Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 13-13)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ } اختلف في سبب نزول هذه الآية ، فقال ابن عباس : لما كان يوم فتح مكة ، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً حتى علا ظهر الكعبة فأذن ، فقال عتاب بن أسيد بن أبي الفيض : الحمد لله الذي قبض أبي حتى لا يرى هذا اليوم ، وقال الحرث بن هشام : ما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذناً ، وقال سهل بن عمرو : وإن يرد الله شيئاً يغيره ، وقال أبو سفيان : أنا لا أقول شيئاً أخاف أن يخبره رب السماوات ، فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قالوا ، فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، زجراً لهم عن التفاخر بالأنساب ، والتكاثر بالأموال ، والازدراء بالفقراء ، وأن المدار على التقوى ، لأن الجميع من آدم وحواء ، وإنما الفضل بالتقوى ، وقيل : نزلت في أبي هند ، حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني بياضة أن يزوجوه امرأة منهم ، فقالوا لرسول الله : نزوج بناتنا موالينا ؟ وقيل : نزلت في قيس بن ثابت حين قال له رجل : افسح لي ، فقال : إن ابن فلانة يقول : افسح لي ، كناية عن استخفافه به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من الذاكر فلانة ؟ قال ثابت : رأيت أبيض وأسود وأحمر ، فقال : إنك لا تفضلهم إلا بالتقوى ، ونزل فيه أيضاً قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ } [ المجادلة : 11 ] الآية . قوله : ( آدم وحواء ) لف ونشر مرتب . قوله : ( هو أعلى طبقات النسب ) أي فالشعوب رؤوس القبائل ، وسمي شعباً لتشعب القبائل منه . قوله : ( ثم الفضائل آخرها ) أي فالمراتب ست ، وزاد بعضهم سابعة وهي العشيرة ، وكل واحدة تدخل فيما قبلها ، فالقبائل تحت الشعوب ، والعمائر تحت القبائل ؛ والبطون تحت العمائر ، والأفخاذ تحت البطون ، والفصائل تحت الأفخاذ ، والعشائر تحت الفصائل . قوله : ( بكسر العين ) أي وفتحها ، ففيها لغتان ، لكن الأفصح الفتح . قوله : ( ليعرف بعضكم بعضاً ) أي فتصلوا أرحامكم وتنتسبوا لآبائكم . قوله : ( وإنما الفخر بالتقوى ) أي الافتخار المحمود ، إنما يكون على أهل الكفر بترك الشرك والتمسك بالإسلام وشعائره . قوله : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ } أي أعزكم عند الله أكثركم تقوى ، فهي سبب رفعة القدر في الدنيا والآخرة ، وانظر إلى قوله : { أَتْقَاكُمْ } ولم يقل أكثركم مالاً ولا جاهاً ، ولا أحسنكم صورة ، ولا غير ذلك من الأمور التي تفتى . قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ } أي يعلم ظواهركم خبير يعلم بواطنكم ، فلا يخفى عليه شيء . قوله : ( نفر من بني أسد ) أشار بذلك إلى سبب نزول هذه الآية ، وذلك أنهم قدموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة مجدبة فأظهروا الإسلام ، ولم يكونوا مؤمنين في السر ، وأفسدوا طريق المدينة بالعذرات وأعلوا أسعارها ، وكانوا يغدون ويروحون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون : أتتك العرب بأنفسها على ظهور رواحلها ، ونحن جئناك بالأطفال والعيال والذراري ، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان ، يمنون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويريدون الصدقة ويقولون أعطنا ، فنزلت هذه الآية . قوله : ( صدقنا بقلوبنا ) جواب عما يقال : إن الإسلام والإيمان متلازمان ، فأجاب : بأن المنفي هنا الإيمان بالقلب ، والمثبت الانقياد ظاهراً ، فهما متغايران بهذا الاعتبار ، وأما الإسلام والإيمان الشرعيان المعتبران متحدان ما صدقا ، وإن ان مفهومهما مختلفاً ، إذ الإيمان هو التصديق القلبي بشرط التعلق بالشهادتين ، والإسلام الانقياد الظاهري الناشئ عن التصديق القلبي .