Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 163-164)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } قيل سبب نزولها أن مسكيناً وعدي بن زيد قالا : يا محمد ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء من بعد موسى ، وقيل هو جواب لقولهم : ( لن نؤمن لك حتى تنزل علينا كتاباً من السماء جملة واحدة ) فالمعنى أنكم تقرون بنبوة نوح وجميع الأنبياء المذكورين في الآية ولم ينزل على أحد من هؤلاء كتاباً جملة مثل ما أنزل على موسى ، فقدم إنزال الكتاب جملة ليس قادحاً في نبوتهم ، فكذلك محمد صلى الله عليه وسلم . قوله : { كَمَآ أَوْحَيْنَآ } يحتمل أن تكون ما مصدرية ، والمعنى كوحينا ، وأن تكون اسم موصول والعائد محذوف ، والتقدير كالذي أوحيناه أي في الأحكام التي أوحيناها إلى نوح الخ . قوله : { إِلَىٰ نُوحٍ } قدمه لأنه أول نبي أرسله الله لينذر الناس من الشرك ، وعاش ألف سنة وخمسين عاماً وهو صابر على أذى قومه ، لم يشب فيها ولم تنقص قواه ، وهو أول الأنبياء أولي العزم ، وكان أبا البشر بعد آدم لانحصار الناس في ذريته . قوله : { إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } خصه بعد نوح ، لأن أكثر الأنبياء من ذريته وهو ابن تارخ ، وقيل هو آزر ، وقيل هو أخوه فآزر عم إبراهيم . قوله : { وَإِسْمَاعِيلَ } كان نبياً ورسولاً بمكة ، ثم لما مات نقل إلى الشام . قوله : { وَإسْحَاقَ } كان رسولاً بالشام بعد إسماعيل ومات بها . قوله : { وَيَعْقُوبَ } هو إسرائيل ، ثم يوسف ابنه ، ثم شعيب بن نويب ، ثم هود بن عبد الله ، ثم صالح ابن آسف ، ثم موسى وهارون ابنا عمران ، ثم أيوب ، ثم الخضر ، ثم داود بن أيشا ، ثم سليمان بن داود ، ثم يونس بن متى ، ثم الياس ، ثم ذو الكفل ، وكل نبي ذكر في القرآن فهو من ولد إبراهيم غير إدريس ونوح وهود ولوط وصالح ، ولم يكن نبي من العرب إلا خمسة : هود وصالح واسماعيل وشعيب ومحمد صلى الله عليه وسلم . قوله : ( ابنيه ) أي إبراهيم ، اسماعيل من هاجر من هاجر وإسحاق من سارة . قوله : ( أولاده ) أي أولاد يعقوب منهم يوسف نبي ورسول باتفاق وباقيهم فيه اختلاف ، والصحيح نبوتهم وليسوا رسلاً مشرعين ، ولذلك وقع منهم ما يخالف الشرع الظاهر للمصالح التي ترتبت على تلك المخالفة ، وسيأتي ذلك في سورة يوسف . قوله : { وَيُونُسَ } أي ابن متى ، وفيه لغات ست بالواو والهمزة مع تثليث النون ، والذي قرئ به في السبع ضم النون أو كسرها مع الواو ، وقوله : { وَهَارُونَ } أي أخي موسى . قوله : ( اسم للكتاب المؤتى ) أي وهو مائة وخمسون سورة ، ليس فيها حكم ولا حلال ولا حرام ، بل هو تسبيح وتقديس وتحميد وثناء ومواعظ ، وكان داود عليه السلام يخرج إلى البرية فيقوم ويقرأ الزبور ، وتقوم علماء بني إسرائيل خلفه ، ويقوم الناس خلف العلماء ، وتقوم الجن خلف الناس ، والشياطين خلف الجن ، وتجيء الدواب التي في الجبال فيقمن بين يديه ، وترفرف الطيور على رؤوس الناس هم يستمعون لقراءة داود ويتعجبون منها ، لأن الله أعطاه صوتاً حسناً ، وقد ورد أن أبا موسى الأشعري كان يقرأ القرآن ليلاً بصوت حسن ، فلما أصبح قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعجبتني قراءتك الليلة ، كأنك مزماراً من مزامير داود ، فقال أبو موسى : لو علمت بك لحبرته لك تحبيراً . قوله : ( وبالضم ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : { وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ } الخ ، هذا رد لقول اليهود للمصطفى عليه الصلاة والسلام : إنك لم تذكر موسى مع ما عددته من الأنبياء ، فهذا دليل على عدم رسالتك ، فرد ذلك الله بهذه الآية وبما بعدها . قوله : ( روي أنه تعالى الخ ) هذه الرواية ضعيفة ، فلذا تبرأ منها المفسر ، والرواية المشهورة أن الأنبياء مائة ألف ، وفي رواية مائتا ألف وأربعة وعشرون ألفاً الرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر أو أربعة عشر أو خمسة عشر ، وبعد ذلك فالحق أنه لم يبلغنا عددهم على الصحيح ، وإنما هي أحاديث مختلفة تقبل الطعن كما أفاده الأشياخ . قوله : ( قاله الشيخ ) أي الجلال المحلّي ، وقوله : ( في سورة غافر ) أي في قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } [ غافر : 78 ] . قوله : { وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ } أي أزال عنه الحجاب فسمع كلام الله ، وليس المراد أن الله كان ساكناً ثم تكلم ، لأن ذلك مستحيل على الله تعالى . قوله : { تَكْلِيماً } مصدر مؤكد لقوله كلم ، وإنما أكد رفعاً لاحتمال المجاز ، لأن الله كلم موسى بكلامه الأزلي القديم ، من غير حرف ولا صوت ولا كيف ولا انحسار ، ولا يعلم الله إلا الله .