Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 23-26)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قَالَ رَجُلاَنِ } وصفهما بصفتين : الأولى قوله : { مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ } والثانية قوله : { أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا } وهو حسن ، لأن فيه الوصف بالجملة بعد الوصف بالجار والمجرور ، وهو من قبيل المفرد . قوله : ( وهما يوشع ) أي ابن نون وهو الذي نبئ بعد موسى ، وقوله : ( وكالب ) بكسر اللام وفتحها ابن يوقنا . قوله : ( بقية النقباء ) أي الاثني عشر ، وقوله : ( فأفشوه ) أي خبر الجبارين ، وقوله : ( فجبنوا ) أي بنو إسرائيل . قوله : { ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ } أي امنعوهم من الخروج ، لئلا يجدوا في أنفسهم قوة للحرب ، بخلاف ما إذا دخلتم عليهم القرية بغتة ، فإنهم لا يقدرون على الكر والفر . قوله : ( بلا قلوب ) أي قوية نافعة . قوله : ( تيقنا بنصر الله ) أي فإنهما مصدقان بذلك ، لإخبار موسى لهما بذلك . قوله : { وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤاْ } أي بعد ترتيب الأسباب ، ولا تعتمدوا عليها فإنها غير مؤثرة . قوله : { مَّا دَامُواْ فِيهَا } مدة إقامتهم فيها . قوله : { أَنتَ وَرَبُّكَ } قيل إن الواو للعطف ، وربك معطوف على الضمير المستتر في اذهب ، وقد وجد الفاصل بالضمير المنفصل ، قال ابن مالك : @ وَإنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَّصِلٍ عَطَفْت فَافْصل بالضَّمِيرِ المُنْفَصِلِ @@ أي ليذهب ربك ، واختلف في الرب ، فقيل هو المولى جل وعلا ، فإسنادهم الذهاب إليه على حقيقته ، لأنهم كانوا يعتقدون التجسيم ، وقيل المراد به هارون وسموه رباً لأنه كان أكبر من موسى بسنة ، وهو الأحسن ، ويدل عليه السياق ، وقيل الواو للحال ، وربك مبتدأ خبره محذوف تقديره يعينك . قوله : ( لا أملك غيرهما ) إن قلت : إن يوشع وكالب كانا في طاعته أيضاً . أجيب بأنه لم يثق بهما . قوله : { فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا } أي احكم لنا بما نستحقه ، واحكم لهم بما يستحقونه ، وكان الأمر كذلك ، فصار التيه رحمة لموسى وهارون ، وعذاباً على بني إسرائيل . قوله : { أَرْبَعِينَ سَنَةً } يصح أن يكون ظرفاً لقوله : { يَتِيهُونَ } وعلى هذا فهي محرمة عليهم أبداً لأنهم انقرضوا ، وما دخلها إلا من لم يبلغ العشرين حيث الميثاق ، وقيل ظرف لقوله : { مُحَرَّمَةٌ } وعلى هذا فالتحريم مقيد بتلك المدة ، وقيل ظرف لهما معاً . قوله : ( وهي تسعة فراسخ ) أي عرضاً ، وطولها ثلاثون فرسخاً . قوله : { فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ } أي وذلك أنه ندم على دعائه عليهم ، فقيل له لا تأس فإنهم أحق بذلك . قوله : ( ومات هارون وموسى في التيه ) ومات موسى بعد هارون بسنة ، وقيل إن موسى هو الذي ملك الشام ، وكان يوشع على مقدمته ، وعاش فيها زمناً طويلاً ، ومات ولم يعلم له قبر ، وهما طريقتان : قيل إن موسى وهارون توجها إلى البرية ، فمات هارون فدفنه أخوه موسى ، ثم رجع إلى قومه فقالوا قتله لحبنا إياه ، فتضرع موسى إلى ربه ، فأوحى الله إليه أن انطلق بهم إلى هارون فإني باعثه ، فانطلق بهم إلى قبره ، فناداه هارون فخرج من قبره بنفض رأسه ، قال : أنا قتلتك ؟ قال : لا ، ولكنني مت ، قال : فعد إلى مضجعك . وروي أن موسى خرج ليقضي حاجته ، فمر برهط من الملائكة يحفرون قبراً لم ير شيئاً أحسن منه ، ولا مثل ما فيه من الخضرة والنضرة والبهجة ، فقال لهم : يا ملائكة الله لِمَ تحفرون هذا القبر ؟ فقالوا : لعبد كريم على ربه ، فقال : إن هذا العبد لمن الله بمنزلة ما رأيت كاليوم أحسن منه مضجعاً ، فقالت الملائكة : يا صفي الله أتحب ان يكون لك ؟ قال : وددت ، قالوا فانزل واضطجع فيه وتوجّه إلى ربك ، قال : فنزل فاضطجع فيه وتوجه إلى ربه ، ثم تنفس أسهل نفس ، فقبض الله تعالى روحه ، ثم سوت عليه الملائكة التراب ، وقيل إن ملك الموت أتاه بتفاحة من الجنة فشمّها فقبض الله روحه ، ثم سوت عليه الملائكة التراب ، وقيل إنه روي أن ملك الموت جاءه وقال له : أجب أمر ربك ، فلطم موسى علين ملك الموت ففقأها ، فقال ملك الموت : يا رب إنك أ سلتني إلى عبد لا يرد الموت وفقد فقأ عيني ، قال فرد الله تعالى عينه وقال له ارجع إلى عبدي فقل له : الحياة تريد ؟ فإن كنت تريد الحياة ، فضع يدك على متن ثور ، فما وارت يدك من شعره فإنك تعيش بكل شعرة سنة ، قال : ثم ماذا ؟ قال : ثم تموت ، قال : فالآن من قريب ، قال : رب أدنني من الأرض المقدسة رمية حجر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطور عند الكثيب الحمر . ورواية فقء عين ملك الموت متكلم فيها ، وعلى فرض ورودها ، ففقء عين الملك من خصوصيات موسى ، لأن الملك لا تحكم عليه الصورة ، ولا يقال إن هذا جناية حرام ، لأننا نقول إن فقأ عين الصورة المتشكل فيها ، لا الصورة الأصلية ، وقصده بتلك الفعلة نهيه عن أن يأتي للمؤمن في صورة فظيعة ، كما قرره أشياخنا قوله : ( وكان رحمة لهما ) أي وكذا يوشع وكالب ، وذلك كنار إبراهيم ، فإنها جعلت عليه برداً وسلاماً . قوله : ( وعذاباً لأولئك ) أي من حيث السير ، وقد أنعم الله عليهم في التيه بنعم عظيمة ، منها أنهم شكوا لموسى حالهم من الجوع والعري ، فدعا الله تعالى فأنزل عليهم المن والسلوى ، وأعطاهم من الكسوة ما يكفيهم كل واحد على مقدار هيئته ، وشكوا له العطش ، فأتى موسى بحجر من جبل الطور ، فكان يضربه بعصاه فيخرج منه اثنتا عشرة عيناً ، وشكوا الحر ، فأرسل الله عليهم الغمام يظلمهم ، وكان يطلع عمود من نور يضيء لهم بالليل ولا تطول شعورهم ، وإذا ولد لهم مولود كان عليهم الغمام يظلهم ، وكان يطلع عمود من نور يضيء لهم بالليل ولا تطول شعورهم ، وإذا ولد لهم مولود كان عليه ثوب كالظفر ، يطول بطوله ويتسع بقدره . قوله : ( أن يدنيه ) أي يقربه من الأرض المباركة ، أي يدفن بقربها لكونها مطهرة مباركة ، ويؤخذ من ذلك ، أن الإنسان ينبغي له أن يتحرى الدفن في الأرض المباركة بقرب نبي أو ولي ، وإنما لم يسأل الدفن فيها خوفاً من أن يعرف قبره فيفتتن به الناس . قوله : ( بعد الأربعين ) أي مدة التيه . قوله : ( بمن بقي ) أي وهم أولادهم الذين لم يبلغوا العشرين سنة حيث أخذ الميثاق . قوله : ( وقاتلهم ) روي أن الله نبأ يوشع بعد موت موسى ، وأخبرهم أن الله قد أمرهم بقتال الجبابرة فصدقوه وبايعوه ، فتوجه ببني إسرائيل إلى أريحا ومعه تابوق الميثاق ، وأحاط بمدينة أريحا ستة أِهر ، وفتحوها في الشهر السابع ودخلوها ، فقاتلوا الجبارين وهزموهم وهجموا عليهم يقتلونهم ، وكانت العصابة من بني إسرائيل يجتمعون على عنق الرجل يضربونها ، وكان القتال يوم الجمعة ، فبقيت منهم بقية ، وكادت الشمس تغرب وتدخل ليلة السبت ، فقال : الههم أردد الشمس علي ، وقال للشمس : إنك في طاعة الله ، وأنا في طاعة الله ، فسأل الشمس أن تقف ، والقمر أن يقيم ، حتى ينتقم من أعداء الله قبل دخول السبت ، فردت عليه الشمس وزيد في النهار ساعة حتى قتلهم أجمعين ، ثم تتبع ملوك الشام فقتل منهم إحدى وثلاثين ملكاً ، حتى غلب على جميع أرض الشام ، وصارت الشام كلها لبني إسرائيل ، وفرق عمالة في نواحيها ، ثم مات يوشع ودفن بجبل إبراهيم ، وكان عمره مائة وستاً وعشرين سنة ، وتدبيره أمر بني إسرائيل بعد موت موسى سبعاً وعشرين سنة . قوله : ( لم تحبس على بشر ) أي قبل يوشع ، وإلا فقد حبست لنبينا مرتين يوم الخندق ، حين شغل هو وأصحابه عن صلاة العصر حتى غربت الشمس ، فردها الله عليه حتى صلى العصر ، وصبيحة ليلة الإسراء حين انتظر قدوم العير ، وزيد في رواية مرة لعلي بن أبي طالب حين كان النبي نائماً على فخذه ، ولم يكن صلى العصر ، فلما استيقظ حتى غربت الشمس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم علياً في طاعتك وطاعة رسولك ، فاردد عليه الشمس حتى يصلي العصر " قوله : ( ليالي سار ) أي أيام سيره ، أي توجهه لقتالهم .