Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 46-48)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } خبر مقدم لمبتدأ محذوف ، قدره المفسر بقوله قوم ، وقوله : { يُحَرِّفُونَ } نعت لذلك المحذوف ، وحذف المنعوت كثير إن تقدمه من التبعيضية على حد : منا ظعن ومنا أقام ، أي فريق ظعن ، وفريق أقام ، وهذا الكلام تفصيل لبعض قبائحهم . قوله : { ٱلْكَلِمَ } أي الكلام . قوله : ( من نعت محمد ) أي من كونه أبيض مشرباً بحمرة ، ليس بالطويل البائن ، ولا بالقصير مثلاً ، فقد حرفوه وقالوا أسود اللون ، طويل جداً ، حرصاً على الرياسة ، وعلى ما يأخذونه من سفلتهم ، ومن جملة ما غيروه آية الرجم بالجلد . ومن ذلك أنه في كتبهم من خالف محمداً خلد في النار ، فغيروه وقالوا لن تمسنا النار إلا أربعين يوماً ، مدة عبادة العجل . قوله : { وَعَصَيْنَا } ( أمرك ) هذا بحسب باطنهم ، وأما بحسب ظاهرهم فمعناه عصينا قول غيرك ، وكذا قوله : { وَٱسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ } أي اسمع الخير منا غير سامع ما يؤذيك ، وكذا قوله : { وَرَٰعِنَا } أي اشملنا بنظرك ، فهذا من الكلام الموجه الذي يحتمل معنيين مختلفين في المدح والذم . قوله : ( أي لا سمعت ) يحتمل أن المعنى لا سمعت خيراً ولا سمعت شيئاً أصلاً بأن تبتلى بالصمم أو الموت . قوله : ( وقد نهى عن خطابه بها ) أي في قوله تعالى : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا } [ البقرة : 104 ] قوله : ( وهي كلمة سب بلغتهم ) يحتمل أنها موضوعة للسب في لغتهم ، ويحتمل أنهم قصدوا بها السب ، وإن كانت تحتمل الدعاء بخير من الرعاية وهي الحفظ وبشر ومعناها الرعونة وهي الطيش في العقل ، كأنهم يقولون اشملنا برعونتك . قوله : { لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ } أي صرفاً للكلام عن ظاهره ، وأصله لويا ، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون ، قلبت الواو ياء أدغمت في الياء ، وهو في الأصل فتل الحبل ، فشبه به الكلام الذي قصد منه غير ظاهره وطوي ، ذكر المشبه به وهو الحبل المفتول ، ورمز له بشيء من لوازمه وهو اللي ، فإثباته تخييل . قوله : { لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } هذا جواب لو ، واسم التفضيل ليس على بابه ، ويحتمل أنه على بابه على حسب ما زعموا من أن حرصهم على الكفر يبقي لهم حظ الرياسة والدنيا التي يأخذونها من عوامهم وهو خير دنيوي . قوله : { إِلاَّ قَلِيلاً } صفة الموصوف محذوف ، أي إلا فرياً قليلاً . قوله : ( نمحو ) أي نزيل ما فيها . قوله : ( فقيل كان وعيداً بشرط ) أي لأن رحمة الله تسبق غضبه ، والحاصل أنه اختلف في ذلك الوعيد ، هل كان معلقاً ثم ارتفع ، وقيل إنه واقع لكن في آخر الزمان ، وقيل إنه واقع في الآخرة ، فيقومون من قبورهم ممسوخة صورهم ، وما مانع من إرادتها كلها ، وليس في القرآن وعيد لأمة محمد بتعجيل العقوبة مثل هذا ، لأنهم بالغوا في الكفر وإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم ، وقوله : ( بشرط ) أي وهو عدم إيمان أحد منهم ، ويؤيده ما روي أن عبد الله وما كنت أرى أن أصل إليك حتى يتحول وجهي إلى قفاي ، وكذا ما روي أن عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية على كعب الأحبار ، فقال كعب الأحبار : يا رب آمنت يا رب أسلمت مخافة أن يصيبه وعيدها . قوله : ( وقيل يكون ) أي يحصل ، وقوله : ( قبل قيام الساعة ) أي زمن عيسى . قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } إن وما دخلت عليه في تأويل مصدر أشاء له المفسر بقوله : ( أي الإشراك ) والمعنى أن الله لا يغفر للكافر إشراكاً أو غيره ، فالمراد بالشرك الكفر ، لا الشرك الأصغر الذي هو الرياء ، فإنه من جملة الذنوب التي تغفر ، وهذا رد على اليهود ، حيث زعموا أن الشرك لا يضرهم لكون أجدادهم أنبياء ، وزعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه . قوله : ( من الذنوب ) بيان لما . قوله : { لِمَن يَشَآءُ } ( المغفرة له ) أي إن مات من غير توبة ، وإلا فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له ، هذا معنى قوه صاحب الجوهرة : @ ومَنْ يَمُتْ وَلَمْ يَتُبْ مِنْ ذَنْبِهِ فَأَمْرُهُ مُفَوَّضٌ لِرَبِّهِ @@ والغالب المغفرة ، لأن فضل الله واسع ، ورحمته تغلب غضبه ، وكل ذلك ما لم يمت هديماً أو غريقاً أو مقتولاً ظلماً مثلاً ، وإلا فيقوم ما ذكر مقام التوبة .