Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 55-57)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : ( اذكر ) { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ } أشار بذلك إلى أن إذ ظرف معمول لمحذوف ، والمعنى أن اليهود لما تجمعوا على قتله وتحيلوا على أخذه جعل الله كيدهم في نحورهم ، وقال الله يا عيسى الخ فهو من تفصيل قوله ومكر الله . قوله : { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } اختلف في التوفي فقيل معناه مبلغك الأمل بأن تبلغ عمرك بتمامه ولا تموت بقتل أحد بل من الله ، وقيل معناه بالنوم أي فرفع إلى السماء وهو نائم فلم يحصل له انزعاج ، وقل معناه مميتك قابض لروحك لا يقال إنه يقتضي أنه يموت قبل الرفع إلى السماء لأنه يقال إن الواو لا تقتضي ترتيباً ولا تعقيباً فالكلام على التقديم والتأخير ، والمعنى أني رافعك إليّ ومتوفيك بعد ذلك ، والمقصود بشارته بنجاته من اليهود ورفعه إلى السماء ، واعلم أن الأنبياء الذين أمروا بالقتال معصومون من القتل فلا خصوصية لعيسى ، وأما من لم يؤمر به فلا مانع من كون الكفار يقتلونه لأنه مأمور بالصبر ، وذلك كما وقع لزكريا حين نشروه بالشجرة . قوله : ( قابضك ) { وَرَافِعُكَ } أشار بذلك لى أن عطف ورافعك على متوفيك للتفسير وهو تقدير آخر غير ما تقدم . قوله : { وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } أي إلى كرامتي وأهل قربي . وقوله : ( من الدنيا ) أراد بها الأرض . قوله : { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ } أي أحبوك وانتسبوا لك ، فإن صدقوا بمحمد أيضاً وأحبوه أو ماتوا قبل بعثته فقد تم لهم العز دنيا وأخرى ، وإن لم يصدقوا بمحمد ولم يحبوه فقد حازوا على الدنيا . ( وما لهم في الآخرة من خلاق ) فالنصارى له عز في الدنيا وسلطنة على اليهود إلى يوم القيامة . قوله : ( وهم اليهود ) أي فهو عز على خصوص اليهود لا مطلقاً ما داموا كفاراً ، وذلك أنه لما رفع الله عيسى افترق أصحابه ثلاث فرق ، فقالت فرقة كان الله فينا ثم صعد إلى السماء وهم اليعقوبية ، وقالت أخرى كان فينا ابن الله ثم رفعه إليه وهم النسطورية ، وقالت أخرى كان فينا عبد الله ورسوله ثم رفعه الله إليه وهذ الفرقة هم المسلمون ، فتظاهرت عليهم الفرقتان الكافرتان فقتلوهم ، فلم يزل الإسلام منطمساً إلى أن بعث محمد . قوله : ( يعلونهم بالحجة ) أي يغلبونهم بالأدلة . قوله : { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } أي طافئة بعد طائفة . قوله : { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } خطاب لجميع المخلوقات . قوله : { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ } تفصيل لما يؤول أمر الناس إليه في الآخرة . قوله : ( بالقتل والسبي ) أي مع الذل والهوان . قوله : ( مانعين منه ) أي من العذاب . قوله : ( بالياء والنون ) أي فهما قرءاتان سبعيتان . قوله : ( فتعلقت به أمه ) أعلم أنه بعد رفعه بسبعة أيام قال الله له اهبط إلى مريم ، فإنه لم يبك عليك أحد بكاءها ، ولم يحزن عليك أحد حزنها ، ثم لتجمعن الحواريين فبثهم في الأرض دعاة إلى الله ، فأهبطه الله عز وجل ، فاجتمعت له الحواريون فبثهم في الأرض ، فلما أصبح الحواريون تكلم كل واحد منهم بلغة من أرسله عيسى إليه ، إذا علمت ذلك ، فقوله : ( تعلقت به أمه ) محمول على هذا الصعود الثاني ، وإلا فالأول لم تعلم به وهي لا ولا أصحابه . قوله : ( وبكت ) أي على فراقه . قوله : ( وكان ذلك ليلة القدر ) إن قلت إن ليلة القدر من خصائص هذه الأمة ، أجيب بأن الذي من خصائص هذه الأمة فضلها من كونها خيراً من ألف شهر ، وكونها تنزل فيها الملائكة من الغروب إلى طلوع الفجر ، وكون الدعاء فيها مجاباً بعين المطلوب ، فلا ينافي ثبوتها في الأمم السابقة ، لكن بهذا الفضل . قوله : ( وله ثلاث وثلاثون سنة ) أي وعليه فقيل جاءته النبوة من حين الولادة وقيل على رأس الثلاثين ، وبعد هذا فما قاله المفسر ضعيف رجع عنه كما قاله سيدي محمد الزرقاني في شرح المواهب ، والحق الذي اعتمده الاشياخ أنه ما رفع إلا بعد مضي مائة وعشرين سنة ، وجاءته النبوة على رأس الأربعين وكغيره ، وعمر أمه حين رفع على الأول ست وأربعون سنة وعاشت بعده ست سنين فيكون عمرها اثنين وخمسين ، وعلى الثاني مائة وتسعة وثلاثين ، واعلم أنه لما رفع كساه الله خلعة النور وسلبه شهوة الطعام والشراب والنوم ، وجعل له ريشاً يطير به كالملائكة فهو حكمهم . قوله : ( إنه نزل ) أي على منارة بني أمية حين يضايق الدجال المهدي والخلق جميعاً ، فيهرعون إلى دمشق الشام وهو محتاط بهم ، فينزل عند إقامة الصلاة ، فيريد المهدي التأخير فيأمره عيسى بالتقدم ، فعبد الصلاة يتوجهون إلى الدجال وهو في بلد ، فإذا رأى عيسى ذاب كالملح فيهزمه الله ، ثم يظهر العدل والصلاح في الأرض . قوله : ( ويحكم بشريعة نبينا ) إن قلت إن وضع الجزية ليس من شرع نبينا . أجيب بأنه غير أن أخذها مغيى بنزول عيسى كما أخبرك بذلك نبينا فوضعها أيضاً من شرعنا ( قوله سبع سنين ) أي فوق الثلاث والثلاثين وهو ضعيف . قوله : ( أربعين سنة ) قيل من ولادته فيكون مكثه بعد النزول سبع سنين كالرواية الأولى ، وقيل مبدأ الأربعين من نزوله ، وعلى كونها من نزوله فعلى كونه رفع وهو ابن ثلاث وثلاثون يكون عمره ثلاثاً وسبعين سنة ، وعلى أنه رفع وهو ابن مائة وعشرين فيكون عمره مائة وستين . قوله : ( ويصلى عليه ) أي يصلي عليه المسلمون ويدفن في السهوة الشريفة ، فإذا جاء يوم القيامة قام أبو بكر وعمر بين رسولين سيدنا محمد وعيسى عليهما السلام .