Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 26-26)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ } بدل من الحمية قبلها ، وهي فعلية مصدر يقال : حميت من كذا حمية ، وحمية الجاهلية عدم الإذعان للحق ونصرة الباطل . قوله : { فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ } معطوف على شيء مقدر ، أي فضاقت صدور المسلمين ، واشتد الكرب عليهم ، { فَأَنزَلَ } الخ ، " روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحديبية ، بعثت قريش سهل بن عمرو القرشي وحويطب بن عبد العزى ومكرز بن حفص بن الأحنف ، على أن يعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع من عامة ذلك ، على أن تخلي له قريش مكة من العام القابل ثلاثة أيام ، ففعل ذلك ، وكتبوا بينهم كتاباً ، فقال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، فقالوا : ما نعرف هذا ، اكتب باسمك اللهم ، ثم قال اكتب : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة ، فقالوا : لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت وما قاتلناك ، اكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله أهل مكة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب ما يريدون ، فهم المؤمنون أن يأبوا ذلك ويبطشوا بهم ، فأنزل الله السكينة عليهم ، فتوقروا وحلموا . قوله : ( على أن يعودوا من قابل ) أي وعلى وضع الحرب عشر سنين ، قال البراء : صالحوهم على ثلاثة أشياء : على أن من أتاهم من المشركين مسلماً ردوه إليهم ، ومن أتاهم من المسلمين لم يردوه ، وعلى أن يدخلها من قابل ، ويقيم فيها ثلاثة أيام ، ولا يدخلها بسلاح ، فكتب بذلك كتاباً ، فلما فرغ من قضية الكتاب قال لأصحابه : قوموا وانحروا ثم احلقوا ، فوالله ما قام منهم أحد ، حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلما لم يقم منهم أحد ، لما حصل لهم من الغم ، قام فدخل على أم سلمة ، فذكر لها ما لقي من الناس ، فقالت له : يا نبي الله ، اخرج ولا تكلم أحداً منهم حتى تنحر بدنك ، وتدعو حالقك فيحلقك ، فخرج ففعل ، فلما رأوا ذلك منه قاموا فنحروا ، وجعل يحلق بعضهم بعضاً وروى ثابت عن أنس ، أن قريشاً صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم واشترطوا أن من جاء منكم لم نرده عليكم ، ومن جاء منا ردوه علينا ، فقالوا : يا رسول الله أتكتب هذا ؟ قال : نعم ، إن من ذهب منا إليهم فأبعده الله ، ومن جاءنا منهم ، فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً . روي أنه بعد عقد الصلح ، جاء جندل بن سهل بن عمرو بقيوده قد انفلت ، وخرج من أسفل مكة ، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين ، فقال له سهل : هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده إليّ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنا لم نقض الكتاب بعد ، قال : فوالله إذاً لا أصالحك على شيء أبداً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : فأجره لي ، قال : ما أنا بمجيره لك ، قال : بل فافعل ، قال : ما أنا بفاعل ، ثم جعل سهل يجره ليرده إلى قريش ، فقال أبو جندل : أي معشر المسلمين ، أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً ؟ ألا ترون ما لقيت ؟ وكان قد عذب في الله عذاباً شديداً . وفي الحديث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أبا جندل احتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً ، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً وعقداً ، وإنا لا نغدر ، فقام عكر وتكلم طويل منه ما تقدم لنا عند قوله : { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ثم بعد رجوع رسول الله وأصحابه إلى المدينة ، جاءه أبو بصير عتبة بن أسد من قريش مسلماً ، فأرسلوا في طلبه رجلين ، فسلمه النبي صلى الله عليه وسلم فقتل أحدهما ، وفر عنه الآخر ، فأتى أبو بصير سيف البحر وجلس هناك ، فبلغ ذلك أبا جندل وأصحابه من المستضعفين ، فلحقوا به حتى تكاملوا نحواً من سبعين رجلاً ، فما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا تعرضوا لها ، فقتلوهم وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بصير وأبي جندل ومن معهما فأحضرهم المدينة . " قوله : { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ } أي اختار لهم ، فهو إلزام إكرام وتشريف ، والمراد تقوى الشرك . قوله : ( لا إله إلا الله ) هذه رواية أبي بن كعب ، وقيل إنها : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . وقيل إنها : بسم الله الرحمن الرحيم . قوله : { وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا } أي في علم الله ، لأنه اختارهم لدينه . قوله : ( تفسيري ) أي لاحق بها ، أو الضمير في { بِهَا } لكلمة التوحيد ، وفي أهلها للتقوى .