Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 2-2)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ } هو وما بعده من عطف الخاص على العام ، اعتناء بشأن تلك الأمور . قوله : ( بالقتال فيه ) سيأتي للمفسر أنه منسوخ بآية براءة ، وإن حمل على غير القتال كالظلم مثلاً فليس بمنسوخ ، قال تعالى : { فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } [ التوبة : 36 ] . قوله : ( ما أهدى إلى الحرام ) إن حمل على هدايا الكفار فهو منسوخ بقوله تعالى : { فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا } [ التوبة : 28 ] وبقوله : { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [ التوبة : 5 ] وسبب ذلك " أن رجلاً من ربيعة يقال له الحطم سريح بن هند أتى المدينة وترك خيله وجيوشه ، وجاء رسول الله بنفسه ، وقد كان أخبرهم النبي به فقال : الوجه وجه كافر والقفا قفا غادر ، فلما وصل النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يا محمد ما تأمرنا به ؟ فقال : " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة " فقال حسن إلا أن لي أمراء لا أقطع أمراً دونهم ، ولعلي أسلم وآتي بهم ، فلما خرج استاق جملة من غنم أهل المدينة وإبلهم ، فلما كان في العام القابل ، جاء ومعه تلك الإبل والغنم قد ساقها وهو مع بني بكر ، وهم أصحاب حلف للنبي عليه الصلاة والسلام ، فأحب أصحاب رسول الله أن يأخذوها منه ، فنزلت الآية . قوله : ( أي فلا تعترضوا لها ) أي للقلائد ، وهي ما قلد به من شجر الحرم ، وقوله : ( ولا أصحابها ) أي الهدايا المقلدات ، والنهي عن التعرض للقلائد مبالغة عن التعرض للهدايا على حد ، ولا يبدين زينتهن ، لأنه إذا نهى عن إبداء الزينة ، فما بالك بالجسم الموضع فيه الزينة ، ويحتمل أن معنى قوله أو لأصحابها أي الرجال المقلدين ، لأنهم كانوا في الجاهلية إذا أرادوا الخروج من الحرم ، قلدوا أنفسهم بخشبة من شجر الحرم فلا يعترض لهم ، فتحصل أن المعنى لا تتعرضوا للهدي وإن لم يكن مقلداً ، ولا للقلادة من المقلد ، بل وللمقلد من الهدايا أو الرجال . قوله : { آمِّينَ } أي قوماً آمين . قوله : { يَبْتَغُونَ فَضْلاً } حال من الضمير في آمين . قوله : ( وهذا منسوخ ) أي قوله : ولا الشهر الحرام ، ولا الهدي ، ولا القلائد ، ولا آمين البيت الحرام . وقوله : ( بآية براءة ) أي جنسها ، إذ الناسخ أكثر من آية ، فالمنسوخ ما عدا قوله : { لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ } فليست منسوخة إن حملت على معالم دينه كما تقدم ، وأما إن حملت على شعائر الكفار وإحرامهم ، بمعنى لا تبطلوه ولا تهدموه كان أيضاً منسوخاً ، وليس في المائدة منسوخ غير هذه الآية . قوله : ( أمر إباحة ) دفع بذلك ما يقال إن الأمر يقتضي الوجوب على المحرم إذا حل من إحرامه أن يصطاد . قوله : { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ } هذه الآية نزلت عام الفتح حين تمكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة وأهلها ، فنهاهم الله تعالى عن التعرض للكفار بالقتال والإيذاء ، والمعنى لا تعاملوهم مثل ما كانوا يعاملونكم به ، ولذا ورد أن رسول الله لما دخل مكة قال : " اذهبوا أنتم الطلقاء . أنا قائل لكم كما قال أخي يوسف لإخوته : { لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ } [ يوسف : 92 ] . وبسبب ذلك صاروا مؤمنين ، ولذا قال البوصيري : @ وَلَوْ أنَّ انْتِقَامَهُ لَهَوَى النَّفْـ ـسَ لَدَامَتْ قَطِيعَة وَجَفَاء @@ وقرأ الجمهور بفتح الياء من جرم الثلاثي واختلفوا في معناه ، فقيل معناه لا يكسبنكم ، وقيل معناه لا يحملنكم . قوله : ( بفتح النون وسكونها ) أي فهو مصدر شنئ كعلم فهو سماعي ، ومن المادة قول العرب : مشنوء من ينشؤك ، أي مبغوض من يبغضك ، وقوله تعالى : { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ } [ الكوثر : 3 ] أي باغضك . قوله : ( لأجل ) { أَن صَدُّوكُمْ } أشار بذلك إلى أنه مفعول لأجله ، فهو علة للشنآن ، أي لا يحملنكم بغضكم لقوم لأجل صدهم إياكم عن المسجد الحرام . قوله : { أَن تَعْتَدُواْ } أي بأن تعتدوا وعلى أن تعتدوا ، فمتى أسلموا فهم إخوانكم فلا تتعرضوا لهم . قوله : ( فعل ما أمرتم به ) قال ابن عباس : البر متابعة السنة . قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } في الآية وعيد وتهديد عظيم .