Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 1-11)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
سورة ص مكية وهي ست أو ثمان وثمانون آية أي ويقال لهم سورة داود . قوله : ( مكية ) أي كلها . قوله : ( أو ثمان ) أو لحكاية الخلاف . قوله : ( الله أعلم به ) تقدم غير مرة أن هذا القول أسلم ، لأن تفويض الأمر المتشابه لعلم الله تعالى هو غاية الأدب ، واعلم أن في لفظ ص قراءات خمسة السبعة على السكون لا غير ، والباقي شاذ ، وهو الضم والفتح من غير تنوين ، والكسر بتنوين وبدونه ، فالضم على أنه خبر لمحذوف ، على أنه اسم للسورة ، أي هذه ص ، ومنع من الصرف للعلمية والتأنيث ، والفتح إما على أنه مفعول لمحذوف تقديره اقرأ ونحوه ، أو مبني على الفتح كأين وكيف ، والأول أقرب ، والكسر بغير تنوين للتخلص من التقاء الساكنين ، وبالتنوين مجرور بحرف قسم محذوف ، وصرف بالنظر إلى اللفظ . قوله : ( أي البيان ) أي لما يحتاج إليه أمر الدين ، وقوله : ( أو الشرف ) أي أن من آمن به ، كان شريفاً في الدنيا والآخرة ؛ قال تعالى : { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الأنبياء : 10 ] أي شرفكم ، وأيضاً القرآن شريف في ذاته ، من حيث اشتماله على المواعظ والأحكام وغيرهما ، فهو شريف في نفسه مشرف لغيره ، وقيل : المراد بالذكر ، ذكر أسماء الله تعالى وتمجيده ، وقيل : المراد به الموعظة ، وقيل : غير ذلك . قوله : ( وجواب هذا القسم محذوف ) إلخ ، هذا أحد أقوال وهو أحسنها ، وقيل : تقديره { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ يس : 3 ] كما في يس ، وقيل : هو قوله : { كَمْ أَهْلَكْنَا } وفيه حذف اللام ، والأصل لكم أهلكنا ، وإنما حذفت لطول الكلام ، نظير حذفها في قوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } [ الشمس : 9 ] بعد قوله : { وَٱلشَّمْسِ } [ الشمس : 1 ] ، وقيل : غير ذلك . قوله : { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } اضراب وانتقال من قصة إلى قصة . قوله : ( من أهل مكة ) خضهم بالذكر لأنهم سبب النزول ، وإلا فالمراد كل كافر . قوله : ( أي كثيراً ) أشار بذلك إلى أن { كَمْ } خبرية بمعنى كثيراً مفعول { أَهْلَكْنَا } و { قَرْنٍ } تمييز لها . قوله : { وَّلاَتَ حِينَ } اختلفت المصاحف في رسم التاء ، فبعضهم رسمها مفصولة ، وبعضهم رسمها متصلة بحين ، وينبني على هذا الاختلاف الوقف ، فبضعهم يقف على التاء ، وبعضهم على لا ، ومن يقف على التاء ، فجمهور السبعة يقفون على التاء المجرورة ، اتباعاً لمرسوم الخط الشريف ، والأقل منهم يقف بالهاء ، وهذا الوقف للاختيار ، لا أنه من جملة الأوقاف الجائزة . قوله : { مَنَاصٍ } المناص يطلق على المنجي والمفر والتقدم والتأخر ، وكل هنا يناسب المقام . قوله : ( أي ليس الحين ) إلخ ، أشار بذلك إلى مذهب الخليل وسيبويه في لات ، من حيث إنها تعمل عمل ليس ، وان اسمها محذوف ، وهو خبرها لفظ الحين ، وإلى ذلك أشار ابن مالك بقوله : وما للات في سوى حين عمل وحذف ذي الرفع فشا والعكس قل قوله : ( والتاء زائدة ) أي لتأكيد النفي . قوله : ( من فاعل نادوا ) أي وهو الواو . قوله : ( وما اعتبر ) معطوف على { كَمْ أَهْلَكْنَا } . قوله : { وَعَجِبُوۤاْ } إلخ أي جعلوا مجيء رسول من جنسهم أمراً خارجاً عن طوق العقل فيتعجب منه . قوله : ( من أنفسهم ) أي من جنسهم . قوله : ( فيه وضع الظاهر ) إلخ زيادة في التقبيح عليهم ، وإشعاراً بأن كفرهم جسرهم على هذا القول . قوله : { سَاحِرٌ } أي فيما يظهره من الخوارٌ . قوله : { كَذَّابٌ } ، أي فيما يسنده إلى الله من الإرسال والإنزال . قوله : { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ } إلخ ، الاستفهام تعجبي ، أي كيف يعلم الجميع ، ويقدر على التصرف فيهم إله واحد ؟ وسبب هذا التعجب ، قيساهم للقديم على الحادث ، ولم يعلموا أنه واحد لا من قلة ، بل وحدته تعزز وانفراد ، تنزه الله عن مماثلة الحوادث له . قوله : ( عجيب ) أشار بذلك إلى أن { عُجَابٌ } مبالغة في ( عجيب ) . قوله : ( عند أبي طالب ) روي أنه لما أسلم عمر ، شق ذلك على قريش ، فاجتمع خمسة وعشرون من صناديدهم ، فأتوا يا طالب فقالوا : أنت شيخنا وكبيرنا ، وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء ، وجئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك ، فأحضره وقال له : يا ابن أخي ، هؤلاء قومك يسألونك السواء والإنصاف ، فلا تمل كل الميل على قومك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ماذا تسألونني ؟ فقالوا : ارفضتا وارفض ذكر آلهتنا ، وندعك وإلهك ، فقال : أرأيتم إن أعطيتكم ما سألتم ، أمعكي أنتم كلمة واحدة تملكون بها رقاب العرب ، وتدين لكم العجم ، فقالوا : نعم وعشر أمثالها ، فقال : قولوا لا إله إلا الله ، فقاموا وانطلقوا قائلين : امشوا واصبروا على آلهتكم . قوله : ( أي يقول بعضهم ) إلخ ، أشار بذلك إلى أن { أَنِ } تفسيرية ، وضابطها موجود ، وهو تقدم جملة فيها معنى القول دون حروفه . قوله : { وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ } أي استمروا على عبادتها . قوله : { إِنَّ هَـٰذَا } تعليل للأمر بالصبر . قوله : { يُرَادُ } ( منا ) أي يقصد منا تنفيذه ، فلا انفكاك لنا عنه . قوله : { مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } إخ ، أي وإنما سمعنا فيها التثليث . قوله : ( بتحقيق الهمزتين ) أي فالقراءات أربع سبعيات . قوله : ( أي لم ينزل عليه ) أشار بذلك إلى أن الاستفهام انكاري بمعنى النفي . قوله : { بَلْ هُمْ فَي شَكٍّ } اضراب عن مقدر تقديره انكارهم للذكر ليس عن علم ، بل هم في شك منه . قوله : { بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ } اضراب انتقالي لبيات سبب الشك ، والمعنى سببه أنهم لم يذوقوا العذاب إلى الآن ، ولو ذاقوا لأيقنوا بالقرآن وآمنوا به . قوله : { يَذُوقُواْ } أشار بذلك إلى أن { لَّمَّا } بمعنى لم ، فالمعنى لم يذوقوه إلى الآن ، وذوقهم له متوقع ، فإذا ذاقوا زال عنهم الشك وصدقوا ، وتصديقهم حينئذ لا ينفعهم . قوله : ( حينئذ أي حين ذاقوه . قوله : { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ } المعنى أن النوبة عطية من الله يتفضل بها على من يشاء من عباده فلا مانع له . قوله : ( الغالب ) أي الذي لا يغلبه شيء ، بل هو الغالب لكل شيء . قوله : { ٱلْوَهَّابِ } أي الذي يهب من يشاء لمن يشاء . قوله : { أَمْ لَهُم مُّلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } المعنى : ليس لهم تصرف في العالم الذي هو من جملة خزائن رحمته ، فمن أين لهم التصرف فيها . قوله : { فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ } الفاء واقعة في جواب الشرط مقدر قدره بقوله : ( إن زعموا ذلك ) أي المذكور من العندية والملكية ، والمعنى : فليصعدوا في المعاريج التي يتوصل بها العرش ، حتى يستووا عليه ، ويدبروا أمر العالم ، وينزلوا الوحي على من يختارون . قوله : ( بمعنى همزة الإنكار ) أي وبعضها قدرها ببل والهمزة . قوله : ( أي وهم جند ) أشار بذلك إلى أن { جُندٌ } خبر لمحذوف ، والتنوين للتقليل ، والتحقير ، و { مَّا } لتأكيد القلة . قوله : { هُنَالِكَ } ظرف لجند أو بمهزوم . قوله : { مَهْزُومٌ } أي مقهور ومغلوب ، والمعنى { جُندٌ } إن قريشاً جند حقير قليل من الكفار المتحزبين على الرسل مهزوم مكسور عن قريب ، فلا تكترث بهم ، وتسلَّ عنهم . قوله : ( صفة جند أيضاً ) أي فقد وصف { جُندٌ } بصفات ثلاث : الأولى { مَّا } والثانية { مَهْزُومٌ } والثالثة { مِّن ٱلأَحَزَابِ } قوله : ( وأولئك ) أي الأحزاب .