Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 114-117)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ } لا نافية للجنس وخير اسمها ، وفي كثير متعلق بمحذوف خبرها ، وقوله : { مِّن نَّجْوَاهُمْ } بمحذوف حال من متعلق الخبر . قوله : ( أي الناس ) أشار بذلك إلى أن الآية عامة وليست مخصوصة بقوم طعمة المتقدم . قوله : ( أي ما يتناجون فيه ويتحدثون ) أشار بذلك إلى أن معنى النجوى المحادثة من بعض القوم لبعض اثنان ففوق ، قال تعالى : { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ } [ المجادلة : 7 ] الآية ، والنجوى ضد السر ، وهو محادثة الإنسان نفسه ، وعطف قوله : ( يتحدثون ) على ( يتناجون ) للتفسير . قوله : { إِلاَّ مَنْ أَمَرَ } يحتمل أنه استثناء منقطع إن أبقينا الكلام على ظاهره ، لأن المستثنى الشخص ، والمستثنى منه الكلام ، ولا شك أنه غيره ، ويحتمل أنه متصل وهو على حذف مضاف ، وإليه يشير المفسر بقوله : { إِلاَّ } ( نجوى ) الخ . قوله : { بِصَدَقَةٍ } أي واجبة أو مندوبة . قوله : { أَوْ مَعْرُوفٍ } المراد به كل طاعة لله ، فيدخل فيه جميع أعمال البر ، فهو من عطف العام على الخاص ، وقوله : { أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } معطوف على قوله : { أَوْ مَعْرُوفٍ } من عطف الخاص على العام اعتناءاً بشأنه واهتماماً به ، وإنما خصت الثلاثة لأن الأمر المرضي لله ، أما إيصال نفع وهو إما جسماني أو روحاني ، فالأول كالصدقات ، والثاني كالأمر بالمعروف ، أو دفع ضرر كالإصلاح بين الناس ، لأن المفاسد مترتبة على التشاحن ، وبالإصلاح يحصل الخير والبركة ودفع الشرور ، ولذا حثّ عليه صلى الله عليه وسلم بقوله : " امشِ ميلاً عد مريضاً ، امش ميلين أصلح بين اثنين " وبالجملة فكثرة الكلام لا خير فيها ، قال بعضهم : من كثر لغطه كثر سقطه ، وفي الحديث : " وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " قوله : { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } اسم الإشارة عائد على الثلاثة ، وإنما أفرد لأن العطف بأو إن قلت مقتضى السياق ومن يأمر بذلك ، أجيب بأن هذا راجع للمأمور به ، فاسم الإشارة عائد على المأمور به وتقديره ومن يفعل المأمور به من صدقة أو معروف أو إصلاح ، فاستفيد من الآية أولاً وآخراً ثواب الأمر والفاعل ، وفي الحديث : " الدال على الخير كفاعله " وأجيب أيضاً بأنه عبر عن الأمر بالفعل لأنه فعل لساني والأقرب الأول . قوله : ( لا غيره من أمور الدنيا ) أي لأن ثواب الأعمال الصالحة منوط بالإخلاص كان من الآمر والفاعل ، فلو كان الفعل أو الأمر رياء وسمعة أو لغرض دنيوي لم يستحق به عند الله أجراً . قوله : ( بالنون والياء ) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وفي قراءة النون التفات من الغيبة للتكلم ، لأن الاسم الظاهر من قبيل الغيبة . قوله : { أَجْراً عَظِيماً } أي وهو الجنة وما فيها ، قال تعالى : و { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [ يونس : 26 ] وفي التعبير بسوف إشارة إلى أن جزاء الأعمال الصالحة في الآخرة لا الدنيا ، لأنها ليست دار جزاء ، بل عطاء الدنيا لكل من وجد فيها أطاع أو عصى كلف أو لا . قوله : { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ } الخ ، لما ذكر سبحانه وتعالى المطيعين وما أعد لهم في الآخرة ، ذكر وعيد الكفار وعاقبه أمرهم على عادته سبحانه في كتابه . قوله : ( فيما جاء من الحق ) أي من الأمور التكليفية والأحكام الشرعية . قوله : { وَيَتَّبِعْ } عطف لازم على ملزوم . قوله : ( بأن نخلي بينه ) أي المشاقق ، وقوله : ( وبينه ) أي الضلال ، والمعنى أن من خالف ما أمر الله به ، فإن الله يستدرجه بالنعم ويمهله ولا يعجل عقوبته ، قال تعالى : { قُلْ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَـٰلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً } [ مريم : 75 ] الآية . قوله : { وَسَآءَتْ مَصِيراً } ساء كبش للذم فاعلها مستتر وجوباً يعود على جهنم ومصيراً تمييز ، والمخصوص بالذم محذوف قدره المفسر بقوله هي . قوله : { أَن يُشْرَكَ بِهِ } أي إذا مات على ذلك لقوله تعالى : { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ } [ الأنفال : 38 ] . قوله : { لِمَن يَشَآءُ } أي إن مات من غير توبة . قوله : { فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } أي فالشرك أعظم أنواع الضلال ، إن قلت : إن ما تقدم في شأن أهل الكتاب وهم عندهم علم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق ، وإنما كفرهم عناد ، فسماه الله افتراء أي كذباً ، وما هنا في شأن مشركي العرب وهم ليس لهم علم بذلك إن هم كالأنعام بل هم أضل ، فلذا سماه الله ضلالاً بعيداً . وقوله : { إِن يَدْعُونَ } هذا كالدليل ، والتعليل لقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } قوله : ( ما ) { يَدْعُونَ } أشار بذلك إلى أن إن نافية بمعنى ما . قوله : ( يعبد المشركون ) أطلق الدعاء على العبادة لأنه منها ، وكثيراً ما يطلق الدعاء عليها . قوله : ( أصناماً مؤنثة ) أي لتأنيث أسمائها ، ورد أنه ما من مشرط إلا وكان له صنم قد سماه باسم أنثى من العرب ، وحلاه بأنواع الحلى ، وكانوا يقولون هم بنات الله . قوله : ( كاللات والعزى ومناة ) اللات مأخوذة من إله والعزى من العزيز ، ومناة من المنان ، فاقتطعوها وسموها بها أصنامهم . قوله : ( بعبادتها ) الباء سببية أي فالمسؤول لهم على عبادتها الشيطان ، فعبادتها لازمة لعبادة الشيطان لأنه يحضر عندهم ، فهم في الصورة يعبدون الأصنام ، وفي الحقيقة العبادة للشيطان . قوله : { مَّرِيداً } أي متمرداً بمعنى بلغ الغاية في العتو والفجور لخروجه عن طاعة ربه ، حتى أمر الناس بعبادة غير الله .