Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 1-5)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { ٱلرَّحْمَـٰنُ } إما خبر مبتدأ محذوف أي الله الرحمن ، أو مبتدإ خبره محذوف ، أي الرحمن ربنا ، وهذا الوجهان على القول بأن { ٱلرَّحْمَـٰنُ } آية مستقلة ، وأما على أنه ليس آية مستقلة ، فالرحمن مبتدأ ، وخبره { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } وسبب نزولها : أنه لما نزل { ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ } [ الفرقان : 60 ] قال كفار مكة : وما الرحمن ؟ فأنكروه وقالو : لا نعرف إلى الرحمن إلا رحمن اليمامة ، فنزلت رداً عليهم ، وفيها رد عليهم أيضاً حيث قالوا : { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [ النحل : 103 ] فأفاد أن الذي يع لمه هو الرحمن لا غيره ، وافتتح هذه السورة بلفظ { ٱلرَّحْمَـٰنُ } إشارة إلى أنها مشتملة على نعم عظيمة ، وذلك لأن الرحمن هو المنعم بجلائل النعم كماً وكيفاً ، ولذا ذكر قوله : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 13 ] إحدى وثلاثين مرة فيها . قوله : { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } إما من التعليم وهو التفهيم أي عرفه ، فالقرآن مفعول ثان ، والأول محذوف قدره المفسر بقوله : ( من شاء ) أي من عباده إنساً وجناً وملكاً ، وقدره بعضهم محمداً أو جبريل ، رداً على المشركين في قولهم { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [ النحل : 103 ] والأول أولى لعمومه أو من العلامة ، والمعنى : جعله علامة وآية يعجز بها المعارضين ، وقدم تعليم القرآن على خلق الإنسان ، مع أنه متأخر عنه في الوجود ، لأن التعليم هو السبب في إيجاده وخلقه . قوله : { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } هذه الجملة والتي بعدها خبران عن الرحمن أو حالان ، وترك العاطف منهما لشدة الاتصال . قوله : ( أي الجنس ) أي الصادق بآدم وأولاده ، وحينئذ فالمراد بالبيان النطق الذي يتميز به عن سائر الحيوان ، وهذا أحد أقوال في تفسير الإنسان ، وقيل : هو محمد صلى الله عليه وسلم لأنه الإنسان الكامل ، والمراد بالبيان علم ما كان وما يكون وما هو كائن ، وقيل : هو آدم عيه السلام ، والمراد بالبيان أسماء لكل شيء ، ما وجد وما لم يوجد بجميع اللغات ، فكان يتكلم بسبعمائة ألف لغة أفضلها العربية . قوله : { بِحُسْبَانٍ } متعلق بمحذوف خبر المتبدإ الذي هو { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } تقديره ( يجريان ) . قوله : ( بحساب ) أشار بذلك إلى أن قوله : { بِحُسْبَانٍ } مصدر مفرد بمعنى الحساب ، كالغفران والكفران ، ويصح أن يكون جمع حساب ، كشهاب وشهبان ، ورغيف ورغفان ، والمعنى : أن الشمس والقمر يجريان في بروجهما ومنازلهما بمقدار واحد ، لا يتعديانه لمنافع العباد ، على حسب الفصول والشهور القمرية والقبطية ، من مبدإ الدنيا لمنتهاها .