Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 1-4)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

سورة سبأ مكية إلا { وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } الآية . وهي أربع أو خمس وخمسون آية بالصرف وتركه كما سيأتي ، سميت بذلك لذكر قصة سبأ فيها ، من باب تسمية الشيء باسم بعضه . قوله : ( حمد تعالى ) من باب فهم . قوله : ( المراد ) بالجر نعت لاسم الإشارة . قوله : ( الثناء بمضمونه ) أي انشاء الثناء بمضمونه ، وهو الوصف بالجميل ، وليس المراد انشاء المضمون ، لأن اتصافه بالجميل أزلي ثابت له سبحانه وتعالى ، وإنما تعبدنا الله تعالى ، بتجديد حمد موافق للحمد الأزلي ، وهذا يؤيد قول بعض العلماء : إن أل في الحمد عهدية ، لأن الله لما علم عجز خلقه في كنهه ، حمد نفسه بنفسه أزلاً ، وأمرهم أن يحمدوه بحمد موافق لحمده ، فتحصل أن الوصف بالجميل ثابت لله أزلاً ، وإنشاء الثناء به حادث ، فقول الله تعالى { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } اللفظ والتلفظ حادثان دالان على معنى قديم ، وهو اتصاف الله بالجميل . إن قلت : الحمد مدح ، ومدح النفس مذموم بين الخلق ، فما وجه ذلك ؟ أجيب : بأن أوصاف الرب لا تقاس على أوصاف العبيد ، ألا ترى الاتصاف بالعظمة والكبرياء ، فإنها نقص في الخلق ، كمال في الخالق ، وبهذا انهدم قول المعتزلة : إن كل ما حسنه العقل يوصف به الرب ، وكل ما قبحه العقل ينزه عنه ، وبنوا على ذلك أموراً فاسدة منها : وجوب الصلاح والأصلح ، وغير ذلك . قوله : ( ملكاً وخلقاً ) أي إن كل ما في السماوات وما في الأرض ، مملوك ومخلوق له سبحانه وتعالى . قوله : { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلآخِرَةِ } أي في نظير النعم التي تعطى لأهل الإيمان ، فالحمد في الآخرة مخصوص بمن آمن ، وأما الكفار فليسوا من أهله . قوله : ( كالدنيا ) أشار بذلك أن في الآية اكتفاء . قوله : ( يحمده أولياؤه ) المراد بهم المؤمنون . قوله : ( إذا دخلوا الجنة ) أي فيقولون : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ، الحمد لله الذي صدقنا وعده . قوله : { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ } أي فلا اعتراض عليه في فعل من الأفعال . قوله : { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ } تفصيل لبعض معلوماته التي تعلق بها مصالح الدين والدنيا . قوله : ( كماء وغيره ) أي كالكنوز والأموات . قوله : ( كنبات وغيره ) أي كالكنوز والأموات إذا خرجت من القبور . قوله : ( من رزق وغيره ) أي كالبركات والملائكة والصواعق . قوله : { وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } ضمن العروج معنى الاستقرار ، فعداه بفي دون إلى . قوله : ( من عمل وغيره ) أي كالملائكة ، فهو سبحانه وتعالى محيط بجميع ذلك . قوله : { ٱلْغَفُورُ } ( لهم ) أي إذا عصوه أو فرطوا في بعض حقوقه ، وفي ذلك إشارة إلى أن رحمة الله وغفرانه ، مختصان بمن يدخل الجنة ، وهذا في الآخرة ، وأما في الدنيا ، فرحمته وسعت كل شيء . قوله : { لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ } أراد الكفار بضمير التكلم جميع الخلق لا خصوص أنفسهم ، وأرادوا أيضاً بنفي اتيانها ، نفي وجودها لا عدم حضورها ، مع كونها في نفس الأمر . قوله : { قُلْ بَلَىٰ } رد لكلامهم ، لأن كلامهم نفي . فأجيب بالنفي ، ونفي النفي إثبات . قوله : { وَرَبِّي } أتى بالقسم تأكيداً للرد ، وقوله : { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ } تقوية للتأكيد ، والحكمة في وصفه تعالى بهذا الوصف ، الإهتمام بشأن المقسم عليه . قوله : ( بالجر ) إلخ ، أي فالقراءات الثلاث سبعيات وجهان في صيغة اسم الفاعل ، ووجه واحد في صيغة المبالغة . قوله : { لاَ يَعْزُبُ } بضم الزاي في قراءة الجمهور ، وكسرها في قراءة الكسائي . قوله : { وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ } إلخ ، قرأ العامة بضم الراء في أصغر وأكبر على أنه مبتدأ ، وخبره قوله : { إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } وقرئ بفتح الراء ، على أن لا نافية للجنس ، و { أَصْغَرُ } اسمها ، وقوله : { إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } خبرها ، والمعنى على كل من القراءتين واحد ، وهو أن كل ما كان ، وما يكون ، وما هو كائن من سائر المخلوقات ، ثابت في اللوح المحفوظ ومبين فيه زيادة على تعلق علم الله به وإثباتها في اللوح ، لا لاحتياج تنزه الله عنه . إن قلت : أي حاجة إلى ذكر الأكبر بعد الأصغر ، إذ هو مفهوم بالأولى ؟ أجيب : بأنه لرفع توهم أن اثبات الأصغر خوف توهم النسيان ، وأما الأكبر فلا ينسى ، فلا حاجة إلى إثباته ، فأفاد أن كلاً مرسوم في اللوح المحفوظ لا لاحتياج . قوله : { لِّيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } إلخ ، علة لقوله : { لَتَأْتِيَنَّكُمْ } كأنه قال : لتأتينكم لأجل جزاء المؤمنين والكافرين ، واللام للعاقبة والصيرورة . قوله : ( حسن في الجنة ) أي محمود العاقبة ، وأعظمه رؤية الله تعالى .