Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 1-1)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ } الخ ، { قَدْ } للتحقيق والمراد بسماع قولها إجابة مطلوبها ، بأن أنزل حكم الظهار على ما يوافق مرادها . قوله : { فِي زَوْجِهَا } أي شأنه . قوله : ( وكان قال لها أنت علي كظهر أمي ) شروع في سبب نزول هذه الآيات ، وأجمل المفسر في القصة وحاصلها تفصيلاً : " أنه روي أنها كانت حسنة الجسم ، فدخل عليها زوجها مرة ، فرآها ساجدة في الصلاة ، فنظر إلى عجيزتها فأعجبه أمرها ، فلما انصرفت من الصلاة طلب وقاعها فأبت ، فغضب عليها وكان به لمم ، فأصابه بعض لممه فقال لها : أنت علي كظهر أمي ، ثم ندم على ما قال ، وكان الظهار والإيلاء من طلاق أهل الجاهلية ، فقال : ما أظنك إلا قد حرمت علي ، فقالت : والله ما ذاك طلاق ، فأتت رسوله الله صلى الله عليه وسلم وعائشة تغسل شق رأسه فقالت : يا رسول الله إن زوجي أوس بن الصامت تزوجني ، وأنا شابة غنية ذات أهل ومال ، حتى إذا أكل مالي ، وأفنى شبابي ، وتفرق أهلي ، وكبر سني ، ظاهر مني وقد ندم ، فهل من شيء يجمعني وإياه تنعشني به ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حرمت عليه ، فقالت : يا رسول الله والذي أنزل عليك ما ذكر الطلاق ، وإنه أبو ولدي وأحب الناس إليّ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حرمت عليه ، فقالت : أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي ، قد طالت له صحبتي ، ونفضت له بطني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا ما أراك إلا قد حرمت عليه ، ولم أومر في شأنك بشيء ، فجعلت تراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : حرمت عليه هتفت وقالت : أشكو إلى الله فاتقي ووحدتي وشدة حالي ، وإن لي صبية صغاراً ، إن ضممتهم إلي جاعوا ، وإن ضممتهم إليه ضاعوا ، وجعلت ترفع رأسها إلى السماء ، وتقول : اللهم أشكو إليك ، اللهم فأنزل على لسان نبيك فرجي ، فكان هذا أول ظهار في الإسلام ، فقامت عائشة تغسل شق رأسه الآخر ، فقالت : انظر في أمري جعلني الله فداك يا رسول الله ، فقالت عائشة : اقصري حديثك ومجادلتك ، أما رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ كان إذا نزل الوحي ، أخذه مثل السبات أي النوم ، لما قضى الوحي قال : ادعي لي زوجك ، فدعته فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا } الآيات إلى قوله : { وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } " . وروى الشيخان عن عائشة قالت : " الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة خولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمته ، وأنا في جانب البيت ، وما أسمع ما تقول ، فأنزل الله { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } الآيات ، فقال صلى الله عليه وسلم لزوجها : هل تستطيع العتق ؟ فقال : لا والله ، فقال : هل تستطيع الصوم ؟ فقال : لا والله ، إني أن أخأطني الأكل في اليوم مرة أو مرتين ، كلَّ بصري ، وظننت أني أموت ، قال : فأطعم ستين مسكيناً ، قال : ما أجد إلا أن تعينني منك بمعونة وصلة ، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشرة صاعاً ، فتصدق بها على ستين مسكيناً " . وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بها في زمن خلافته ، وهو على حمار والناس حوله ، فاستوقفته طويلاً ووعظته وقالت : يا عمر قد كنت تدعى عميراً ، ثم قيل لك يا عمر ، ثم قيل لك يا أمير المؤمنين ، فاتق الله يا عمر ، فإنه من أيقن بالموت خاف الفوت ، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب ، وهو واقف يسمع كلامها ، فقيل له : يا أمير المؤمنين ، أتقف لهذه العجوز هذا الموقف ؟ فقال : والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره ، لا زلت إلا للصلاة المكتوبة ، أتدرون من هذه العجوز ؟ هي خولة بنت ثعلبة ، سمع الله قولها من فوق سبع سماوات ، أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر ؟ قوله : ( عن ذلك ) أي عن حكمه ، هل هو فراق أو لا ؟ قوله : ( فأجابها بأنها حرمت عليه ) أي وجوابه التحريم ، دال على استمرار الحرمة التي كانت في الجاهلية ، لأنه لا ينطبق عن الهوى . قوله : ( وهي خولة بنت ثعلبة ) أي ابن مالك الخزرجية . قوله : ( وهو أوس بن الصامت ) أي أخو عبادة من الصامت . قوله : { وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } أي تتضرع إلى الله . قوله : ( وفاقتها ) أي فقرها ، وقوله : ( وصبية ) الجمع لما فوق الواحد ، لأنهما كانا ولدين . قوله : ( ضاعوا ) أي من عدم تعهد الخدمة ، وقوله : ( جاعوا ) أي من عدم النفقة لفقرها ، ولعل نفقة الأولاد ، لم تكن إذ ذاك واجبة على أبيهم . قوله : { وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ } استئناف جار مجرى التعليل لما قبله . قوله : ( تراجعكما ) أي فالمحاورة المراجعة في الكلام . قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } تعليل لما قبله .