Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 1-2)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ } نعت ثاني للفظ الجلالة ، و { جَاعِلِ } وإن كان بمعنى المضي ، إلا أنه للاستمرار ، فباعتبار دلالته على المضي ، تكون إضافته محضة ، فيصلح لوصف المعرفة به ، وباعتبار دلالته على الحال والاستقبال ، يصلح للعمل في { رُسُلاً } . قوله : ( إلى الأنبياء ) أي بالوحي ، وحينئذ فيراد بعض الملائكة لا كلهم ، وعبارة البيضاوي أوضح من هذه وأولى ، ونصها : جاعل الملائكة رسلاً وسائط بين الله تعالى ، وبين أنبيائه والصالحين من عباده ، يبلغون إليهم رسالاته بالوحي والإلهام والرؤيا الصالحة ، أو بينه وبين خلقه يوصلون إليهم آثار صنعه . قوله : { أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ } يصح أن يكون صفة لرسلاً ، وهو إن كان صحيحاً من جهة اللفظ لتوافقهما تنكير ، إلا أنه يوهم أن الأجنحة لخصوص الرسل ، مع أنها لكل الملائكة ، فالأحسن جعله صفة أو حالاً من الملائكة ، نظراً لأن الجنسية . قوله : { مَّثْنَىٰ } بدل من { أَجْنِحَةٍ } مجرور بفتح مقدرة ، نيابة عن الكسرة المقدرة ، لأن اسم لا ينصرف ، والمانع له من الصرف الوصفية الوصفية والعدل ، لكونه معدولاً عن اثنين اثنين . قوله : { وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } إن قلت : في أي محل يكون الجناح الثالث لذي الثلاثة ؟ قلت : لعله يكون في وسط الظهر بين الجناحين يمدهما بالقوة . قوله : { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ } جملة مستأنفة سيقيت لبيان باهر قدرته تعالى . ( في الملائكة ) أي في صورهم ، فقد قال الزمخشري : رأيت في بعض الكتب ، أن صنفاً من الملائكة لهم ستة أجنهة ، فجناحان يلفون بهما أجسادهم ، وجناحان للطير يسيرون بهما في الأمر من أمور الله ، وجناحان على وجوههم حياء من الله تعالى ، وفي الحديث : " رأيت جبريل عند سدرة المنتهى ، وله ستمائة جناح ، يتناثر من رأس الدر والياقوت " وروى أنه سأل جبريل أن يتراءى له في صورته فقال : إنك لن تطيق ذلك : فقال : إني أحب أن تفعل ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مقمرة ، فأتاه جبريل في صورته ، فغشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أفاق وجبريل عليه السلام مسنده ، وإحدى يديه على صدره ، والأخرى بين كتفيه ، فقال : سبحان الله ما كنت أرى شيئاً من الخلق هكذا ، فقال جبريل : فكيف لو رأيت إسرافيل ، له اثنا عشر ألف جناح ، جناح منها بالمشرق ، وجناح بالمغرب ، وإن العرش على كاهله ، وإنه ليتضاءل الأحايين ، أي تصاغر الأزمان لعظمة الله ، حتى يعود مثل الوصع ، وهو العصفور الصغير . قوله : ( وغيرها ) أي من جميع الخلق ، كطول القائمة ، واعتدال الصورة ، وتمام الأعضاء ، وقوة البطش ، وحسن الصوت ، والشعر ، والخط ، وغير ذلك من الكمالات التي أعطاها الله لخلقه . قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } كالتعليل لما قبله . قوله : { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ } { مَّا } إما شرطية ، و { يَفْتَحِ } فعل الشرط ، وقوله : { فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا } جواب الشرط ، أو موصولة مبتدأ ، وقوله : { يَفْتَحِ } صلتها ، وقوله : { فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا } خبر المبتدأ ، وقرن بالفاء لما في المبتدأ من العموم ، وقوله : { مِن رَّحْمَةٍ } بيان لما . قوله : ( كرزق ) أي دنيوي أو أخروي ، وعبر في جانب الرحمة بالفتح ، إشارة إلى أنها شيء عزيز نفيس ، شأنه أن يوضع في خزائن ، وأتى بها منكرة ، لتعم كل رحمة دنيوية أو أخروية . قوله : { فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا } أنث مراعاة لمعنى { مَّا } وهو الرحمة . قوله : { وَمَا يُمْسِكْ } يصح أن يبقى على عمومه ، فالتذكير في قوله ظاهر ، ويصح أن يكون قد حذف من الثاني ، لدلالة الأول عليه ، والتذكير مرعاة اللفظ ، وقد أشار المفسر لهذا الثاني بقوله : ( من ذلك ) يعني من الرحمة . قوله : ( أي أهل مكة ) تفسير للناس باعتبار سبب النزول ، وإلا فالعبرة بعموم اللفظ .