Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 1-7)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { غُلِبَتِ ٱلرُّومُ } { ٱلرُّومُ } اسم قبيلة سميت باسم جدها ، وهو روم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم ، وسمي عيصو لأنه كان مع يعقوب في بطن ، فعند خروجهما تزاحما ، وأراد كل منهما أن يخرج قبل الآخر ، فقال عيصو ليعقوب : إن لم أخرج قبلك ، وإلا خرجت من جنبها ، فتأخر يعقوب شفقة منه ، فلهذا كان أبا الأنبياء ، وعيصو أبا الجبارين ، وسبب نزول هذه الآية ، " أنه كان بين فارس والروم قتال ، وكان المشركون يودون أن تغلب فارس الروم ، لأن فارس كانوا مجوساً أميين ، والمسلمون يودون غلبة الروم على فارس لكونهم أهل كتاب ، فبعث كسرى جيشاً إلى الروم ، واستعمل عليهم رجلاً يقال له شهر يزان ، وبعث قيصر جيشاً ، وأمر عليهم رجلاً يدعى بخنس ، فالتقيا بأذرعات وبصرى ، وهي أدنى الشام إلى أرض العرب والعجم ، فغلبت فارس الروم ، فبلغ ذلك المسلمين بمكة ، فشق عليهم ، وفرح به كفار مكة وقالوا للمسلمين : إنكم أهل كتاب ، والنصارى أهل كتاب ، ونحن أميون ، وفارس أميون ، وقد ظهر اخواننا من أهل فارس على اخوانكم من الروم ، وإنكم إن قاتلتمونا لنظهرن عليكم ، فأنزل الله هذه الآيات ، فخرج أبو بكر الصديق إلى كفار مكة فقال : فرحتم بظهور إخوانكم فلا تفرحوا ، فوالله لتظهرن الروم على فارس ، أخبرنا بذلك نبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام إ ليه أبي بن خلف الجمحي ، وقال : كذبت ، فقال له الصديق : أنت أكذب يا عدو الله ، فقال : اجعل أجلاً أناحبك ، أي أقامرك وأراهنك عليه ، فراهنه على عشر قلائص منه ، وعشر قلائص من الآخر فقال أبي : إن ظهرت الروم على فارس غرمت ذلك ، وإن ظهرت فارس على الروم غرمت لي ، ففعلوا ، وجعلوا الأجل ثلاث سنين ، فجاء أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك ، وكان ذلك قبل تحريم القمار ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما هكذا ذكرت إنما البضع ما بين الثلاث إلى التسع ، فزايده في الخطر ، ومادده في الأجل ، فخرج أبو بكر فلقي أبياً فقال : لعلك ندمت ؟ فقال : لا ، قال : فتعال أزايدك في الخطر ، وأماددك في الأجل ، فأجعلها مائة قلوص ، ومائة قلوص إلى تسع سنين ، وقيل إلى سبع سنين ، فقال : قد علمت فلما خشي أبي بن خلف أن يخرج أبو بكر من مكة ، أتاه ولزمه وقال : إني أخاف أن تخرج من مكة فأقم لي كفيلاً ، فكفله ابنه عبد الله بن أبي بكر ، فلما أراد أبي بن خلف أن يخرج إلى أحد ، أتاه عبد الله بن أبي بكر فلزمه وقال : لا والله ، لا ادعك حتى تعطيني كفيلاً ، فأعطاه كفيلاً ثم خرج إلى أحد ، ثم رجع أبي بن خلف إلى مكة ومات بها من جراحته التي جرحه النبي صلى الله عليه وسلم إياها حين بارزه ، وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية ، وذلك على رأس سبع سنين من مناحبتهم ، وقيل يوم بدر ، وربطت الروم خيلوهم بالمدائن ، وبنوا بالعراق مدينة وسموها رومية ، فأخذ أبو بكر مال الخطر من ورثته وجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك قبل أن يحرم القمار ، فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : تصدق به " . قوله : ( وهم من أهل الكتاب ) أي نصارى ، فنصرتهم علامة على نصرة النبي وأصحابه ، وقوله : ( وليسوا أهل كتاب ) أي بل هم مجوس ، فنصرتهم علامة على نصر كفار مكة ، فكل حزب بما لديهم فرحون . قوله : ( بل يعبدون الأوثان ) أي التي من جملتها النار . قوله : ( وقالوا للمسلمين ) الخ ، هذا هو حكمة ذكر تلك الواقعة . قوله : ( أقرب أرض الروم ) أي فأدنى أفعل تفضيل ، وأل عوض عن المضاف اليه . قوله : ( بالجزيرة ) المراد بها ما بين دجلة والفرات ، وليس المراد بها جزيرة العرب . قوله : { وَهُم } مبتدأ ، وجملة { سَيَغْلِبُونَ } خبره . قوله : { فِي بِضْعِ سِنِينَ } متعلق بيغلبون وهو على حذف مضاف ، أي في انتهاء بضع سنين ، وأبهم البضع لأدخال الرعب والخوف عليهم في كل وقت . قوله : ( فالتقى الجيشان في السنة السابعة من الالتقاء الأول ) أي يوم بدر ، وإن كانت الواقعة الأولى قبل الهجرة بخمس سنين ، أو يوم الحديبية إن كانت الأولى قبل الهجرة بسنة ، والمراد بالجيشين جيش كسرى وجيش قيصر ملك الروم ، فأقبل في خمسمائة ألف رومي إلى الفرس وغلبوهم ، ومات كسرى ملك الفرس . قوله : { لِلَّهِ ٱلأَمْرُ } أي لا لغيره . قوله : { مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } القراءة المشهورة ببناء { قَبْلُ } و { بَعْدُ } على الضم لحذف المضاف إليه ونية معناه . قوله : ( أي من قبل غلب الروم ) أي من قبل كونهم غالبين ، وقوله : ( ومن بعده ) أي من بعد كونهم مغلوبين . قوله : ( المعنى أن غلبة فارس ) الخ ، جواب عما يقال : ما فائدة قوله : { غَلَبِهِمْ } بعد قوله : { غُلِبَتِ ٱلرُّومُ } ؟ وحاصل الجواب : أن فائدته إظهار أن ذلك بأمر الله ، لأن شأن من غلب بعد كونه مغلوباً أن يكون ضعيفاً ، فلو كانت الغلبة بحولهم وقوتهم لما غلبوا أولاً . قوله : ( أي يوم تغلب الروم ) أشار بذلك إلى أن تنوين { يَوْمَئِذٍ } عوض عن الجملة . قوله : { يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ ٱللَّهِ } أي فاستبشر المؤمنون بنصر الروم على فارس ؛ وعلموا أن الغلبة لهم على كفار مكة . قوله : ( يوم بدر ) هذا أحد قولين ، وهو مبني على أن الواقعة الأولى كانت قبل الهجرة بخمس سنين ، وقيل يوم الحديبية ، بناء على أن الأولى قبل الهجرة بسنة . قوله : ( مصدر ) أي مؤكد لمضمون الجملة التي تقدمت ، وعامله محذوف أي وعدهم الله وعداً . قوله : ( به ) أي النصر . قوله : { لاَ يَعْلَمُونَ } أي لجهلهم وعدم تفكرهم واعتبارهم . قوله : { يَعْلَمُونَ } أي الأكثر . قوله : { ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي وإما باطناً منها ، وهو كونها مجازاً إلى الآخر ، يتزود فيها الأعمال الصالحة فليس لهم به علم . قوله : ( إعادة ) أي لفظ ( هم ) .