Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 135-136)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } قيل سبب نزولها أن غنياً وفقيراً اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى أن الفقير لا يظلم الغني ، فنزلت الآية ، فالخطاب للنبي وأمته . قوله : ( قائمين ) هذا بيان لأصل المادة ، وإلا فالمراد مد يمين القيام ، لأن صيغة المبالغة لا تتحقق إلا بالدوام على القيام بالقسط ، يقال قسط يقسط ، جار وعدل ، والمراد هنا العدل بقرينة المقام ، وأما أقسط فمعناه عدل لا غير ، واسم الفاعل من الأول قاسط ، ومن الثاني مقسط . وقوله : { شُهَدَآءَ } خبر ثان لكونوا ، والواو اسمها ، وقوامين خبر أول . قوله : ( بالحق ) أي لا بالباطل فلا تجوز الشهادة به ، وقوله الله أي لمحض وجهه لا لغرض آخر . قوله : { وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ } الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لكان المحذوفة ، لأن حذف كان مع اسمها بعد لو كثير ، قال ابن مالك : @ وَيَحْذُفُونَهَا وَيُبْقُونَ الخَبَر وَبَعْدَ أَنْ وَلَوْ كَثِيراً ذَا اشْتَهَر @@ أي هذا إذا كانت الشهادة على الغير ، ولو على النفس . قوله : ( بأن تقروا بالحق ) أي فالمراد بالشهادة الإقرار ، ويحتمل أن تكون الشهادة على حقيقتها ، وهي الإخبار عن الغير بأمر ، كأن يكون شاهداً على ابنه مثلاً بحق ، فالواجب أداؤها ولو حصل منها ضرر للنفس . قوله : { أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ } في حيز المبالغة ، ولا عبرة بغضبهما حينئذٍ إذا كان الولد شاهداً عليهما بحق . قوله : { إِن يَكُنْ } ( المشهود عليه ) أي من الوالدين والأقربين والأجانب . قوله : { فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } استشكل تثنية الضمير مع كون العطف بأو ، أجيب بأن الضمير ليس عائداً على الغني والفقير المتقدمين ، بل هو عائد على جنسهما المدلول عليه بالمذكورين ، ويدل على ذلك قراءة أبي فالله أولى بهم ، وأجيب أيضاً بأن أو للتقسيم للمشهود له والمشهود عليه ، لأنهما إما أن يكونا غنيين أو فقيرين ، والمشهود له غنياً ، والمشهود عليه فقيراً ، أو بالعكس ، فالضمير في الحقيقة عائد على المشهود له والمشهود عليه ، وقد يجاب أيضاً بأن أو بمعنى الواو . قوله : ( لرضاه ) أي الغني فربما واساكم . وقوله : ( بأن تحابوا ) تصوير للمنفي . قوله : { أَن } ( لا ) { تَعْدِلُواْ } تعليل للنهي ، لأن من اتّبع الهوى فقد اتصف بالجور ، ومن ترك أتباعه فلا يتصف به فيصير المعنى انتهوا عن اتباع الهوى لأحل أن لا يحصل منكم جور ، وهذا ما مشى عليه المفسر ، من أن العدل بمعنى الجور ، فاحتاج إلى تقدير لا ، وقال في الكشاف أن العدل ضد الجور ، وعليه فليس فيه تقدير لا ، ولا يصير المعنى انتهوا عن اتباع الهوى لأجل اتصافكم بالعدل وكل صحيح ، والثاني أقرب لعدم لكلفة . قوله : ( تحرفوا الشهادة ) أي بأن يشهد على خلاف ما يعلم من الدعوى . قوله : ( وفي قراءة ) أي وهي سبعية أيضاً ، وأصل تلووا تلويون استثقلت الضمة على الياء ، فنقلت للواو قبلها بعد سلب حركتها ، فحذفت الياء التي هي لام الكلمة ، وحذفت النون للجازم ، فصار وزنه تفعوا ، وعلى القراءة الثانية حذفت عين الكلمة التي هي الواو الأولى بعد نقل ضمتها إلى اللام ، فصار وزنه تفواأ ، وفيه إجحاف ، لأنه لم يبق إلا فاؤها . قوله : { أَوْ تُعْرِضُواْ } أي بأن تنكروها من أصلها ، فالعطف مغاير خلافاً لمن قال بالترادف . قوله : { فَإِنَّ ٱللَّهَ } دليل الجواب ، والجواب محذوف تقديره يعاقبكم على ذلك لأن الله كان بما تعلمون خبيراً . قوله : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } الخ ، ذكر هذه الآية بعد الأمر بالعدل من ذكر السبب بعد المسبب ، لأن الإيمان بفعل الطاعات ، لأن فعلها يزيد في الإيمان ، ولا تكونوا ممن بدل وغير ممن سيأتي ذكرهم والتشنيع عليهم . قوله : ( بمعنى الكتب ) أي فأل للجنس . قوله : ( في الفعلين ) أي نزل وأنزل ، وفاعل الإنزال هو الله تعالى . قوله : { وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ } أي بشيء من ذلك بأن أنكر صفة من صفات الله أو سب ملائكته ، أو أنكر الكتب السماوية ، أو سبّ رسله أو أنكر رسالتهم أو لم يصدق باليوم الآخر ، فالكفر بواحد من هذه المذكورات كاف في استحقاق الوعيد ، لأن الإيمان بكل واحد أصل من أصول الدين . قوله : ( بعده ) أي بعد رجوعه إليهم من المناجاة . قوله : ( أقاموا عليه ) أي مدة إقامتهم عليه ، ودفع بذلك ما يقال إن ظاهر الآية يقتضي عدم المغفرة لهم ولو تابوا فأفاد أن عدم المغفرة لهم مقيدة بمدة إقامتهم على الكفر ، أما إن تابوا ورجعوا عنه فإن الله يقبل توبتهم ، قال تعالى : { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ } [ الأنفال : 38 ] وخبر كان في الآية محذوف وهو متعلق اللام تقديره لم يكن الله مريداً ليغفر لهم ، والفعل منصوب بأن مضمرة بعد هذه اللام لأنها لام الجحود ، والفعل تأويل مصدر مفعول لمريد التقدير لم يكن الله مريداً غفران كفرهم .