Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 68-68)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } الخ ، التعبير في هذا وما بعده بالماضي لتحقق وقوعه ، أي لكونه واقعاً في علم الله تعالى أزلاً ، لأ ، كل ما ظهر فهو جار في سابق علمه تعالى ، والنافخ اسرافيل وجبريل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره عليهم السلام ، والصور بسكون الواو في قراءة العامة وهو القرن ، فيه ثقب بعدد جميع الأرواح ، وله ثلاث شعب : شعبة تحت الثرى تخرج منها الأرواح وتتصل بأجسادها ، وشعبة تحت العرش منها يرسل الله الأرواح إلى الموتى ، وشعبة في فم اسرافيل وهو ملك عظيم له جناح بالمشرق وجناح بالمغربن والعرش على كاهله ، وقدماه قد نزلتا عن الأرض السفلى مسيرة مائة عام . قوله : ( النفخة الأولى ) ظاهر المفسر أن النفخ مرتان : نفخة الصعق ، ونفخة البعث ، وهو ظاهر الآية ، وقيل : إن النفخ ثلاث مرات : فالنفخة الأولى تطول وتكون بها الزلزلة وتسيير الجبال وتكوير الشمس وانكدار النجوم وتسخير البحار ، والناس أحياء والهون ينظرون إليها ، فتذهل كل مرضعة عما أرضعت ، وتضع كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى وهي المعنية بقوله تعالى : { إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } [ الحج : 1 ] والنفخة الثاني يكون بها الصعق ، وعندها يموت كل من كان حياً حياة دنيوية ، وأما من كان حياً حياة برزخية فإنه يغشى عليه ، والنفخة الثالثة نفخة القيام ، وبين هاتين النفختين أربعون سنة على الصحيح ، لتستريح الأرض من الهول الذي حصل لها ، وفي تلك المدة تمطر السماء وتنبت الأرض ، ولا حي على ظهرها من سائر المخلوقات . قوله : ( مات ) أي ما كان حياً ف يالدنيا ، ويغشى على من كان ميتاً من قبلن لكنه حي في قبره ، كالأنبياء والشهداء . قوله : ( من الحور ) الخ ، أي فهو استثناء من الصعق بمعنى الموت ، ويستثنى منه بمعنى الغشي والدهش موسى عليه السلام ، فإنه لا يغشى عليه ، بل يبقى متيقظاً ثابتاً ، لأنه صعق في الدنيا في قصة الجبل ، فلا يصعق مرة أخرى . قوله : ( وغيرهما ) أي كجبريل وميكائيل واسرافيل وملك الموت ، فإنهم لا يموتون بالنفخة الأولى ، وإنما يموتون بين النفختين ، لما " روي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } الآية فقالوا : يا نبي الله من هم الذين استثنى الله تعالى ؟ قال : " هم جبريل وميكائيل واسرافيل وملك الموت ، فيقول الله لملك الموت : يا ملك الموت من بقي من خلقي وهم أعلمن فيقول : يا رب بقي جبريل وميكائيل واسرافيل وعبد الضعيف ملك الموتن فيقول الله تعالى : خذ نفس اسرافيل وميكائيل ، فيخران ميتين كالطود العظيمين ، فيقول : مت يا ملك الموت ، فيموت ، فيقول الله لجبريل : يا جبريل من بقي ؟ فيقول : تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام ، وجهك الباقي الدائم ، وجبريل الميت الفاني ، فيقول الله تعالى : يا جبريل لا بد من موتك ، فيقع ساجداً يخفق بجناحيه يقول : سبحانك ربي تباركت وتعاليت ، يا ذا الجلال والإكرام " . قوله : { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ } أي بعد أربعين سنة على الصحيح ، وقرب نفخة القيام ، تأتي سحابة من تحت العرش ، فتمطر ماء خائراً كالمني ، فتنبت أجسام الخلائق كما تنبت البقل فتتكامل أجسامهم ، وكل ابن آدم تأكله الأرض ، إلا عجب الذنب ، فإنه يبقى مثل عين الجرادة لا يدركه الطرف ، فتركب عليه أجزاؤه ، فإذا تم وتكامل ، نفخ فيه الروح ، ثم انشق عنه القبر ، ثم قام خلقاً سوياً ، وفي النفخة الثانية يقولك أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطعة ، والأعضاء المتمزقة ، والشعور المنتثرة ، إن الله المصور الخالق يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء ، فيجتمعن ، ثم ينادي : قوموا للعرض على الجبار فيقومون ، كما قال تعالى : { يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } [ القمر : 7 ] فإذا خرجوا من قبورهم تتلقى المؤمنون بمراكب من رحمة الله ، كما قال تعالى : { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } [ مريم : 85 ] ويمشي المجرمون على أقدامهم حاملين أوزارهم ، كما قال تعالى : { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } [ مريم : 86 ] وفي الآية الأخرى { يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } [ الأنعام : 31 ] . قوله : { فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ } بالرفع في قراءة العامة خبر عن الضمير ، وقرئ شذوذاً بالنصب على الحال ، وخبر الضمير . قوله : { يَنظُرُونَ } . قوله : ( ما يفعل بهم ) أي من الحساب والمرور على الصراط ، وإدخالهم الجنة أو النار .