأن البلوغ من الطرفين ، والجملة حالية وكذا ما بعدها . قوله : ( أي بلغت نهاية السن ) أي بالنسبة لأهل زماني فلا ينافي أن المتقين كان الواحد منهم يعمر الألف . قوله : { كَذَلِكَ } خبر لمحذوف قدره ، بقوله : ( الأمر ) وقوله من خلق غلام بيان لمرجع اسم الإشارة ، والكاف في كذلك يحتمل أن تكون صلة ، والمعنى قال الله الأمر ذلك ، واسم الإشارة راجع إلى خلق الولد ، ويحتمل أن تكون أصلية ، والمعنى قال الله الأمر كذلك أي كما قلت لا تغيير فيه ولا تبيدل ، فاسم الإشارة راجع إلى القول . قوله : ( ألهمه السؤال ) أي بقوله أنى يكون لي غلام . قوله : ( ليجاب بها ) علة للإلهام وقوله ؛ ( لإظهار ) علقة لقوله : ( ليجاب ) فهو علة مقدمة على معاولها . إن قلت : ما الحكمة في قوله في قصة زكريا الله يفعل ما يشاء ، وفي قصة مريم الله يخلق ما يشاء ؟ قلت : الحكمة أن خرف العادة في عيسى أعظم من يحيى ، فإن عيسى لم يكن له أب كون أمه عذراء ، وأما يحيى فأبواه موجودان وأن كان هناك مانع من الحمل ، فعبر في جانب عيسى بالخلق الذي هو إنشاء واختراع دون الفعل . قوله : ( ولما تاقت نفسه ) أي اشتاقت . قوله : { قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً } أي لأزداد بها شكراً على ما أعطتيني وسروراً به . قوله : ( وعلامة على حمل امرأتي ) أي فإن الحمل في مبدئه خفي فطلب علامة على ظهور علوقها به . قوله : { أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ } أي يأتيك مانع من الله يمنعك من الكلام بغير ذكر الله . قوله : ( أي بلياليها ) أخذ ذلك ممن يأتي في سورة مريم جمعاً بين الموضعين والقصتين ، ومن ذلك اختار بعض أكابر الصوفية أن الخلوة مع الرياضة لبلوغ المراد ثلاثة أيام بلياليها ، يجعل ذكر الله فيها شعاره ودثاره ولا يتكلم فيها . قوله : { إِلاَّ رَمْزاً } استثناء منقطع على التحقيق ، لأن الرمز لا يقال له كلام اصطلاحاً وإن كان كلاماً لغة ، لكن ليس مراداً هنا . قوله : ( أشارة ) أي وكانت بسبابته اليمنى . قوله : ( اواخر النهار ) راجع للعشي وقوله : ( واوائلة ) راجع للأكابر فهو لهف ونشر مرتب ، وخص هذين الوقتين لفرضية الصلاة عليه فيهما . قوله : { إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاَئِكَةُ } عطف على قوله إذا قالت امرأة عمران ، والمناسبة بينهما ظاهرة ، فإن تلك قصة الأم وهذه قصة البنت ، وأما قصة زكريا فذكرت بينهما ، لأن رؤية العجائب في الأول هي الحاملة لزكريا على طلب الولد . قوله : ( أي جبريل ) أشار بذلك إلى أنه من باب تسمية الخاص باسم العام تعظيماً له . قوله : { يٰمَرْيَمُ } الحكمة في أن الله لم يذكر في القرآن امرأة باسمها إلا هي ، الإشارة بطرف خفي إلى رد ما قاله الكفار من أنها زوجته ، فإن العظيم على الهمة يأنف من ذكر اسم زوجته بين الناس : فكأن الله يقول لو كانت زوجة لي لما صرحت باسمها . قوله : ( من مسيس الرجال ) أي ومن الحيض والنفاس وكل قذر . قوله : ( أي أهل زمانك ) اشار بذلك إن العالمين عام مخصوص بما عدا خديجة وفاطمة وعائشة ، وهذه طريقة مرجوحة ، والحق أن مريم أفضل النساء على الاطلاق ثم فاطمة ثم خديجة ثم عائشة ، قال بعضهم في ذلك : @ فضل النسا بنت عمران ففاطمة خديجة ثم من قد برأ الله @@ وبالجملة فأفضل النساء خمسة : مريم وخديجة وفاطمة وعائشة وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون وهي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة وكذلك مريم .