Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 21-23)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } أي سارعوا مسارعة المستابقين إلى ما يوجب المغفرة وهي التوبة من الذنوب ، وإلى ما يوجب الجنة وهو فعل الطاعات . قوله : { كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } أي أن السماوات السبع والأرضين السبع ، لو جعلت صفائح ، وألزق بعضها إلى بعض ؛ لكان عرض الجنة في عرض جميعها ، قال ابن عباس : يريد أن لكل واحد من المطيعين جنة بهذه السعة ، وقيل : إن ذلك تمثل للعباد بما يعقلونه ويعرفونه ، وأكثر ما يقع في نفوسهم مقدار السماوات والأرض ، فشبه عرض الجنة بما تعرفه الناس ، روي أن جماعة من اليهود ، سألوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالوا له : إذا كانت الجنة عرضها ذلك فأين النار ؟ فقال لهم : أرأيتهم إذا جاء الليل أين يكون النهار ؟ وإذا جاء النهار أي يكون الليل ؟ فقالوا : إن مثلها في التوراة . قوله : ( والعرض السعة ) جواب عما يقال : إنه ذكر العرض ولم يذكر الطول . فأجاب المفسر : بأنه لم يرد بالعرض ما قابل الطول ، بل أراد به السعة . وأجيب أيضاً : بأنه ترك ذكر الطول تعظيماً لشأنها ، لأنه إذا كان هذا شأن العرض فالطول أعظم ، لأن العرض أقل من الطول . قوله : { ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ } أي الموعود به من المغفرة والجنة . قوله : { مِن مُّصِيبَةٍ } { مِن } زائدة في فاعل { أَصَابَ } وعهد زيادتها حيث وقعت في جملة منفية ، ومجرورها نكرة . قوله : { فِي ٱلأَرْضِ } يصح أن يكون متعلقاً بأصاب ، أو بمحذوف صفة لمصيبة ، أو بنفس مصيبة . قوله : ( بالجدب ) أي وغيره كالعاهة والزلزلة . قوله : { إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ } حال من { مُّصِيبَةٍ } لتخصصها بالوصف . والمعنى مكتوبة في كتاب . قوله : { مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ } الضمير عائد على المصيبة . قوله : ( ويقال في النعمة كذلك ) أي ما حصل للخلق نعمة في الأرض كالمطر ؛ ولا وفي أنفسكم كالصحة والولد ، إلا مكتوبة في اللوح المحفوظ ، من قبل أن يخلقها الله ، أشار المفسر بهذه العبارة ، إلى أن في الآية حذف الواو مع ما عطفت ، بدليل التعليل الآتي في قوله : { لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ } ويصح أن يراد بالمصيبة جميع الحوادث من خير وشر ، وعلى ما مشى عليه المفسر ، من أن المراد بالمصيبة الشر ، فخصها بالذكر لأنها أهم على البشر . قوله : { إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } أي سهل لا مشقة فيه ولا تعب ، بل هو بقول كن . قوله : ( كي ناصبة للفعل ) أي بنفسها لدخول اللام عليها ، ولذا قال بمعنى أن . قوله : ( أي أخبر تعالى ) أشار بذلك إلى أن اللام حرف جر متعلقة بمحذوف . قوله : { تَأْسَوْاْ } مضارع منصوب بحذف النون ، والواو فاعل ، وأصله تأسيون تحركت الياء وانفتح ما قبلها ، قلبت ألفاً فصار تأساون ، فالتقى ساكنان الألف والواو التي هي الفاعل ؛ حذفت الألف لالتقاء الساكنين ، فصار وزنه تفعون ، ومصدره أسى ، وفعله أسى كجوى جوى ، فقول بعض النحاة والتقدير لأجل عدم إساءتكم صوابه أساكم ، لأن مصدره أسى لا إساءة . قوله : ( تحزنوا ) أي حزناً يوجب القنوط ، وإلا فالحزن الطبيعي لا ينفك عنه الإنسان كالفرح الطبيعي . قوله : ( بل فرح شكر على النعمة ) أي فالمنهي عنه الحزن الموجب للجزع والقنوط ، والفرج الموجب للبطر والأشر وعدم شكر النعمة ، وأما الفرح والحزن الطبيعيان فلا محيص للشخص عنهما ، ولكن يسلم أمره لله ، ويرجع في جميع أموره لمالكه وسيده ، فالمقصود من هذه الآية بيان الخير والشر بيد الله ، مقدر كل منهما في الأزل يجب الرضا به . قوله : { بِمَآ آتَاكُمْ } أي لأنه مقدر لكم . قوله : ( وبالقصر ) هما قراءتان سبعيتان . قوله : ( جاءكم منه ) أي من الله . قوله : { كُلَّ مُخْتَالٍ } أي معجب بنعم الله عليه . قوله : ( بما أوتي ) أي من النعم . قوله : { فَخُورٍ } ( به على الناس ) أي كثير الفخر بما أعطيته من النعم على الناس .