Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 71-72)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَحَسِبُوۤاْ } سبب هذا الحسبان ، أنهم كانوا يعتقدون أنهم يقربون لكونهم من ذرية الأنبياء ، فلا يضرهم تكذيب الأنبياء وقتلهم إياهم ، بل سلفهم يدفعون عنهم عذاب الآخرة . قوله : ( بالرفع فأن مخففة ) أي واسمها محذوف تقديره أنه ، وقوله : { أَلاَّ تَكُونَ } خبرها ، قال ابن مالك : @ وَإنْ تُخفّف أَنْ فَاسْمَهَا اسْتَكَن وَالخَبَر اجْعَلِ جُمْلَةً مِنْ بَعْدَ أَنْ @@ قوله : ( والنصب ) أي فهما قراءتان سبعيتان . واعلم أن أن إن وقعت بعد ما يفيد اليقين ، كانت مخففة من الثقيلة لا غير ، نحو علم أنه سيكون ، وإن وقعت بعد ما يفيد الظن ، كانت ناصبة لا غير ، نحو { وَظَنُّوۤاْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ } [ التوبة : 118 ] ، وإن وقعت بعد ما يحتملهما كان فيه الأمران كهذه الآية ، فالرفع على تأويل حسب بمعنى علم ، والنصب على تأويلها بالظن . إن قلت : مقتضى هذه القاعدة أن كل ما يفيد الأمرين يجوز فيه الرفع والنصب ، مع أنه لم يسمع في أحسب الناس أن يتركوا الرفع ولا النصب في أفلا يرون أن لا يرجع . أجيب بأن القراءة سنَّة متّبعة ، لأنه ليس كلما جاز نحواً جاء قراءة ، وجملة { أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ } في محل نصب سدت مسد مفعولي حسب على كلا القراءتين عند جمهور البصريين ، وقيل مسد مفعولها الثاني محذوف تقديره حاصلة . قوله : { فِتْنَةٌ } بالرفع فاعل تكون لأنها بمعنى توجد فهي تامة . قوله : { فَعَمُواْ وَصَمُّواْ } معطوف على حبسوا ، وهذه إشارة إلى ما وقع منهم في المرة الأولى من الفساد والقتل في زمن شعياء وأرمياء ، حتى قتلوا شعباء وحبسوا أرمياء ، فسلط الله عليهم بختنصر ، ففرق جمعهم وأسرهم ، وخرب بيت المقدس ، وصاروا في غاية الذل والهوان ، فلما تابوا توجه ملك من ملوك فارس ، فعمر بيت المقدس ، وقتل بختنصر ، وردهم إلى وطنهم ، فكثروا وكانوا أحسن ما كانوا عليه ، فمكثوا ثلاثين سنة ثم عموا وصموا ثانياً وقتلوا زكيرا ويحيى ، وإلى هذه القصة الإشارة بقوله تعالى في سورة الإسراء { لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ } [ الإسراء : 4 ] الآيات ، وهذا هو الصحيح ، فالمراد ببني إسرائيل من كان في زمن شعياء وأرمياء ، لا من كان في زمن موسى وهارون قوله : ( بدل من الضمير ) أي قوله : و { عَمُواْ وَصَمُّواْ } والضمير هو الفاعل ، وهذا هو هروب من تخريج الآية على لغة أكلوني البراغيث فإنها ضعيفة ، ودفع بقوله { كَثِيرٌ مِّنْهُمْ } ما يتوهم أنهم عموا وصموا جميعهم وعطف قوله { ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ } بثم المفيدة للتراخي ، لأن بين التوبة والعمى ثلاثين سنة . قوله : { لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ } وهم اليعقوبية من النصارى ، وهو شروع في ذكر قبائح النصارى بعد ذكر قبائح اليهود . قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ } معنى ذلك عندهم أن الله حل في ذاته عيسى واتحد بها ، قوله : { وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ } الجملة حالية من الواو في قالوا ، وهو رد لما ادعوه من ألوهيته ، أي فلا عذر لهم في تلك الدعوة ، فإن تبرأ منها وبين لهم طريق الهدى . قوله : { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ } كالعلة لقوله : { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } . قوله : ( منعه أن يدخلها ) أي فالمراد بالتحريم مطلق المنع . قوله : { وَمَا لِلظَّالِمِينَ } أي المشركين . قوله : { أَنصَارٍ } أي أعوان يحفظونهم من غضب الله . قوله : ( والآخران عيسى الخ ) هذا وجه في التثليث عندهم ، وهناك وجه آخر عندهم وهو أن الإله مركب من ثلاثة : الأب والابن وروح القدس ، فمرادهم بالأب ذات الله ، وبالابن صفة الكلام ، وبروح القدس الحياة ، فاختلطت صفة الكلام بجسد عيسى كاختلاط الماء باللبن ، وزعموا أن الأب إله ، والابن إله ، والروح إله ، والكل إله واحد . واعلم أن النصارى في اعتقاد التثليث على أربع فرق ، واحدة تقول : كل من ذات الله تعالى وذات عيسى وذات مريم إله ، وأخرى تقول : الإله مجموع صفات ثلاث : الوجود والعلم والحياة وعيسى ابنه ، وأخرى تقول : الإله مجموع ذات وصفتين ، ذات الله ويسمونها الأب وصفة كلامه ويسمونها الابن وصفة الحياة ويسمونها روح القدس ، والكل إله واحد ، وأخرى تقول : الإله مجموع ذاتين وصفة الله وذات عيسى والحياة الحالة في جسد عيسى . قوله : ( وهم فرقة من النصارى ) أي وهم النسطورية والمرقوسية .