Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 23-28)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : ( ما المذكورات ) أي الأصنام المذكورات من حيث وصفها بالألوهية ، والمعنى ليس لها من وصف الألوهية التي أثبتموها لها إلا لفظها ، وأما معناها فيه خلية عنه ، لأنها من أحقر المخلوقات وأذلها . قوله : ( أي سميتم بها ) دفع بذلك ما يقال : إن الأسماء لا تسمى ، وإنما يسمى بها ، فكيف قال سميتموها ؟ فأجاب : بأن الكلام من باب الحذف والإيصال ، والمفعول الأول محذوف قدره بقول أصنام . قوله : { أَنتُمْ } ضمير فصل أتى به توصلاً لعطف { وَآبَآؤُكُم } على الضمير المتصل في سميتموها على حد قول ابن مالك : @ وإن على ضمير رفع متصل عطفت فافصل بالضمير المنفصل @@ قوله : { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } التفت من خطابهم إلى الغيبة ، إشعاراً بأن كثرة قبائحهم ، اقتضت الإعراض عنهم . قوله : ( مما زين لهم ) بيان لما . قوله : { وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } الجملة حالية من فاعل { يَتَّبِعُونَ } والمعنى : يتبعون الظن وهوى النفس في حالة تنافي ذلك ، هو مجيء الهدى من عند ربهم . قوله : ( بالبرهان ) حال من الهدى والباء للملابسة ، والمراد بالبرهان المعجزات . قوله : { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ } { أَمْ } منقطعة تفسر ببل والهمزة ، والاستفهام إنكاري ، والمعنى : ليس للإنسان ما يتمنى ، بل يعامل بضده ، حيث تتبع هواه وخرج عن حدود الشرع ، فالمراد بالإنسان الكافر ، وهذه الآية تجر بذيلها على من يلتجئ لغير الله طلباً للفاني ، ويتبع نفسه في ما تطلبه ، فليس له ما يتمنى ، قال العارف : @ لا تتبع النفس في هواها إن إتباع الهوى هوان @@ وأما أهل الصدق مع ربهم ، فلهم ما يتمنون وفوق ذلك ، لوعد الله الذي لا يتخلف . قوله : { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } كالدليل ما قبله ، والمعنى : أنه تعالى لا يعطي ما فيهما ، إلا لمن اتبع هداه وترك هواه ، لأنه مالك للدنيا والآخرة . قوله : { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ } الخ ، هذا تقنيط للكفار ، من تعلق آمالهم بشفاعة معبوداتهم لهم . قوله : ( أي وكثيراً من الملائكة ) الخ ، أشار بذلك إلى أن { كَمْ } خبرية بمعنى كثيراً . قوله : ( وما أكرمهم عند الله ) جملة تعجبية ، جيء بها للدلالة على تشريف الملائكة وزيادة تعظيمهم ، ومع ذلك لا تغني شفاعتهم عنهم شيئاً . قوله : { لِمَن يَشَآءُ } أي فيمن يشاء . قوله : ( ومعلوم أنها لا توجد منهم ) راجع لقوله : ( ولا يشفعون ) والقصد من ذلك التوفيق بين الآيتين ، في توقف الشفاعة على الإذن . قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } أي وهم مشركو العرب ، إن قلت : كيف يقال إنهم غير مؤمنين بالآخرة ، مع أنهم يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ؟ أجيب : بأنهم غير جازمين بالآخرة ، بدليل قوله تعالى حكاية عنهم { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ } [ فصلت : 50 ] وإنما اتخذوهم شفعاء على سبيل الاحتمال . وأجيب أيضاً : بأنهم لا يؤمنون بالآخرة على الوجه الذي بينته الرسل . قوله : { تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ } أي تسمية الإناث ، وذلك أنهم رأوا في الملائكة تاء التأنيث ، وصح عندهم أن يقال : سجدت للملائكة ، فقالوا : الملائكة إناث ، وجعلوهم بنات الله لكونهم لا أب لهم ولا أم . قوله : ( بهذا المقول ) أي هم بنات الله . قوله : { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } أي لأنهم لم يشاهدوا خلقهم ، ولم يسمعوا ما قالوه من رسول الله ، ولم يروه في كتاب ، بل عولوا على مجرد ظنهم الفاسد ، ولو أذعنوا للقرآن وللنبي ، لأفادهم صحة التوحيد ونفعه . قوله : ( أي عن العلم ) أشار بذلك إلى أن من بمعنى عن ، والحق بمعنى العلم . قوله : ( فيما المطلوب فيه العلم ) أي في الأمر الذي يطلب فيه العلم وهو الاعتقاديات ، بخلاف العمليات ، فالظن فيها كاف ، لاختلاف الأئمة في الفروع الفقهية ، فتحصل أن الأمور الاعتقادية ، كمعرفة الله تعالى ، ومعرفة الرسل وما أتوا به ، لا بد فيها من الجزم المطابق للحق عن دليل ، ولا يكفي فيها الظن ، وأما الأمور العملية كفروع الدين ، فيكفي فيها غلبة الظن .