Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 7-9)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } قيل سبب نزولها أن وفد نجران قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ألست تقول إن عيسى روح الله وكلمته ؟ فقال نعم ، فقالوا حسنا أي يكفينا ذلك في كونه ابن الله ، فنزلت الآية ، والمعنى أن الله أنزل القرآن منه محكم ومنه متشابه ، وقوله روح الله وكلمته من المتشابة الذي لا يعرفون معناه ولا يفهمون تأويله ، بل معنى ذلك أنه روح من الله أي نوره وكلمته ، بمعنى أنه قال له كن فكان ، فهو عبد من جملة العباد ميزه الله بالنبوة والرسالة . قوله : ( أصله ) إنما فسر الأم بذلك لصحة الأخبار بالمفرد عن الجمع ، لأن الأصل يصدق بالمتعدد . وأجيب أيضاً بأنه عبر بالمفرد إشارة إلى أن المجموع بمنزلة آية واحدة على حد ( وجعلنا ابن مريم وأمه آية ) وما سلكه المفسر أظهر . قوله : ( المعتمد عليه في الأحكام ) أي الذي يعول عليه في أحكام الدين والدنيا هو المحكم ، وأما المتشابة فلم يكلف بمعرفة معناه بل نؤمن به ونفوض علمه لله . قوله : { وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } . إن قلت هلا نزل كله محكماً لأنه نزل لارشاد العباد ومداره على المحكم لا على المتشابه ؟ أجيب بأنه نزل على أسلوب العرب ، فإن أسلوبهم التعبير بالمجاز والكناية والتلميح وغير ذلك من المستحسنات ، فلو نزل كله محكماً لقالت العرب إن القرآن على لغتنا فهلا ذكر فيه مستحسنات لغاتنا . قوله : ( لا يفهم معانيها ) أي إلا بفكر وتأمل كما هو مذهب الخلف . قوله : ( كأوائل السور ) أي بعضها وأدخلت الكاف باقي الآيات المتشابهة . قوله : ( وجعله كله محكماً الخ ) جواب عن سؤال مقدر كأن قائلاً قال هذه الآية بينت أن القرآن بعضه محكم وبعضه متشابه ، وآية أخرى بينت أن كله محكم وآية أخرى أفادت أن كله متشابه ، فبين هذه الآيات تناف أجاب المفسر بما ذكره . قوله : ( بمعنى أنه ليس فيه عيب ) أي لا في ألفاظه ولا في معانيه . قوله : ( في الحسن والصدق ) قال ابن عباس : تفسير القرآن أربعة أقسام : قسم لا يسع أحداً جهله كقوله : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } [ الأخلاص : 1 ] ، وقسم يتوقف على معرفة لغات العرب كقوله : { قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي } [ طه : 18 ] ، وقسم تعرفه العلماء الراسخون في العلم ، وقسم لا يعلمه إلا الله ، وخل تحت القسمين الأخيرين المتشابه ، وحكمة الإتيان بالمتشابه الزيادة في الاعجاز عن الإتيان بمثله ، فإن المحكم وإن فهموا معناه إلا أنهم عجزوا عن الإتيان بلفظ مثل ألفاظه ، والمتشابه عجزوا عن فهم معناه ما عجزوا عن الإتيان بمثله . قوله : ( ميل عن الحق ) أي إلى الباطل . قوله : ( بوقوعهم في الشبهات واللبس ) أي كنصارى نجران ومن حذا حذوهم ممن أخذ بظاهر القرآن ، فإن العلماء ذكروا أن من أصول الكفر الأخذ بظواهر الكتاب والسنة . قوله : { وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } معطوف على ابتغاء الأول ، والمعنى أنهم يتجرؤون على تفسيره تفسير باطل لا أصل له . قوله : { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ } أي تفسيره على الحقيقة . قوله : { إِلاَّ ٱللَّهُ } ( وحده ) هذه طريقة السلف واختارها المفسر لكونها أسلم ، فالوقف على قوله إلا الله ، وأما طريقة الخلف فهي أحكم ، فالوقف على أولي الألباب ، فالراسخون معطوف على لفظ الجلالة ، قال بعضهم ويؤيد طريقة الخلف قوله تعالى بعد ذلك : { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } . قوله : { وَٱلرَّاسِخُونَ } كلام مستأنف قالوا وللاستئناف والراسخون مبتدأ ، وفي العلم متعلق بالراسخون وخبره يقولون كما قاله المفسر ، قال مالك : الراسخ في العلم من جمع أربع خصال : الخشية فيما بينه وبين الله ، والتواضع فيما بينه وبين الناس ، والزهد فيما بينه وبين الدنيا والمجاهدة فيما بينه وبين نفسه . قوله : { مِّنْ عِندِ رَبِّنَا } أي ففهمنا المحكم وأخفى علينا المتشابه . قوله : ( في الأصل في الذال ) أي فأصله يتذكر قلبت التاء ذالاً ثم أدغمت في الذال . قوله : ( أصحاب العقول ) أي السليمة المستنيرة . قوله : ( من يتبعه ) أي يتبع الباطل . قوله : { بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } أي بعد وقت هدايتك وتبيينك الحق لنا . قوله : ( تثبيتاً ) فسر الرحمة هما بذلك لأنه المراد هنا ، وأما في غير هذا الموضع فقد تفسر بالمطر أو الغفران . قوله : { إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ } أي الذي تعطي النوال قبل السؤال . قوله : { رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ } منادي وحرف النداء محذوف ، قدره المفسر إشارة إلى أنه دعاء . قوله : ( أي في يوم ) أشار بذلك إلى أن اللام بمعنى في . قوله : ( فيه التفات ) أي على أنه من كلام الراسخين . قوله : ( ويحتمل أن يكون من كلامه تعالى ) أي فلا التفات فيه على مذهب الجمهور ، وأما على مذهب السكاكي ففيه التفات على كل حال لأنه أتى على خلاف السياق . قوله : ( روى الشيخان ) قصده بذلك الاستدلال على ذم المتبعين للمتشابه ومدح الراسخين . قوله : ( فأولئك الذين سمى الله ) أي بقوله : { فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ } الآية . قوله : ( فاحذروهم ) الخطاب لعائشة وإنما ذكر وجمع تعظيماً لها أو إشارة إلى عدم خصوصيتها بذلك . قوله : ( وروى الطبراني ) أي في معجمه الكبير . قوله : ( إلا ثلاث خلال ) هذه نسخة وفي أخرى خصال . قوله : ( وذكر منها الخ ) هذه هي الخلة الثانية وترك اثنتين ، ونص الحديث : أخرج الطبراني عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال : أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا ، وأن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله وما يعلم تأويله إلا الله . والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ، وأن يزداد علمهم فيضعوه ولا يسألوا عنه " .