Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 8-12)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أَمْ يَقُولُونَ } الخ ، ترق في الإنكار ، وانتقال إلى ما هو أشنع . قوله : ( فرضاً ) أي على سبيل الفرض والتقدير . قوله : { فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } أي فهو المتولي أموري ، لا أحد يقدر على دفع ما أصابني منه غيره . قوله : { هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ } أي تخوضون وتقدحون في القرآن بقولكم : هو شعر ، هو سحر ، وغير ذلك . قوله : { كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } أي فيشهد لي بالصدق والبلاغ ، وعليكم بالتكذيب والنكار . قوله : { ٱلرَّحِيمُ } ( به ) المناسب أن يقول : الرحيم بعباده ، ليحسن ترتيب قوله : ( فلم يعاجلكم ) الخ ، عليه . قوله : ( فلم يعاجلكم بالعقوبة ) أي بل أمهلكم لتتوبوا وترجعوا ، عما أنتم عليه ، ففيه وعد حسن بالمغفرة للتائبين ، والرحمة بجميع العباد ، إشارة إلى أن حلم الله ورحمته شاملة لهم ، مع عظم خوفهم . قوله : ( بديعاً ) أشار بذلك إلى أن { بِدْعاً } صفة كحق وحقيق ، وهو من الابتداع والاختراع ، ويصح أن يكون مصدراً على حذف مضاف ، أي ذا بدع ، وقرئ شذوذاً بكسر الباء وفتح الدال جمع بدعة ، أي ما كنت صاحب بدع ، وبفتح الباء وكسر الدال ، وصف كحذر . قوله : { وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } { مَا } استفهامية مبتدأ ، والجملة بعدها خبرها ، وهي معلقة لأدري عن العمل ، فهي سادة مسد مفعوليها ، ولما نزلت هذه الآية ، فرح المشركون والمنافقون وقالوا : كيف نتبع نبياً لا يدري ما يفعل به ولا بنا ؟ وإنه لا فضل له علينا ، ولولا أنه ابتدع الذي يقوله من تلقاء نفسه ، لأخبره الذي بعثه بما يفعله به ، فنسخت هذه الآية ، وأرغم الله أنف الكفار بنزول قوله تعالى { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [ الفتح : 2 ] الآيات ، فقالت الصحابة : هنيئاً لك يا رسول الله ، لقد بين الله لك ما يفعل بك ، فليت شعرنا ما هو فاعل بنا ؟ فنزلت { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } [ الفتح : 5 ] الآية . ونزلت { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً } [ الأحزاب : 47 ] فهذه الآية نزلت في أوائل الإسلام ، قبل بيان مآل النبي والمؤمنين والكافرين ، وإلا فما خرج صلى الله عليه وسلم من الدنيا ، حتى أعلمه الله في القرآن ، ما يحصل له وللمؤمنين والكافرين في الدنيا والآخرة ، إجمالاً وتفصيلاً . قوله : { وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } الحصر إضافي ، أي منذر عن الله ، لا مخترع من تلقاء نفسي ، فلا ينافي أنه بشير أيضاً . قوله : ( ماذا حالكم ) أشار بذلك إلى أن مفعولي { أَرَأَيْتُمْ } محذوفان دلت عليهما الجملة . قوله : ( جملة حالية ) أي وكذا ما بعدها من الجمل الثلاث ، ويصح جعل الجمل الأربعة معطوفات على فعل الشرط ، فقول المفسر فيما يأني بما عطف عليه ، يعني من الجمل الأربع فيه تلفيق ، ويمكن أن يجاب بأن المراد العطف اللغوي . قوله : ( هو عبد الله بن سلام ) وقيل : الشاهد موسى ، وشهادته ما في التوراة من نعته صلى الله عليه وسلم . قوله : ( أي عليه ) أشار بذلك إلى أن مثل صلة . قوله : ( ألستم ظالمين ) المناسب للمفسر تقدير الفاء ، لأن الجملة التي فعلها جامدة ، إذا وقعت جواباً للشرط ، لزمت الفاء . قوله : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الخ ، هذا من جملة قبائح الكفار ، وزعماً منهم أن عز الآخرة تابع لعز الدنيا ، ولم يعلموا أن رحمة الله يخص بها من يشاء ، ولا سيما من لم تكن الدنيا أكبر همه ومبلغ علمه ، ورد أن القائل ذلك جملة من العرب وهم : بنو عامل وغطفان وأسد وأشجع ، ولما أسلم جهينة ومزينة أو أسلم وغفار . قوله : ( أي في حقهم ) أشار بذلك إلى أن اللام بمعنى في ، ويصح أن تبقى على بابها . قوله : { لَوْ كَانَ } ( الإيمان ) الخ ، أشار بذلك إلى أن الضمير في { كَانَ } عائد على ( الإيمان ) ويصح عوده على القرآن أو على الرسول ، وكلها معان متلازمة . قوله : { مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ } التفات من الخطاب إلى الغيبة ، وكان مقتضى الظاهر ما سبقتمونا إليه ، والضمير في { إِلَيْهِ } عائد على ما عاد عليه ضمير { كَانَ } . قوله : { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ } ظرف لمحذوف تقديره زادوا طغياناً ، وليس قوله : { فَسَيَقُولُونَ } عاملاً فيه لأمرين : وجود الفاء . وكون الفعل مستقبلاً ، لأن ما بعد الفاء ، لا يعمل فيما قبلها وبين الماضي ، والاستقبال تضاد ، فإن الفعل مستقبل و { إِذْ } للماضي . قوله : { إِفْكٌ قَدِيمٌ } أي من قول الأقدمين : أتى به هو ونسبة إلى الله تعالى ، فهو كقولهم { أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ الأحقاف : 17 ] . قوله : { وَمِن قَبْلِهِ } خبر مقدم ، و { كِتَابُ } مبتدأ مؤخر ، والجملة حالية أو مستأنفة ، وهو رد لقولهم { هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } والمعنى : لا يصح كونه إفكاً قديماً ، مع كونكم سلمتم كتاب موسى ورجعتم إلى حكمه ، فإن القرآن مصدق لكتاب موسى وغيره ، وفيه قصص المتقدمين من الرسل وغيرهم المتأخرين . قوله : ( حالان ) أي من كتاب موسى . قوله : { مُّصَدِّقٌ } ( للكتب قبله ) أي كتاب موسى وغيره من باقي الكتب السماوية . قوله : ( حال من الضمير في مصدق ) ويصح أن يكون حالاً من { كِتَابٌ } ، و { عَرَبِيّاً } صفة لـ { لِّسَاناً } . قوله : { لِّيُنذِرَ } متعلق بـ { مُّصَدِّقٌ } قوله : { وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ } أشار المفسر بتقدير الضمير إلى أنه خبر لمبتدأ محذوف ، والجملة حالية ، ويصح أن يكون معطوفاً على { مُّصَدِّقٌ } فهو مرفوع بضمة مقدرة منه من ظهورها التعذر ، أو منصوب عطف على محل قوله : { لِّيُنذِرَ } كأنه قال للإنذار والبشارة .