Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 58-59)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ } الخطاب للمكلفين لما سيأتي أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . قوله : { أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ } أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول ثانٍ ليأمر ، والأصل يأمركم تأدية الأمانات ، أو منصوب ينزع الخافض ، لأن حذفه مع أن وإن مطرد ، ويقال في { أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ } ما قيل فيه لأنه معطوف عليه ، وقوله : { إِذَا حَكَمْتُمْ } ظرف له ، ولا يقال يلزم عليه تقديم معمول الصلة عليها ، لأنه يقال إنه ظريق ويغتفر فيه ما لا يغتفر في غيره . قوله : ( من الحقوق ) اعلم أن الأمانات ثلاثة أقسام ، الأول : عبادات الله بأن يفعل المأمورات ويجتنب المنهيات ، الثاني : نعمه التي أنعم بها كالسمع والبصر والعافية وغير ذلك فلا يصرفها فيما يغضب الله ، الثالث : حقوق العباد كالودائع وغيرها فيجب على الإنسان تأدية الأمانات مطلقاً ، كانت قولية أو فعلية أو اعتقادية ، فالقولية كحفظ القرآن ، والفعلية كحفظ الودائع والعواري ، والاعتقادية كالتوحيد وحسن الظن بالخلق ، وبالجملة فهذه الآية من جوامع الكلم ، وهي بمعنى قوله تعالى : { إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ الأحزاب : 72 ] الآية على التحقيق . قوله : ( نزلت لما أخذ علي مفتاح الكعبة الخ ) قال البغوي قلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار وكان سادن الكعبة ، فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والفتح أغلق عثمان باب الكعبة وصعد السطح ، فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح قيل له إنه مع عثمان . فطلب منه فأبى وقال لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه المفتاح ، فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ المفتاح وفتح الباب ، ودخل رسول الله البيت وصلى فيه ركعتين ، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح لتجتمع له السقاية والسدانة ، فأنزل الله هذه الآية ، فأمر رسول الله علياً أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر له ، ففعل ذلك ، فقال عثمان أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق ، فقال علي لقد أنزل الله في شأنك قرآناً وقرأ عليه الآية فأسلم ، فكان المفتاح معه إلى أن مات ، فدفعه إلى أخيه شيبة فهي في أولادهم إلى يوم القيامة . قوله : ( الحجبي ) أي الذي يحجب الناس بمعنى يمنعهم من الدخول . قوله : ( سادنها ) أي خادمها ، وقوله : ( قسراً ) أي قهراً قوله : ( لما قدم النبي ) ظرف لأخذ وكان ذلك في رمضان ، وقوله : ( عام الفتح ) أو وهو سنة ثمان . قوله : ( وقال لو علمت الخ ) أي فهو غير مصدق برسالته ، وإلا فذاته إذ ذاك غير خافية على أحد . قوله : ( خالدة تالدة ) أي مخلدة في المستقبل كما كانت متأصلة فيكم . قوله : ( فعمومها معتبراً الخ ) أشار بذلك لما قيل في العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ومحل ذلك إن توجد قرينة الخصوص فيكون معتبراً ، كالنهي عن قتل النساء ، فإن سببه أن رسول الله رأى امرأة حربية مقتولة ، فذلك يدل على اختصاصه بالحربيات ، فلا يدخل فيه المرتدة ولا الزانية . قوله : { وَإِذَا حَكَمْتُمْ } فيه فصل بين المعطوف والمعطوف عليه وهو جائز إذا كان ظرفاً . قوله : { نِعِمَّا } بكسر النون اتباعاً لكسرة العين ، وأصله نعم على وزن علم . قوله : ( أين نعم شيئاً ) أشار بذلك إلى أن ما مميز ، ويكون الفاعل مستتراً وجوباً تقديره وجوباً تقديره نعم هذا الشيء شيئاً ، والمخصوص بالمدح محذوف قدره بقوله : ( تأدية الأمانة ) وقيل أن ما فاعل ، وقد ذكر القولين ابن مالك بقوله : @ وَمَا مُمَيِّزٍ وقِيلَ فَاعِلٍ فِي نَحْوِ نَعم مَا يَقُولُ الفَاضِلُ @@ قوله : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } هذا خطاب لسائر الناس ، بعد أن خاطب ولاة الأمور بالحكم بالعدل ، وفي هذه الآية إشارة لأدلة الفقه الأربعة ، فقوله : { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ } إشارة للكتاب ، وقوله : { وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } إشارة للسنة ، وقوله : { وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ } إشارة للإجماع ، وقوله : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ } الخ ، إشارة للقياس . قوله : { وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ } يدخل فيه الخلفاء الراشدون ، والأئمة المجتهدون ، والقضاة والحكام . قوله : ( أي إذا أمروكم بطاعة الله ورسوله ) إي لا بمعصية فلا يطاعوا في ذلك ، لما في الحديث " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " قوله : { فِي شَيْءٍ } أي غير منصوص عليه . قوله : ( مدة حياته ) أي بسؤال ، وقوله : ( إلى سنته ) أي فيعرض عليها . قوله : { إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ } أي فردوه . قوله { ذٰلِكَ خَيْرٌ } اسم التفضيل ليس على بابه بقرينه { إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ } فمخالفة ما ذكر ليس فيها خير ، بل هي شر وضلال . قوله : ( مآلا ) أي عاقبة . قوله : ( ونزل لما اختصم يهودي الخ ) حاصلها تفصيلاً ، قال ابن عباس : نزلت في رجل من المنافقين يقال له بشر ، كان بينه وبين يهودي خصومة ، فقال اليهودي : تنطلق إلى محمد ، وقال المنافق : ننطلق إلى كعب بن الأشرف وهو الذي سماه الطاغوت ، فإن اليهودي أن يخاصمه إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهودي ، فلما خرجا من عنده لزمه المنافق وقال انطلق بنا إلى عمر ، فقال اليهودي اختصمت أنا وهذا إلى محمد ، فقضى عليه ، فلم يرض بقضائه ، وزعم أنه يخاصمني إليك ، فقال عمر للمنافق : أكذلك ؟ فقال نعم ، فقال لهما عمر : رويداً حتى أخرج إليكما ، فدخل عمر البيت وأخذ السيف واشتمل عليه ثم خرج ، فضرب به المنافق حتى برد أي مات ، وقال هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله ، فنزلت هذه الآية ، وقال جبريل : إن عمر فرق بين الحق والباطل ، فسمي الفاروق ، وإنما دعا المنافق لكعب بن الأشرف لأنه يقبل الرشوة ، والنبي لا يقبلها بل يحكم بالحق ، وكان الحق إذ ذاك مع اليهودي .