Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 51, Ayat: 56-59)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } أي لا لطلب الدنيا والانهماك فيها . قوله : ( ولا ينافي ذلك ) أي الحصر المذكور ، وهو جواب عن سؤال مقدر حاصله : أن الله تعالى حصر الجن والإنس في العبادة ، فمقتضاه أنه لا يخرج أحد عنها ، مع أنه شوهد كثير من الخلف كفر وترك العبادة ، فأجاب المفسر ، بأن اللام للغاية والعاقبة لا للعلة الباعثة ، لأن الله لا يبعثه شيء على شيء ، وقوله : ( فإنك قد لا تكسب به ) اعترض بأن هذا مسلم في أفعال المخلوقين ، لجهلهم بعواقب الأمور ، وأما في حق الله تعالى ، فلا يصح النخلف في فعله ، بل مقتضاه أنه عالم بأنهم سيعبدونه ولا بد ، ولا يمكن تخلفه في البعض ، فالجواب الصحيح أن يقال : إن الله تعالى خلق الخلق ، وجعلهم مهيئين صالحين للعبادة ، بأن ركب فيهم عقلاً وحواس ، وجعلهم قابلين للعبادة والطاعة ، وبعد ذلك اختار لعبادته وطاعته من أحب منهم ، فلا يلزم من الصلاحية للعبادة وقوعها منهم بالفعل ، وقيل : معنى ليعبدون لآمرهم وأكلفهم بعبادتي ، لا ليهتموا بالرزق وينهمكوا في خدمة الدنيا ، وهذا على حد { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } [ البينة : 5 ] وقيل : معناه إلا ليوحدون فالمؤمن يوحده طوعاً ، والكافر يوحده كرهاً ، وقيل : إنه عام أريد به الخصوص ، والمعنى { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } بدليل القراءة الشاذة : وما خلقت الجن والإنس من المؤمنين . قوله : { مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ } ( لي ولا لأنفسهم ) دفع المفسر بقوله : ( لي ) ما يتوهم من عادة سادات العبيد في احتياجهم لمكاسب عبيدهم ، فالمعنى : أن عادة الله سبحانه وتعالى ، ليست كعادة السادات مع عبيدهم ، فإنهم يملكونهم ليستعينوا بهم في تحصيل معايشتهم . قوله : { وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } إن قلت : إن هذا يغني عنه ما قبله . أجيب : بأنه أتى به لدفع توهم ما عليه سادات العبيد الأغنياء ، من احتياجهم للاستعانة بهم في صنع الطعام مثلاً وتهيئته ، ونحو ذلك ، فكأنه قال : شأن ربنا ليس كشأن السادات مع عبيدهم ، فليس محتاجاً لعبيده في تحصيل رزق ولا في صنعه ، لا له ، ولا لغيره ، وهذا من تنزلات الحق سبحانه وتعالى لضعفاء العقول ، وإلا فيستحيل على الله عقلاً تلك الأوصاف ، ولا ينفي في نفس الأمر إلا ما جوزه العقل . قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ } أتى بالاسم الظاهر للتفخيم والتعظيم ، وأكد الجملة بإن ، والضمير المنفصل ، لقطع أوهام الخلق في أمور الرزق ، وليقوى اعتمادهم عليه . قوله : { ٱلْمَتِينُ } العامة على رفعه ، وهو إما نعت للرزق ، أو لذو ، أو خبر بعد خبر ، وقرئ شذوذاً بالجر . قوله : ( الشديد ) أي الذي لا يطرأ عليه ضعف ولا عجز . قوله : { فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } الخ ، أي فلا تحزن على كفر قومك ، وتسل عنهم ، فلا بد لهم من العذاب . قوله : { ذَنُوباً } هو في الأصل الدلو العظيم ، شبه به النصيب من العذاب ، اشارة إلى أنه يصب عليهم كما يصب الذنوب ، قال تعالى { يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ } [ الحج : 19 ] . قوله : { أَصْحَابِهِمْ } أي نظائرهم من الأمم السابقة .