Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 176-176)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَسْتَفْتُونَكَ } ختم هذه السورة بهذه الآية لاشتمالها على الميراث ، كما ابتدأها بذلك للمشاكلة بين المبدأ والختام ، وجملة ما ذكر في هذه السورة من المواريث ثلاثة مواضع ، الأول : في ميراث الأصول والفروع وهو قوله : { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ } [ النساء : 11 ] إلى آخر الربع . الثاني : ميراث الزوجين والإخوة والأخوات للأم وهو قوله : { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ } [ النساء : 12 ] إلى قوله : { غَيْرَ مُضَآرٍّ } [ النساء : 12 ] . الثالث : ميراث الإخوة والأخوات الأشقاء أو لأب وهو هذه الآية ، وأما أولو الأرحام فسيأتي ذكرهم في آخر الأنفال . وسبب نزول هذه الآية أن جابر بن عبد الله تمرض ، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ليعوداه ماشيين ، فلما دخلا عليه وجداه مغمى عليه ، فتوضأ رسول الله ثم صب عليه من وضوئه فأفاق ، فقال : يا رسول الله كيف أصنع في مالي : فلم يرد عليه حتى نزلت الآية ، وكان له تسع أخوات وقيل سبع . قوله : { فِي ٱلْكَلاَلَةِ } تنازعه كل من يستفتونك ويفتيكم فأعمل الثاني وأضمر في الأول وحذف ، وهكذا كل ما جاء في القرآن من التنازع كقوله تعالى : { آتُونِيۤ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } [ الكهف : 96 ] { هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } [ الحاقة : 19 ] وبهذا أخذ البصريون ، وتقدم أن الكلالة هي أن يموت الميت وليس له فرع ولا أصل ، وهو أصح الأقوال فيها . قوله : { إِن ٱمْرُؤٌ } هذه الجملة مستأنفة واقعة في جواب سؤال مقدر تقديره وما تفسير الكلالة وما الحكم فيها ، فالوقف على الكلالة . قوله : ( مرفوع بفعل يفسره ) { هَلَكَ } أي فهو من باب الاشتغال ، وإنما لم يجعل امرؤ مبتدأ أو جملة هلك خبره ، لأن إن الشرطية لا يليها إلا الفعل ولو تقديراً . قوله { لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ } الجملة في محل رفع صفة لامرؤ ، ولا يصح أن تكون حالاً منه لأنه نكرة ، ولم يوجد له مسوغ لأن هلك ليس صفة له ، وإنما هو مفسر للفعل المحذوف فتأمل . قوله : ( أي ولا والد ) أخذ هذا من توريث الأخت لأنها لا ترث مع وجوده . قوله : ( من أبوين ) أي وهي الشقيقة . قوله : { وَهُوَ } الضمير عائد على لفظ امرؤ لا على معناه ، على حد : عندي درهم ونصفه ، والمعنى أن ذلك على سبيل الفرض والتقدير ، أي أن فرض موته دونها فلها النصف ، وإن فرض موتها دونه فله المال كله ، إن لم يكن لها فرع وارث . قوله : ( أو أنثى ) أي واحدة أو متعددة ، وقوله : ( فله ما فضل عن نصيبها ) أي وهو النصف في الأولى والثلث في الثانية . قوله : ( كما تقدم أول السورة ) أي في قوله : { وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَٰلَةً } [ النساء : 12 ] الآية . قوله : ( وقد مات عن أخوات ) جملة مستأنفة مقيدة لما قبلها لا أنها حالية ، لأن جابراً عاش بعده صلى الله عليه وسلم ، بل قيل إنه آخر الصحابة مؤتاً بالمدينة ، وقوله : ( عن أخوات ) قيل تسع وقيل سبع . قوله : { وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً } أي وأخوات ففيه تغليب الذكور على الإناث . قوله : ( شرائع دينكم ) قدره إشارة إلى أن مفعول { يُبَيِّنُ } محذوف . قوله : { أَن } ( لا ) { تَضِلُّواْ } إشارة بذلك إلى أنه مفعول لأجله ولا مقدرة ، والمعنى يبين لكم الشرائع لأجل عدم ضلالكم ، نظير قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ } [ فاطر : 41 ] أي لئلا تزولا ، ويصح أن يكون المحذوف مضافاً ، والتقدير كراهة أن تضلوا . قوله : { وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } كالعلة لما قبله ، وقد ختم هذه السورة ببيان كمال العلم وسعته ، كما ابتدأها بسعة قدرته وكمال تنزهه ، وذلك يدل على اختصاصه بالربوبية والألوهية . قوله : ( أي من الفرائض ) دفع بذلك ما يقال إن آخر آية نزلت على الإطلاق ( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ) فإنها نزلت قبل موت رسول الله بأحد وعشرون يوماً ، ونزل قبلها آية الربا ، وقبلها { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [ المائدة : 3 ] وقبلها آية الكلالة فهي من الأواخر ، إذا علمت ذلك فقول المفسر : ( أي من الفرائض ) غير متعين ، بل يصح أن يكون آخراً نسبياً .