Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 22-25)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَفَزِعَ مِنْهُمْ } أي لأنهم نزلوا من أعلى ، على خلاف العادة والحرس حوله . قوله : { قَالُواْ لاَ تَخَفْ } جواب سؤال مقدر ، كأنه قيل : ماذا قالوا لما شاهدوا فزعه ؟ فقال : قالوا : لا تخف . قوله : ( قيل : فريقان ) هذا مبني على أن الداخل فيه كان أزيد من اثنين ، فكان المتخاصمين والشاهدين والمزكيين . قوله : ( وفيل : اثنان ) أي شخصان ، وهو مبني على أن الداخل المتداعيان فقط . قوله : ( والخصم يطلق ) إلخ ، أي لأن في الأصل مصدر . قوله : ( وهما ملكان ) قيل هما جبريل وميكائيل . قوله : ( على سبيل العرض ) بالعين المهملة أي التعريض ، وهو جواب عما يقال : إن الملائكة معصومون ، فكيف يتصور منهم البغي أو الكذب ؟ فأجاب : بأن هذا على سبيل التعريض للمخاطب ، فلا بغي فيه ولا كذب . قوله : ( لتنبيه داود ) أي ايقاظه على ما صدر منه . قوله : ( وكان له تسع ) إلخ ، بيان لما وقع منه . قوله : ( وطلب امرأة شخص ) هو وزيره أوريا بن حان لسر عظيم ، وهو كما قيل : إنها أم سليمان عليه السلام . قوله : ( وتزوجها ودخل بها ) مشى المفسر على أن داود سأل أوريا طلاق زوجته ، ثم بعد وفاء عدتها ، تزوجها داود ودخل بها ، وهو أحد أقوال ثلاثة ، والثاني : أن داود لما تعلق بها قلبه ، أمر أوريا ليذهب للجهاد ليقتل فيتزوجها ففعل ، فلما قتل في الجهاد تزوجها داود ، والثالث أن أوريا لم يكن متزوجاً بها ، وإنما خطبها فقط ، فخطبها داود على خطبته وتزوجها ، وكان ذلك كله جائزاً في شرعه ، وإنما عاتبه الله لرفعة قدره ، وللسيد أن يعاقب عبده على ما يقع منه ، وإن كان جائزاً ، من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين . قوله : { وَلاَ تُشْطِطْ } العام على ضم التاء من أشطط إذا تجاوز الحد ، وقرئ شذوذاً تشطط بفتح الناء وضم الطاء ، وتشط من أشط رباعياً ، إلا أنه أدغم ، وتشطط من شطط وتشاطط . قوله : { إِنَّ هَذَآ أَخِي } إلخ ، مرتب على مقدر تقديره : فقال لهما داود تكلما ، فقال أحدهما : إن هذا أخي ، إلخ . قوله : ( أي على ديني ) أي فليس المراد أخوة النسب . لأن الملائكة لا يلدون ، ولا يوصفون بذكورة ولا أنوثة . قوله : ( يعبر بها عن المرأة ) أي يكنى بها عن المرأة لسكونها وعجزها ، وقد يكنى عنها بالبقرة والناقة . قوله : ( أي اجعلني كافلها ) هذا هو معناه الأصلي ، والمراد هنا ملكنيها وانزل لي عنها . قوله : { وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ } أي فهو أصح مني في الكلام ، فالغلبة له علي لضعفي . قوله : ( وأقره الآخر ) أي المدعى عليه ، وهو جواب عما يقال : كيف حكم داود ، ولم يسمع شيئاً من المدعى عليه ؟ فأجيب : بأنه سمع منه الإقرار والاعتراف . قوله : { بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ } من أضافة المصدر لمفعوله والفاعل محذوف ، أي بأن سألك نعجتك . قوله : ( ليضمها ) أشار بذلك إلى أنه ضمن السؤال معنى الإضافة والضم . قوله : { ٱلْخُلَطَآءِ } ( الشركاء ) أي الذين خلطوا أموالهم ، وفيه إشارة إلى أن داود ساير ظاهر دعواهم . قوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } استثناء متصل . قوله : ( فتنبه داود ) أي علم أنهما يريدانه بهذا التعريض . قوله : { أَنَّمَا فَتَنَّاهُ } ما زائدة ، والمعنى وظن داود أنا فتناه فتنيه ولاحظ ، والظن هنا بمعنى اليقين كما أشار له المفسر . قوله : { فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ } أي طلب منه المغفرة ، وتقدم أنه ليس بذنب ، وإنما هو من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين . قوله : ( أي ساجداً ) عبر بالركوع عنه ، لأن كلاً منهما فيه انحناء . قوله : { وَأَنَابَ } أي رجع إلى مولاه ، قال المفسرون : سجد داود أربعين يوماً لا يرفع رأسه إلا لحاجة ، أو لوقت صلاة مكتوبة ، ثم يعود ساجداً إلى تمام الأربعين يوماً ، لا يأكل ولا يشرب وهو يبكي ، حتى نبت العشب حول رأسه ، وهو ينادي ربه عز وجل ويسأله التوبة ، وكان من دعائه في سجوده : سبحان الملك الأعظم الذي يبتلي الخلق بما يشاء ، سبحان خالق النور ، سبحان الحائل بين القلوب ، سبحان خالق النور إليه خليت بيني وبين عدوي إبليس فلم أقم لفتنته إذ نزلت بي ، سبحان خالق النور ، إلهي أنت خلقتني وكان في سابق علمك ما أنا إليه صائر ، سبحان خالق النور ، إلهي الويل لداود إذا كشف عنه الغطاء فيقال هذا داود الخاطئ ، سبحانه خالق النور ، إلهي بأي عين أنظر إليك يوم القيامة ، وإنما ينظر الظالمون من طرف خفي ، سبحان خالق النور ، إلهي يأي قدم أقدم أمامك يوم القيامة يوم تزل أقدام الخاطئين ، سبحان خالق النور ، إلهي من أين يطلب العبد المغفرة إلا من عند سيده ، سبحان خالق النور ، إلهي أنا لا أطيق حر شمسك فكيف أطبق حر نارك ، سبحان خالق النور ، إلهي أنا لا أطلق صوت رعدك فكيف أطيق صوت جهنم ، سبحان خالق النور ، إلهي الويل لداود من الذنب العظيم الذي أصابه ، سبحان خالق النور ، إلهي كيف يستر الخاطئون بخطاياهم دونك وأنت تشاهدهم حيث كانوا ، سبحان خالق النور ، إلهي قد تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي ، سبحان خالق النور ، إلهي اغفر لي ذنوبي ولا تباعدني من رحمتك لهواني ، سبحان خالق النور ، إلهي أعوذ بك بوجهك الكريم من ذنوبي التي أوبقتني ، سبحان خالق النور ، إلهي ففررت طغليك بذنوبي واعترفت بخطيئتي فلا تجعلني من القانطين ولا تحزني يوم الدين ، سبحان خالق النور . قيب : مكث داود أربعين يوماً ، لا يرفع رأسه حتى نبت المرعى من دموع عينيه حتى غطى رأسه ، فنودي يا داود أجائع أنت فتطعم ؟ أظمآآن أنت فتسقى ؟ أمظلوم أنت فتنصر ؟ فأجيب في غير ما طلب ، ولم يجبه في ذكر خطيئته بشيء ، فحزن حتى هاج ما حوله من العشب فاحترق من حرارة جوفه ، ثم أنزل الله تعالى له التوبة والمغفرة بقوله : { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَـآبٍ } وقد ورد أنه لما قبل الله توبته ، بكى على خطيئته ثلاثين سنة ، لا يرقأ دمعه ليلاً ولا نهاراً ، وكان سنه إذ ذاك سبعين سنة ، فقسم الدهر على أربعة : يوم للقضاء ، ويوم لنسائه ، ويوم يسيح في الجبال والفيافي والسياحة ، ويوم يخلو في دار له فيها أربعة آلاف محراب ، فيجتمع إليه الرهبان ، ينوح معهم على نفسه ، فإذا كان يوم سياحته ، خرج إلى الفيافي ويرفع صوته بالبكاء ، فتبكي معه الأشجار والرمال والطيور والوحوش ، حتى يسيل من دموعهم مثل الأنهار ، ثم يجيء إلى الساحل فيرفع صوته بالبكاء ، فتبكي معه دواب البحر وطير الماء ، فإذا كان يوم من نوحه على نفسه نادى مناديه : إن اليوم يوم نوح داود على نفسه ، فليحضره من يساعد ويدخل الدار التي فيها المحاريب ، فيبسط فيها ثلاثة فرش من مسوح حشوها ليف فيجلس عليها ، ويجيء أربعة آلاف راهب فيجلسون في تلك المحاريب ، فيبسط فيها ثلاثة فرش من مسوح حشوها ليف فيجلس عليها ، ويجيء أربعة آلاف راهب فيجلسون في تلك المحاريب ، ثم يرفع داود عليه السلام صوته بالبكاء والرهبان معه فلا يزال يبكي حتى يغرق الفرش من دموعه ، ويقع داود فيها مثل الفرخ يضطرب ، فيجيء ابنه سليمان فيحمله ، وقد ورد أيضاً أنه لما تاب الله على داود قال : يا رب غفرت لي فكيف لي أن أنسى خطيئتي فاستغفر منها وللخاطئين إلى يوم القيامة ، فوسم الله خطيئته في يده اليمنى ، فما رفع فيها طعاماً ولا شراباً إلا بكى إذا رآها ، وما قام خطيباً في الناس إلا وبسط راحته فاستقبل بها الناس ليروا وسم خطيئته ، وكان يبدأ إذا دعا واستغفر للخاطئين قبل نفسه ، وكان قبل الخطيئة يقوم نصف الليل ، ويصوم نصف الدهر ، فلما كان من خطيئته ما كان ، صام الدهر كله وقام الليل كله ، وكان إذا ذكر عقاب الله تعالى انخلعت أوصاله ، وإذا ذكر رحمة الله تراجعت 1 . هـ ملخصاً .