Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 20-24)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { لاَ يَسْتَوِيۤ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } أي الذين نسوا الله ، فاستحقوا الخلود في النار . قوله : { وَأَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ } أي الذين اتقوا الله ، فاستحقوا الخلود في الجنة . قوله : { أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } هذا كالتذليل لقوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } [ الحشر : 18 ] الخ ، وذلك لأن الله تعالى ، لما أمر المؤمنين بالتقوى والنظر في العواقب والعمل النافع ، ونهاهم عن الغفلة والتشبيه بمن نسي طاعة الله ، ذيله بما يرغبهم في طاعة الله ويقربهم اليه زلفى . قوله : ( وجعل فيه تمييز كالانسان ) المقصود من هذا الكلام ، التنبيه على قساوة قلوب الكفار وغلظ طبائعهم ، وفيه رمز لمن قل خشوعه عند تلاوة القرآن ، وأعرض عن تدبره ، ولم يأتمر بأوامره ، ولم ينته بنواهيه ، فالواجب التدبر في القرآن ، الخشوع عند قراءته ، فإنه لا عذر في ترك ذلك ، إذ لو خوطب بهذا القرآن الجبال ، مع تركيب العقل فيها ، لانقادت لمواعظه ، ولرأيتها خاشعة مشفقة من خشية الله . قوله : ( المذكورة ) أي في هذه السورة أو في سائر القرآن . قوله : { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي } الخ ، لما وصف الله تعالى كلامه بالعظم ، ومن المعلوم أن عظم الصفة تابع لعظم الموصوف ، أتبع ذلك بوصف عظمه تعالى فقال : { هُوَ } أي الذات المتصفة بالكمالات أزلاً وأبداً الواجبة الوجود ، وقوله : { ٱللَّهُ } خبر عن { هُوَ } وقوله بعد ذلك : { ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } إما خبر ثان أو صفة للفظ الجلالة ، وذكر لفظ الجلالة بعد الهوية ، لأن الهوية هي الذات ، والجلالة اسم الذات ومظهرها . قوله : { ٱلْمَلِكُ } أي المتصرف في خلقه بالايجاد والاعدام . قوله : { ٱلْقُدُّوسُ } أي المنزه عن صفات الحوادث ، وأتى به عقب الملك ، لدفع توهم أنه يطرأ عليه نقص كالملوك . قوله : { ٱلسَّلاَمُ } أي الذي يسلم على عباده المؤمنين في الجنة ، وعلى الأنبياء في الدنيا ، أو السالم من كل نقص ، أو المؤمن من المخاوف والمهالك . قوله : ( المصدق رسله بخلق المعجزة لهم ) أي وأولياءه بالكرامات ، وعباده المؤمنين على إيمانهم وإخلاصهم ، لأنه لا يطلع على الإخلاص إلا هو . قوله : ( أي الشهيد على عباده ) وقيل معناه المطلع على خطرات القلوب . قوله : ( القوي ) أي فهو من عز بمعنى غلب وقهر ، فيكون من صفات الجلال ، ويصح أن يكون من عز بمعنى قل ، فلم يوجد له نظير ، فهو من صفات السلوب . قوله : ( جبر خلقه على ما أراد ) أي من إسلام وكفر وطاعة ومعصية ، فإذا أراد أمراً فعله ، لا يحجزه عنه حاجز ، فهو من صفات الجلال ، ويصح أنه مأخوذ من الجبر بمعنى الإصلاح ، كقولهم : جبر الطبيب الكسر أي أصحله ، فيكون من صفات الجمال . قوله : { ٱلْمُتَكَبِّرُ } من الكبرياء وهي التعالي في العظمة ، وهي مختصة به تعالى لما في الحديث القدسي : " الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحدة منهما قصمته ، ثم حذفته في النار " . قوله : ( عما لا يليق به ) أي من صفات الحدوث . قوله : { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أتى بالتسبيح عقب قوله : { ٱلْمُتَكَبِّرُ } إشارة إلى أن هذا الوصف مختص به ، وينزه سبحانه عن مشاركة الغير له . قوله : { هُوَ ٱللَّهُ } كرر الهوية لأنها حقيقة الذات المتصفة بالكمالات ، فما يذكر بعدها من الصفات فهو كشف لها . قوله : { ٱلْخَالِقُ } أي الموجد للمخلوقات من العدم . قوله : ( المنشئ ) أي المبدع للأعيان المبرز لها . قوله : { ٱلْمُصَوِّرُ } أي المبدع للأشكال على حسب إرادته ، فأعطى كل شيء من المخلوقات ، صورة خاصة وهيئة منفردة ، يتميز بها على اختلافها وكثرتها . قوله : ( مؤنث الأحسن ) أي الذي هو أفعل تفضيل لا مؤنث أحسن المقابل لامرأة حسناء ، ووصفت بالحسنى لأنها تدل على معان حسنة ، من تحميد وتقديس وغير ذلك ، ووصف الجمع الذي لا يعقل بما توصف به الوحدة وهو فصيح ، ولو جاء على المطابقة لقال الحسن بوزن آخر ، ويصح ان يراد من الحسنى المصدر ، ويقال فيه ما قيل في زيد عدل ، ووصف الجمع به ظاهر لأنه لا يثنى ولا يجمع . قوله : { يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } الخ ، ختمها بالتسبيح كما ابتدأها به ، إشارة إلى أنه المقصود الأعظم والمبدأ والنهاية ، وأن غاية المعرفة بالله تنزيهه عما صورته العقول .