Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 7-10)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ } مبتدأ ، أي الاسم الموصول مبتدأ ، و { يَحْمِلُونَ } صلته ، وقوله : { وَمَنْ حَوْلَهُ } اسم الموصول معطوف على الموصول قبله ، و { حَوْلَهُ } صلته ، والتقدير والذين حوله ، وليس معطوفاً على الضمير في { يَحْمِلُونَ } لإيهامه أن من حوله حامل أيضاً . واعلم أن حملة العرش أعلى طبقات الملائكة ، وأولهم وجوداً ، وهم في الدنيا أربعة ، وفي يوم القيامة ثمانية ، ورد : أن لكل ملك منهم وجه رجل ، ووجه أسد ، ووجه ثور ، ووجه نسر ، وكل وجه من الأربعة يسأل الله الرزق لذلك الجنس ، ولكل واحد منهم أربعة أجنحة ، جناحان على وجه مخافة أن ينظر إلى العرش فيتصدع ، وجناحان يصفق بهما بالهواء ، يروى أن أقدامهم في تخوم الأرض السفلى والأرضون والسماوات إلى حجزهم ، ورؤوسهم خرق العرش ، وهم خشوع لا يرفعون أطرافهم ، وهم أشد خوفاً من أهل السابعة ، وأهلها أشد خوفاً من أهل السادسة وهكذا ، والعرش جوهرة خضراء ، وهو أعظم من المخلوقات خلقاً ، ويكسى كل يوم ألف لون من النور . قوله : { وَمَنْ حَوْلَهُ } أي وهم الكروبيون سادات الملائكة ، قال وهب : إن حول العرش سبعين ألف صف من الملائكة ، صف خلف صف ، يطوفون بالعرش ، يقبل هؤلاء ويدبر هؤلاء ، يكبر فريق ويهلل فريق ، ومن وراء هؤلاء سبعون ألف صف قيام ، أيديهم إلى أعناقهم ، واضعين لها على عواتقهم ، فإذا سمعوا تكبير أولئك وتهليلهم ، رفعوا أصواتهم فقالوا : سبحانك اللهم وبحمدك ، ما أعظمك وأجلك ، أنت الله لا إله غيرك ، والخلق كلهم إليك راجعون ، ومن وراء هؤلاء مائة صف من الملائكة ، قد وضعوا اليمنى على اليسرى ، ليس منهم أحد إلا يسبح بتسبيح لا يسبحه الآخر ، ما بين جناحي أحدهم ثلاثمائة عام ، وما بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه أربعمائة . قوله : ( أي يقولون سبحان الله وبحمده ) أي لما ورد : أن حملة العرش ، يكونون يوم القيامة ثمانية ، أربعة منهم يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على علمك وحلمك ، وأربعة يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك . قوله : ( ببصائرهم ) جواب عما يقال : إن وصفهم بالتسبيح ، يغني عن وصفم بالإيمان ، فما فائدة ذكره عقبه ؟ فأجاب : بأن التسبيح من وظائف اللسان ، والإيمان من وظائف القلب ، فأفاد فائدة لم تكن في الأول ، فذكره الاعتناء بشأنه . قوله : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ } أي يطلبون المغفرة لهم . وحكمة طلبهم المغفرة لهم ، أنهم تكلموا في بني آدم حيث قالوا : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ } [ البقرة : 30 ] ؟ فلما وقع منهم ذلك ، أمرهم الله بالاستغفار لهم جبراً لما وقع عنهم ، ففيه تنبيه على أن من تكلم في غيره ، ينبغي له أن يستغفر ربه . قوله : ( ويقولون ) أي في كيفية الاستغفار لهم ، وهذه الجملة المقدرة ، حال من ضمير { يَسْتَغْفِرُونَ } . قوله : { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ } الخ ، قدم هذا بين يدي الدعاء ، توطئة للإشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يدعو الله تعالى ، وهو موقن بالإجابة ، ولا يتردد في الدعاء ، فإنه مانع من الإجابة قوله : { رَّحْمَةً وَعِلْماً } قدم الرحمة على العلم ، لأن المقام للدعاء ، والرحمة مقصودة فيه بالذات ، وإلا فالعلم سابق عليها . قوله : ( من الشرك ) أي إن كان عليهم ذنوب . قوله : { وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ } أي بأن آمنوا . قوله : { وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } أي اجعل بينهم وبينه وقاية تمنعهم منه ، بأن توقفهم لصالح الأعمال . قوله : { وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ } الخ ، أي بأن مات على غير الكفر ، فيدخل فيه أهل الفترة والجنون . قوله : { وَأَزْوَاجِهِمْ } أي زوجاتهم لما ورد : إذا دخل المؤمن الجنة قال : أين أبي ؟ أين أمي ؟ أين ولدي ؟ أين زوجتي ؟ فيقال : إنهم لم يعملوا عملك ، فيقول : إني كنت أعمل لي ولهم ، فيقال : أدخلوهم ، فإذا اجمتمع بأهله في الجنة ، كان أكمل لسروره ولذاته . قوله : ( في وأدخلهم ) أي وهو أولى ، لأنه يسير الدعاء لهم بالدخول صريحاً بخلافه على ( وعدتهم ) فإنه ضمني . قوله : { ٱلسَّيِّئَاتِ } الضمير راجع للآباء والأزواج والذرية . قوله : { يَوْمَئِذٍ } التنوين عوض عن جملة مأخوذة من السياق ، والتقدير : يوم إذ تدخل من تشاء الجنة ، ومن تشاء النار ، وهو يوم القيامة . قوله : { وَذَلِكَ } أي ما ذكر من الرحمة ووقاية السيئات . قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } شروع في ذكر أحوال الكفار بعد دخولهم النار ؛ إثر بيان أنهم من أصحاب النار . قوله : ( وهم يمقتون أنفسهم ) أي يبغضونها ويظهرون ذلك على رؤوس الأشهاد فيقول الواحد منهم لنفسه : مقتّك يا نفسي ، فتقول الملائكة لم وهم في النار : لمقت الله إياكم ، إذ أنتم في الدنيا ، وقد بعث إليكم الرسل فلم تؤمنوا ، أشد من مقتكم أنفسكم اليوم . قوله { لَمَقْتُ ٱللَّهِ } : أي بغضه ، والمراد لازمه وهو الانتقام والتعذيب ، لأن حقيقته محالة في حق الله تعالى . قوله : ( لأنهم نطفاً أموات ) كذا في بعض النسخ بنصب نطفاً على الحال ، والمناسب أن يقول : لأنهم كانوا أو خلقوا نطفاً ، فإن الإمانة إعدام الحياة ، ابتداء أو بعد سبق الحياة .