Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 4-5)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ } أتى بهذه الآية استطراداً بين أحكام اليتامى لمناسبة ذكر النساء ، وأتى بالمد مصدره الإيتاء بمعنى الإعطاء ، فلذا فسره به ، وأما بالقصر فمصدره افتيان بمعنى المجيء . قوله : ( جمع صدقة ) أما بضم الدال أو فتحها أو إسكانها ، ويقال أيضاً صداق بفتح الصاد وكسرها ، ومعنى الجميع المهر الذي يجعل للمرأة في نظير البضع ، وأقله عند المالكية ربع دينار شرعي ، أو ثلاث دراهم شرعية ، أو مقوم بأحدهما ، وعند الشافعي يكفي أي شيء متموّل أو خاتماً من حديد ، وعند الحنفية عشرة دراهم شرعية ، وأكثره لا حد له بل بحسب ما تراضوا عليه ، والأمر لللأزواج ، فالمعنى لا تنكحوا النساء إلا بمهر ، وخصصت السنة نكاح التفويض وهو العقد من غير تسمية مهر ، فهو صحيح لكن يلزمه بعد الدخول صداق المثل . قوله : ( مصدر ) أي مؤكد لقوله آتوا من معناه كجلست قعوداً ، ويسمى ذلك المصدر معنوياً . قوله : ( عن طيب نفس ) أي خالصاً لا منة للزوج به عليها . قوله : { فَإِن طِبْنَ } أي النسوة . وقوله : { مِّنْهُ } الضمير عائد على الصداق المعلوم من قوله صدقات ، ومن يحتمل أن تكون للتبعيض أو البيان ، فيحل للمرأة الرشيدة بعد الدخول أن تعطي زوجها المهر كله أو بعضه عند جميع الأئمة إلا الليث فعنده لا يحل لها أن تعطيه جميعه ، فمن على ذلك يتعين أن تكون للتبعيض لا للبيان . قوله : ( أي طابت أنفسهن ) هذا بيان لكون نفساً في الأصل فاعلاً . قوله : ( فوهبه لكم ) أي اختياراً لا قهراً ، وإلا فلا يحل أخذه ، ويشترط أيضاً أن تكون المرأة رشيدة بالغة ، وإلا فيحل أخذه . قوله : { فَكُلُوهُ } أي انتفعوا به ، فأطلق الأكل وأراد مطلق الانتفاع . قوله : { مَّرِيئاً } أي ممروءاً لا غصة فيه ولا عقبة من قولهم جرى الطعام في المريء ، أي العرق الأحمر الكائن تحت الحلقوم المسمى بالبلعوم ، وهنيئاً مريئاً حالان من مفعول كلوه ، والمعنى كلوه حال كونه هنيئاً حلالاً مريئاً سائغاً لا نكد فيه . قوله : ( في الآخرة ) أي ولا في الدنيا ، فليس لورثتها طلبه . قوله : ( على من كره ذلك ) أي استنكافاً عنه وجعله كالرجوع في الهبة . قوله : { وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ } هذا رجوع لتتميم أحكام اليتامى ، وأصل تؤتوا تؤتيوا ، استثقلت الضمة على الياء فحذفت ، فالتقى ساكنان الياء والواو ، حذفت الياء لالتقائهما . قوله : ( والصبيان ) معطوف على المبذرين . قوله : ( أي أموالهم ) أي وإنما نسبها للأولياء لأنهم هم المتصرفون فيها ، فالإضافة ليست لذلك وإنما هي لأدنى ملابسة . قوله : { ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰماً } جعل بمعنى صيّر ، ولفظ الجلالة فاعلة ، وقياماً مفعول ثان ، والمفعول الأول محذوف تقديره جعلها ، والضمير عائد على الأموال ، ويحتمل أن جعل بمعنى خلق فقياماً حال ، والمعنى لا تعطوا المبذرين والصبيان أموالهم التي جعل الله مقومة لمعاشهم وصلاحهم ، قوله : ( أودكم ) الأود بفتحتين وبفتح فسكون معناه العوج . قوله : ( وفي قراءة قيما ) أي وهي سبعية أيضاً ، وقرئ شذوذاً قواماً بفتح القاف وكسرها وقوماً كعنباً ، وعموم الآية يشمل من أعطى مال اليتيم لسفيه مبذر يتجر له فيه وهو مشهور بالسفه والتبذير ، فإن الولي منهي عن ذلك ويضمنه لفهمه بالأولى . قوله : { وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا } حكمة التعبير بفي ، أنه ينبغي للولي أن يعطي مال اليتيم لرجل أمين يتجر فيه ، ويكون مصرفه من الربح لا من أصل المال . وفي الحديث : " اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة " فالتجارة في أموال اليتامى مطلوبة عند جميع الأئمة . قوله : ( عدوهم عدة جميلة ) أي كأن يقول له مالك عندي وأنا أمين عليه ، فإذا بلغت ورشدت أعطيتك مالك ، وهكذا تطييباً لخاطرهم وجدهم في أسباب الرشد .