Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 1-1)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } العبرة بعموم اللفظ ، وإن كان الخطاب لأهل المدينة . قوله : { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } أي ما عقده الله وعهده عليكم من التكاليف والأحكام الدينية ، ومن هنا قالوا أمور الدين أربعة : الصحة في العقد ، والصدق في القصد ، والوفاء بالعهد ، واجتناب الحد . قوله : ( العهود ) أشار بذلك إلى أن المراد بالعقد ، العقد المعنوي ، وهو العهد المشبه بعقد الحبل ، وقوله : ( المؤكدة ) أخذ ذلك من قوله العقود ، لأن معنى العقد هو العهد المؤكد . قوله : ( التي بينكم وبين الله ) أي كالمأمورات والمنهيات ، فالوفاء بالمأمورات فعلها ، والوفاء بالمنهيات تركها ، ودخل في قوله : ( وبين الله ) العهد الواقع بين العبد وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيجب على الإنسان الوفاء به ، بأن يؤمن به ، ويصدق بما جاء به ، ويعظمه ويحترمه ، ولا يخالف مات أمره به أصلاً . قوله : ( وبين الناس ) أي كالمعاملات : من بيع وشراء ونكاح وطلاق وتمليك وتخيير وعتق ودين ووديعة وصلح ، ومن ذلك أيضاً : احترام المؤمنين وتعظيمهم وعدم غيبتهم وإيذائهم والنميمة والكذب عليهم ، ومن ذلك أيضاً : احترام المؤمنين وتعظيمهم وعدم غيبتهم وإيذائهم والنميمة والكذب عليهم ، ومن ذلك أيضاً : وفاء المريدين بعهود المشايخ على مصطلح الصوفية . قوله : { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ } كلام مستأنف مسوق لبيان امتنان الله علينا ، حيث أحل لنا أشياء لم تكن لليهود ، وبنى الفعل للمجهول للعلم بفاعله وهو الله ، وإضافة بهيمة للأنعام على معنى من كثوب خز ، لأن البهيمة كما في القاموس كل ذات أربع قوائم ، ولو من حيوان الماء أو كل حي لا يميز . قوله : ( بعد الذبح ) مراده ما يشمل النحر ، ولو قال بعد التزكية لكان أشمل . قوله : { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } أي وهو عشرة أشياء ، أولها الميتة ، وآخرها ما ذبح على النصب فقوله : ( الآية ) أي إلى قوله وما ذبح على النصب . قوله : ( فالاستثناء منقطع ) أي لأن ما قبل إلا فيما أحل ، وما بعدها فيما حرم ، وقوله : ( والتحريم لما عرض ) أي فهو كان حلالاً بحسب الأصل ، فهو استثناء حلال من حلال ، هكذا يؤخذ من عبارة المفسر ، وفيه أنه يلزم عليه أن كل استثناء منقطع لأن ما بعد إلا دائماً مخالف لما قبلها ، منقطعاً أو متصلاً ، مع أنهم قالوا أن الاستثناء المتصل أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه ، والمنقطع أن يكون من غير جنسه ، والمخالفة في الحكم لا بد منها على كل ، فالأحسن أن يقال إن الانقطاع من حيث أن المستثنى منه ، والمنقطع أن يكون من غير جنسه ، والمختلفة في الحكم لا بد منها على كل ، فالأحسن أن يقال إن الانقطاع من حيث إن المستثنى لفظ وهو قوله : { مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } المستثنى منه ذات وهو بهيمة الأنعام ، ولا شك أنه من غير جنسه ، ويمكن أن يكون متصلاً بتقدير مضاف ، والتقدير إلا محرم ما يتلى . قوله : { غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ } أي غير محلين للصيد بمعنى معتقدين حله ، وقوله : ( أي محرمون ) أي أو في الحرم ، فيحرم صيد النعام الوحشية ، بل الصيد مطلقاً أنعاماً أو غيرها ، وهو تقييد لقوله : { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ } كأن الله قال أحل الله لكم بهيمة الأنعام كلها ، والوحشية أيضاً ، من الظباء والبقر والحمر ، إلا صيد الوحشي منها أو من غيرها وأنتم محرمون ، فلا يجوز فعله ولا اعتقاد حله . قوله : ( ونصب غير على الحال من ضمير لكم ) أي وقوله : { وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } حال من الضمير في { مُحِلِّي } . قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } كالعلة لما قبله ، أي فالأحكام صادرة من الله على حسب إرادته ، فلا اعتراض عليه ، ولا معقب لحكمه ، وهذا مما يرد على المعتزلة القائلين بوجوب الصلاح والأصلح . قوله : ( أي معالم دينه ) أي العلامات الدالة على دينه من مأمورات ومنهيات ، والمعنى لا تتهاونوا بمعالم دينه ، وقوله : ( بالصيد في الإحرام ) خصه لقرينة ما قبله وما بعده ، وإلا فاللفظ عام كقوله : ( أوفوا بالعقود ) فأولاً أمرنا بالوفاء بها ، وثانياً نهانا عن التفريط والتهاون بالشعائر ، وهي كناية عن معالم الدين والإحلال ، تارة يكون بالفعل أو الاعتقاد .