Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 29-29)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : ( كما قال ) أشار بذلك إلى أن قوله : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ } مؤكد لقوله : { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ } [ الفتح : 28 ] . قوله : ( لا يرحمونهم ) أي لا يرأفون بهم ، وذلك لأن الله أمرهم بالغلظة عليهم ، وقد بلغ من تشديدهم على الكفار ، أنهم كانوا يتحرزون من ثيابهم أن تمس أبدانهم . قوله : { رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } أي فكان الواحد منهم إذا رأى أخاه في الدين صافحه وعانقه . قوله : { تَرَاهُمْ رُكَّعاً } إما خبر آخر أو مستأنف ، والمعنى : أنهم في النهار على الأعداد أسود ، وفي الليل ركع سجود . قوله : ( حالان ) أي من مفعول { تَرَاهُمْ } . قوله : ( مستأنف ) أي واقع في جواب مقدر ، كأنه قيل : ماذا يريدون بركوعهم وسجودهم ؟ فقيل : { يَبْتَغُونَ } الخ . قوله : { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ } اختلف في تلك السيما ، فقيل : إن مواضع سجودهم يوم القيامة ترى كالقمر ليلة البدر ، وقيل : هو صفرة الوجوه من سهر الليل ، وقيل : الخشوع الذي يظهر على الأعضاء ، حتى يتراءى أنهم مرضى وليسوا بمرضى ، وليس المراد به ما يصنعه بعض الجهلة المرائين من العلامة في الجبهة ، فإن من فعل الخوارج ، وفي الحديث : " إني لأبغض الرجل وأكرهه إذا رأيت بين عينيه أثر السجود " قوله : ( من ضميره ) أي من ضمير ما تعلق به الخبر وهو كائنة . قوله : ( المنتقل إلى الخبر ) أي وهو الجار والمجرور . قوله : ( أي الوصف المذكور ) أي وهو كونهم { أَشِدَّآءُ } { رُحَمَآءُ } { تَرَاهُمْ رُكَّعاً } الخ ، { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ } الخ . قوله : { مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ } أي وصفهم العجيب الجاري في الغرابة مجرى الأمثال . قوله : ( مبتدأ وخبره ) أي أن قوله : { مَثَلُهُمْ } مبتدأ خبره قوله : { فِي ٱلتَّوْرَاةِ } والجملة خبر عن ذلك . قوله : { وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ } الخ ، ويصح أن يكون مبتدأ خبره قوله : { كَزَرْعٍ } وحينئذ فيتوقف على قوله : { فِي ٱلتَّوْرَاةِ } ويكونان مثلين ، وعليه مشى المفسر ، ويصح أنه معطوف على { مَثَلُهُمْ } الأول ، وحينئذ فيتوقف على قوله : { ٱلإِنجِيلِ } ويكونان مثلاً واحداً في الكتابين ، وقوله : { كَزَرْعٍ } خبر لمحذوف أي مثلهم كزرع الخ ، وهو كلام مستأنف . قوله : ( بسكون الطاء وفتحها ) أي فهما قراءتان سبعيتان ، والشطء أفراخ النخل ، والزرع أوراقه . قوله : ( فراخه ) بكسر الفاء جمع فرخ كفرع ، لفظاً ومعنى . قوله : ( بالمد ) أي وأصله أأزره بوزن أكرمه ، قلبت الهمزة الثانية ألفاً للقاعدة المعلومة ، وقوله : ( والقصر ) أي فهو من باب ضرب ، وهما قراءتان سبعيتان . قوله : ( غلظ ) أي فهو من باب استحجر الطير . قوله : { عَلَىٰ سُوقِهِ } متعلق باستوى . قوله : { يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ } الجملة حالية ، والمعنى حال كونه معجباً . قوله : ( فكثروا ) هو مأخوذ من قوله : { أَخْرَجَ شَطْأَهُ } . قوله : { فَآزَرَهُ } مأخوذ من قوله : { فَٱسْتَغْلَظَ } وقوله : ( على أحسن الوجوه ) مأخوذ من قوله : { فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ } . قوله : { لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ } تعليل لما دل عليه التشبيه كأن قال : إنما قواهم وكثرهم ليغيظ الخ . قوله : ( لبيان ) أي لا للتبعيض كما زعمه بعضهم . قوله : ( لمن بعدهم ) أي كالتابعين وأتباعهم إلى يوم القيامة . قوله : ( في آيات ) متعلق بما تعلق به قوله : ( لمن بعدهم ) أي كالتابعين وأتباعهم إلى يوم القيامة . قوله : ( في آيات ) متعلق بما تعلق به قوله : ( لمن بعدهم ) والمعنى : وهما ثابتان لمن بعد الصحابة في آيات كقوله تعالى { سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } [ الحديد : 21 ] - إلى قوله - { أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } [ الحديد : 21 ] . - خاتمة - قد جمعت هذه الآية ، وهي قوله : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ } إلى آخر السورة ، جميع حروف المعجم ، وفي ذلك بشارة تلويحية مع ما فيها من البشائر التصريحية ، باجتماع أمرهم ، وعلو نصرهم رضي الله عنهم ، وحشرنا معهم ، نحن والدينا ومحبينا وجميع المسلمين بمنه وكرمه . وهذا آخر القسم الأول من القرآن وهو المطول ، وقد ختم كما ترى بسورتين هما في الحقيقة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وحاصلهما : الفتح بالسيف والنصر على من قاتله ظاهراً ، كما ختم القسم الثاني المفصل بسورتين هما نصره له صلى الله عليه وسلم بالحال على من قصده بالضر باطناً ، ومن أجل ذلك اتخذ العارفون هذه الآية ، ورداً وحصناً منيعاً .