Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 50-55)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } مفرع على ما علم من توحيد الله ، والمعنى : حيث علمتم أن الله واحد لا شريك له ، وأنه الضار النافع ، المعطي المانع ، فالجأوا إليه واهرعوا إلى طاعته ، والفرار مراتب ، ففرار العامة من الكفر والمعاصي إلى الإيمان والطاعة ، وفرار الخاصة من كل شاغل عن الله ، كالمال والولد ، إلى شهود الله والانهماك في طاعته ، فلا يصرف جزءاً من أجزائه لغير الله ، فكما أن الله في خلق العبد واحد ، فليكن العبد في إقباله على ربه واحداص ، بحيث لا يجعل في قلبه غير حب ربه ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون . قوله : ( أي إلى ثوابه من عقابه ) الخ ، حمله على الفرار العام ، لأن أوامر القرآن ونواهيه لعامة الخلق التي من امتثلها فقد زحزح عن النار وأدخل الجنة . قوله : { إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } تعليل لما قبله ، والضمير في { مِّنْهُ } عائد على الله ، والمعنى فروا إليه لأني مخوف لكم منه . قوله : { وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } الخ ، أشار بذلك إلى أن الطاعة لا تنفع مع الإشراك ، ولذا كرر قوله : { إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } فالفائز من جمع بين الطاعة والتوحيد ، والمعنى لا تنسبوا وصف الألوهية لغير الله ، فإنه لا يستحقه غيره . قوله : ( يقدر قبل ففروا قل لهم ) أي فهو مقول لقول محذوف وليس بمتعين ، إذ يصح أن تكون الفاء فصيحة ، والتقدير : إذا علمتم ما تقدم من صفات الله الكمالية { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } كما تقدم . قوله : { كَذَلِكَ } خبر مقدم ، وقوله : { مَآ أَتَى } الخ ، مبتدأ مؤخر ، والمعنى تكذيب الأمم السابقة لأنبيائهم كائن كذلك ، أي كتكذيب أمتك لك كما أفاده المفسر . قوله : { إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } تقدم أن { أَوْ } بمعنى الواو ، وحكمة جمعهم بين الوصفين ، أن خروجه عن عوائدهم وعما عليه آباؤهم ، وعدم مبالاته بالجم الغفير ، اقتضى تسميته مجنوناً ، وإتيانه بالمعجزات التي بهرت عقولهم ، اقتضت تسميته ساحراً . قوله : { أَتَوَاصَوْاْ بِهِ } أي أوصى بعضهم بعضاً بهذه المقالة واجتمعوا عليها . قوله : ( استفهام بمعنى النفي ) أي فهو إنكار تعجبي ، والمعنى ما وقع منهم تواص بذلك ، لأنهم لم يتلاقوا في زمان واحد . قوله : { بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } إضراب عن الاستفهام المتقدم ، وبيان لحقية الباعث لهم على تلك المقالة . قوله : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أي اعرض عن خطابهم وجدالهم . قوله : { فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } أي لا لوم عليك في الإعراض عنهم ، فإنك قد بلغت الغاية في النصح وبذل الجهد ، ولما نزلت هذه الآية ، حزن رسول الله ، واشتد الأمر على أصحابه ، وظنوا أن الوحي قد انقطع ، وأن العذاب قد حضر ، إذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولى عنهم ، وجرت عادة الله في الأمم السابقة ، متى أمر رسولهم بالإعراض عنهم ، حل بهم العذاب فأنزل الله { وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } فسروا بذلك ، ولذلك قيل إنها ناسخة لما قبلها ، ولكن الحق أن ما قبلها منسوخ بآية السيف قوله : { فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } تعليل لقوله : { وَذَكِّرْ } والمعنى لا تترك التذكير ، فربما انتفع به من علم الله إيمانه ، ويؤخذ من الآية أن البلاء لا ينزل بقوم وفيهم المتذكرون لما ورد : إن الله يكلع على عمار المساجد ، فيرفع العذاب عن مستحقيه .